المقدِّمة

0


حَمَــلــتُ يراعـتي لا حُــــــبَّ تِـــيــــــْــهٍ
و لا مِـنْ شُــــهــرةٍ نَــفْــسي تمــــــيــــلُ

و لَيســَـتْ رَغـبَـتي في جَمــْـعِ مـــــــــالٍ
و لا في مـَــنــــصِــــبٍ هــذا السَّـبـــيـــلُ

فــــلـمَّــا أن رأيـــتُ الشِّـــعـرَ فـِـيـنـــــا
اسـتــجــارَ وقـالَ : "عـثرتـَنــا تــُقـيـلُ  ؟!"

اسـتــجـارَ الشِّعرُ فــيـنـــــا قــــال :" ربِّي
فــَـدَيـتـُــكَ ... إنَّ لي مجــــدٌ أصــيــــلُ

فـَــدَيــتُـكَ ... شــيـخَ قافـيــةٍ ... و ربـــَّـاً
لـِعَـرشِ الشِّـعرِ ... ذا السَّـيـــفُ الصَّــقــيـلُ

فَـــدَيــــتُــكَ ســــيِّــدي هـذي الـقـوافي
عَمــــودُ الشِّـعرِ ... و الحِمـْـلُ الــثَّــقــيـلُ

فـَــدَيـتُــكَ... بَـعـدَ شوقيٍّ أطَـــــاحُــــوا
بـِــعــرشِ الشِّــعـرِ ... و تـعــالى الــذَّلـيــلُ

فـَــدَيــتُــكَ... ذاك شـِعرُهُمُ قـــَــبــيـــحٌ
وَضِــــيـعٌ ... مُـــقــرِفٌ ... دَنِسٌ ... رذيــلُ

فــَـدَيـــتـُـكَ ســيِّــدَ الشُّـــعــراءِ ... ربِّي
و قـــــبــلَ الـبــدءِ ... لا الملـكُ الضَّــلـيـلُ

فــَـدَيــــتـُــكَ ســـيِّــدَ الشُّــعـراءِ ... ربِّي
فــهـــذا الأصمـَــعيْ ... هـــذا الخـَـلـيــلُ

فــَـدَيــتـُـكَ ســيِّــدَ الشُّـــعـــراءِ ... ربِّي
لـِــبـَــيــتِ الـعِــزِّ و الشَّــــرفِ السَّلـيــلُ

فجـــدُّكَ ســيـِّـدي صِــــدِّيــقُ أحمــــد
و جـَـــــدُّكَ صـــادقٌ شـــيـــخٌ جلــيــلُ

أيـــَــا ابنَ أبي قحُافَـةَ يا ابـنَ مجـــدٍ
أَيــَا اْبــْـنَ نزارَ يــا نــِـعــمَ الخـَلـيـلُ"

***
حمـلـتُ يــراعـتي لا حُـــبَّ تِـــــيـْـــهٍ
و لا مِــــــنْ شُــــهـرةٍ نَــفْــسي تمـيــلُ

صـَـــدى صـَـوتي سـيـبــــلـُـغُ كُلَّ سَمْعٍ
بـِــــهِ يُخــــفى الــنُّــواحُ... كذا الـعويــلُ

صـَــــــدى صَـوتي سيدخـُلُ كُلَّ قـلــبٍ
فـــَـــتَربــُــو الـنـّفسُ... بـل يَحَيا القتـيـلُ

و ذا سهمي ... بـــِـهِ أرمي عـــَــــــدوُّي
و ذا عــَـوني ... أُعـينُ بـِـــهِ أُعـــــيـــلُ

و ذا قـلــبي ، خـــُـــذي قلبي دمشـــقُ
و ذا خـــــيـــلي- فـَذيّــــَاكِ – الأصـــيـلُ

فــــذاكِ هـــــــديَّـــتي يــــا شــــامُ فخَــــــراً
تـُــــرائي الـــعُــربَ ... لـــلــــوَردِ السَّـبـــيــلُ

تـــُـــــرائي الــعُــربَ يــا ظِـــــئراً لـِــعُــربٍ
تـُـــــبـــاهي الخــلـقَ بــابــــنٍ لا يمــــيــــلُ

و يمــــحـقُ في دمشــــقَ الشـَّـــــامِ هـــامــــاً
ذَلــــيـــلاً ... فـــَـهـْــوَ لـلـعـــزِّ الدَّلــيـــــــلُ

ألا يــــــا فخـــرَ أُمّــَــتِـــنَـــا دمشــــــــــقُ
ألا فـــَـــلــــيُرفــَــــعِ الـــهـامُ الجـَـلـــيـــــلُ

و فــــوقَ حـُصـــونـِكِ الفـــيــحـاءِ بِــيــضَـــــاً
و فـَـــــوقَ رُبــــَــــــــاكِ راياتٍ تــَصـــُـــــولُ

و في الشَّــــاغـــورُ أقـــواســاً ... سِــهــامَــاً
و في المــَـيـــدانِ أَفـــْــــرَاسي تَجـــــــولُ

***

فــَــديـتــُــــكَ قــــد حَمَـــلتَ الـــوِزرَ عــنـَّــا
فــــغـاضـَـــتْ بـــَـــعـــدَ أن فاضَتْ سـُـيـُــولُ

فــَـــديــتــُــــكَ قــــد حمــلتَ الـــوِزرَ عــنـَّـا
مــــــتى بـــــــردى لـذَيـَّـــاكُم تـُــزيــــلُ ؟!


مــتى بــــــردى يـــــزولُ الـــبــأسُ عــنَّـــا
مـــــــتى يــا حـُـــــبُّ لـلـدُّنــــيــــا تـَـؤُولٌ ؟!

مـــــــتى يـا حـُــــبُّ في أحــضــــــــانِ أُمٍّ
تـَــــعــــودُ ؟ وفي الـــرُّبى تِــلـكُم تَســيـــلُ ؟!

مـتى يـا حــُــبُّ تي الروضــــــــــــاتِ تحيا ؟
مـــــــتى يــــا حـُـــبُّ ذا همي تــــقـــيـلُ ؟!

* * *

ألا يـا غــــــوطـــةَ الفــــيـــحــاءِ دمــعــــاً
فــــــديــــتـُــك ... و الـــــبـُــكا منِّي يطـــولُ

على شــُـــبـَّــانِ غــُــوطــَـتِـــــــنـَـا... وَحيٍّ
و شَــــــامـَــــات الشَّـــآمِ ... و ذا الــعــويــلُ

أفـِــتْـــيَـــــانَ الشـَّـــآمِ: لـــكم سَــــــــلامي
عــلــيــكُم ذا البـُـــكـا ... قــومــوا فَصُـــولـُــوا

أفِـــتـْــيـَــــان الشــَّـــآمِ : لــكم كـَـــــــلامي
أفـيــقُـوا ... قــــــد غــَـوى جِـيـلٌ فجَــِــيــلُ

أفـيـقـُوا إِخــوَتي ... بــالله هُـــــــــــــــــبُّـوا
عَلام سـبـــاتـــكم هـــــــذا الـــــطـــــويـــل؟!

***
 


مع تحيات الموقع الرّسمي للأستاذ ابن نزار الدمشقي

منطق جديد

0

و أعَدْتُ طَرْحَ المسألة
و غرِقتُ في التَّفكيرِ صُبحاً
باكتناهِ المُعضِلةْ
و مُجَنِّباً حُبِّي لكِ
 و هو الأساسُ المُشكِلَة
و سَرَدْتُ أشعارَ التَّغزُّلِ
و الدَّواوينَ التي
بجمالِكِ الأخَّاذِ كانت
أو حديثَ الحُبِّ فجراً
من شفاهِكِ أنهَلُه
أو مِن أحاديثِ السَّحَرْ
و سَبحتُ في سُكرِ الفؤادْ
و طفِقتُ في جَمْعِ الحصادْ
و كناثرٍ في مَجمَرٍّ ذرَّاتِ رملٍ أو رمادْ
في حُبِّها ما أدخَلَه
في حُبِّها ما أعجَلَه
***
أضحيتُ أحسِبُ واقعيَّاً
منطِقيَّاً
مثلَ تفكيرِ البشرْ
فوجدتُني و كمِثلِ ثوراتِ الشُّعوب
إذا رَجَعتُ لكُنتُ غفلاً
أحمقاً أو مخفِقاً ما أجهلًه
***
و أكرِّرُ التَّسآلَ فيكِ تعجُّباً
كيفَ الرُّجوعُ
أو المضيُّ بغيرِكِ المجهولِ قُدْمَاً
أم كيفَ أحيا في حياةٍ
لو أشاءُ بغيرِكِ قد كنتُ أحيا
لكنَّني أضحيتُ في بَلَهٍ أقول
:"كيف السَّبيلْ
و لقد تعبتْ
لا لا وربِّي ما مَلَلتْ
لكنَّني في حُبِّكِ الغالي تعبتْ
كيفَ السَّبيلُ فديتُكِ
كيفَ السَّبيلْ
كيفَ السَّبيلُ
و كلُّ ما حولي لكِ
و كلُّ ما مِلكي لكِ
حتَّى السَّميرُ أو الرَّفيقْ
حتَّى الجدارُ أو الطَّريقْ
حتَّى الزَّفيرُ أو الشَّهيقْ
حتَّى كؤوسُ الشَّايِ في بيتي لكِ
حتَّى فناجينِي لكِ
و لُفافةُ التَّبغِ لكِ
حتَّى مفاتيحي لكِ
حتَّى أنا بِتُّ لك
***
فلتحسَبي أنِّي أوافِقُ
أن أزوَّجَ بنتَ ذاكَ الشِّيخِ في الميدانِ
أو مِن آلِ ذاكَ التَّاجِرِ المشهورِ 
في الحمراءِ أو
تلكَ الطَّبيبةْ الماهِرَةْ
فلتحسبي أنِّي قبِلْتْ
و أنَّني رُحتُ الخطيبَةَ للسَّمَرْ
أو أنَّنا رُحنا نُرفِّهُ
في الرُّبا أو في الحقولْ
أو نشتري بعضَ الفطائِرِ و العصيرْ
أو نكتري سيَّارةً
و بها نُسافِرُ أو نسيرْ
أرجوكِ قولي
ما أحدِّثُها
و كيفَ أُرَتِّلُ الأشعارَ أو نقرا الكُتُبْ
إذ كلُّ ما ألَّفتُ
أو صنَّفتُ
أو غنَّيتُ
كانَ بِحُبِّكِ
قولي لي كيفْ
فتخيَّلي أنِّي قَبِلتْ
قولي لي كيفَ سيُنشَرُ الدِّيوانُ ذاكَ
و كُلُّهُ بيراعِكِ الغالي كتبتْ
و كلُّهُ بجمالِك الأخَّاذِ كانْ
و جُلُّهُ عن قَدِّكِ
أو خدِّكِ
و الوعدُ و القَسَمُ الذي أقسمتُهُ
لا قبلكِ
أو بعدَكِ
لودِدْت أن أضحي بيومٍ
***
منطقيَّاً مثلَ تفكيرِ البشرْ
فودِدْتُ لو أنِّي بقيتُ كمِثلِ تفكيري
جنوني مع هيامي
في التَّخيُّلِ فلسفياً
لا أبالي بعد ذلك أين سوَّاني القَدَرْ.

***


مع تحيات الموقع الرّسمي للأستاذ ابن نزار الدمشقي

هيَّا نعودُ إلى الأمامِ

0


هيَّا نعودُ إلى الجُنونْ
هيَّا نعودُ إلى الأمامِ أو الوراءْ
بعد انطفاءِ الكهرباءْ
و لقد فتحتُ النَّافِذةْ
و هنالكَ الأشعارُ كانتْ دونَ ريبٍ أو ظنونْ
و الشَّكُّ كان كَمِثلِ وحشٍ نائمٍ
حتَّى قَتَلتْ
أدركتُ أنِّي في يقيني
كنتُ شيئاً كالشُّموع
أدركتُ أنِّي لا أُسافرُ
دون عينيكِ اللتانْ
قد كانتا نوراً لدربي
لا أُماري لو عجِلتُ بأنْ أقولَ
أحبِّكِ
فهذه الأعوامُ مرَّت كالسِّهامْ
و بخطِّها تُطفي الشُّموع
أثَمَّ أعوامٌ أُخَرْ؟!!
عَجَبَاً
تُراني كم سأمكُثُ فيكِ تعدادَ السِّنينْ
عَجَبَاً
و كمْ يَبقى بِعُمرِي للفِراشِ أو العَجينْ
عَجَبَاً
و كلُّ الوقتِ صارَ لحُبِّكِ الغالي الثَّمينْ
حتَّى لَعمري قد نسيتُ
 و كمْ لنا منذُ التقينا صُدفةً
بجوارِ ذاك النَّهرِ
في طَرَفِ الحديقةِ
حيثُ أنْ شُبِكَتْ عُيوني بالعيونْ
فذهبتُ عن دُنيا الورى
و سَكِرْتُ في ذاكَ الجمالْ
و طَمِعتُ في شَبكِ العُرى
أُعْجِبتُ في ذاكَ الدَّلالْ
و نسيتُ فيكِ ما جرى
و جهلتُ أنْ أبدي السُّؤالْ
***
 



مع تحيات الموقع الرّسمي للأستاذ ابن نزار الدمشقي

من أيِّ شيءٍ أستجيرْ

0

من أيِّ شيءٍ أستجيرْ
و بأيِّ شيءٍ أستعينْ
و أنا الذي صيَّرتُ صخرَ الطَّودِ
كالقمحِ الطَّحينْ
و أنا الذي أرسلتُ شِعرِي
بيِّناً للمُؤمنين
نورُ حرفي قد أضا
للإِنسِ و الجِنِّ السِّنين
من أيِّ شيءٍ أستجيرْ
و أنا الملاكُ المُنتَظَرْ
و بأيِّ شيءٍ أستعينُ
على الفوادِحِ و الخَطَرْ
و أنا هُنا ربُّ القوافي
طارَ لحني فانتَشَرْ
فترى طيورَ الجوِّ تغدو
شارداتٍ
تستمع لحني تُسَرّ
حتَّى لإِنَّ اللَّحنَ لحني
يبلُغَنْ قعرَ المُحيطْ
فَتُسَبِّحُ الأسماكُ حمداً
تسجُدُ الحيتانُ شُكراً
كيف يُطربُها الوَتَرْ
و أنا بِربِّي أستعينْ
يا ربَّةَ الوجهِ المُسجَّى
في مَلاءَةِ ياسمينْ
نفسي فِداءُ حِجابِكِ الغالي الثَّمينْ
يا ربَّةَ الوجهِ الَّذي
بسيوفِه قَطَّعتِ أوداجَ القُلوبْ
فرويتِ مِن دمِها القليبْ
و رميتِ فيها فوقَها
فأتيتِ كي تُبدي النَّحيبْ
و رسمتِ فوقَ نُعوشِها
شكلَ الهِلالِ مع الصَّليبْ
و استقتِ فيها أينُقاً
و سقيتِ أهلَ عزائِها
من ضرعِها
و جنودَها قَدَحَ الحليبْ
ما أحلى وجهكِ حينَها
و هو المُحوَّطُ بالسَّوادْ
و أرى لِقَدِّكِ هالةً
لاحتْ أماراتُ الحِدادْ
يا ربَّةَ الوجهِ المُنيرِ
بأيِّ شيءٍ أستجيرْ
فبكِ و منكِ أستجيرُ و أستعينُ
وأعتذِرْ
و أنا المُسجّى بالحُفَرْ
و أنا العيُّي المُستكينْ
كيفَ التَّخلُّصُ من ذُنوبي
و  الحسابُ لديكِ أعلمُ
شرُّ أنواعِ العِقابْ
فبأيِّ شيءٍ أستجيرْ
يا ربَّة الوجهِ المُنيرْ
يا ربَّةَ الوجهِ الذي
سوَّى عظامي عِبرةً
للنَّاسِ في كلِّ العُصورْ
فأنا بربِِّكِ مُسلمٌ
بل مُستَتَابٌ مِن ذُنوبٍ
فامحيها
فبِكِ استجَرْتْ
***



مع تحيات الموقع الرّسمي للأستاذ ابن نزار الدمشقي

صداع

0



ما للصُّداعِ  على السُّعارْ
و القرِّ و الوَسَنِ الشَّديدْ!!
و التَّبغُ قد صَبَغَ الأصابِعَ
و الشِّفاهَ بأرجَوَانْ
و أنا أدخِّنُ كي أدواي
ما تبقَّى من وبائي
في رُسومٍ في ثيابْ
نظَّارَتي تعلوها سُحْبٌ
من دُخانٍ أو غبارٍ أو ضبابْ
و الفجرُ أضحَكَ ثَغرَ ذا الطِّفلِ الوليدْ
ما لي أراني قد غرقتُ بحبِّ طيفٍ
و القذائفُ فوقَ رأسي
و الصَّواريخُ اللِّئامْ
هل تكونُ إرادتي يا هل تُرى
أم أنَّهُ القَدَرْ العَجيبْ؟!!
عامانِ ظَلَّتْ لا تزيدُ
عنِ انقباضٍ و انبساطٍ
أو عُبوسٍ أو فُتورٍ
لا سلامٌ  لا كلامٌ
لا ابتسامْ
عامانِ ظلَّ اللَّحظُ فيها حائِراً
عامانِ ظلَّ الحُبُّ لحناً صامِتاً
عامانِ ظلَّ القلبُ قِدرَاً هادِرَاً
عامانِ ظلَّ الودُّ و النَّجوى
أحاديثُ التَّغزُّلِ و التَّقرُّبِ و الوِئامْ
عامانِ هامَ القلبُ يا عُجْبَاً
أبالطَّيفِ الهُيامْ؟!!
نظَّارتي
سُجّادَتي
سيجارتي
كتبي
الدَّفاتِرُ
بينها عودُ الثِّقابْ
القلمُ الذي كانَ الرَّفيقْ
و معَ اعتزالِ الهاتفِ النقَّالْ
و معَ اعتزالِ الشَّابِكةْ
بل واعتزالِ النَّاسِ إلا طيفَها
عامانِ حيث أكونُ أكونُ و طيفها
حتى تجرَّأ صاحبي مُستمْلياً قلبي الكبيرْ
فملأتُ جُلَّ دفاتِري
لكنْ ذهبتُ لها بِعشرِ صحائفٍ
وَصَلَتْ تمامَ الواحِدَة
و طلبتُ أن تقرا
و تُبدي رأيَها فيما كتبتْ
لكنْ رفيقي
ذلك القلمَ المحبَّبَ و الوديعْ
لا يعرفُ التَّنقيطْ
إذ أنَّني أورثتُهُ من ألفِ عامْ
لا يعرفُ التَّشكيلَ و الإعجامْ
مُتصَبِّراً عنْ صدِّها
و ملالِها و عنادِها
:"أتكونُ أتلفتِ الرِّسالة؟!
أتكونُ مزَّقَتِ الصَّحيفَة؟
أم أنَّها لَمْ تستطِعْ مِنْ دونِ نَقْطٍ
أن تَفهَّمَ مِن كتابي ما أريدْ؟!!"
و مَكَثتُ عاماً آخراً
و بكلِّ يومٍ في حياتي
أستعيدُ الأسئلة
و التَّبغُ أرداني شهيد
و القهوةُ التُّركيَّةُ العربيَّةُ السَّوداءُ تبَّاً
لا تفارقُ مكتبي
فَلِمَ الصُّداعُ مَعَ السُّعارِ مع الوَسَنْ
و القرُّ و الحُزنُ الشَّديدْ!!!

***



مع تحيات الموقع الرّسمي للأستاذ ابن نزار الدمشقي

لا تعتذر 2

0


لا تعتذرْ
يا طيفَها لا تعتذرْ
فلأيِّ ذنبٍ جئتَ ليلاً تعتذرْ؟!
ها قدْ أتتْ مِن نَفسِها
و لتوِّها كالصُّبحِ إذما ينتشرْ
ها قد أتتْ لمَّا مررتُ بحيِّها
مثلَ الشَّريدِ المُنكسِرْ
ألقَتْ إليَّ جوابَها
نظراتِ ظبيٍ ينتظرْ
و مَشَتْ فَسِرْتُ بنورِها
حتَّى يُحيِّيني الشَّجَرْ
و الدَّربُ تملؤُه الحُفَرْ
أمَّا القذائفُ حولَنا كالغيثِ لمَّا ينهَمِرْ
حتَّى بلغتُ زقاقَها
و أقولُ :"يا عبدُ اصطَبِرْ"
***
يا طيفَها لا تعتذرْ
و الله إنِّي لستُ أخشى
أين سوَّاني القَدَرْ
فأنا بحاجةِ حُبِّها
مثلَ الوليدِ لأمِّهِ
حتَّى إذا بلغَ الفِطامْ
تُزجيهِ عن ثديٍ لها
و هوَ المُعذَّبُ يستعِرْ
***
يا طيفَها لا تعتذرْ
أم أيَّ ذنبٍ قد أتيتَ لتعتذرْ
و لقد بلغتُ زقاقَها
فرأيتُها مِنِّي تَفِرّ
و رأيتُ ظِلِّي مُسرِعاً
حتى لَيسبِقَ خطوُه خطوي
و أقولُ يا ظِلُّ اصطبِرْ
طرقاتُ قلبي خِلتُها
طرقاتِ قلبٍ في الجِوارْ
لهاربٍ من ذي خَطَرْ
و أنا أسيرُ وراءَها
كالأعمى رُدَّ له البَصَرْ
و السَّيلِ للسَّهلِ انحَدَرْ
حتَّى بلغتُ بِناءَها
و هي المنيرةُ كالقَمَرْ
يا طيفَها و الله إنِّي
ابنُ سَبْعٍ قد هَصَرْ
ما لي أرى شِبْلَ السِّباعِ
كواجفٍ بعد اْن زَأرْ
صيَّادُه ظبيٌ نَفَرْ
***
ولقَدْ بَلغتُ بِناءَها
التفتتْ إليَّ بنظرةٍ
تُنبيني ألاَّ أستمِرْ
فتعثَّرتْ رِجلاي
ثُمَّ وقفتُ أرنوها
و لَمْ أفهمْ عُيوناً
كادَ قلبي أن يصير الحُنجُرَةْ
بل كادَ قلبي ينفَطِرْ
قالت أراكَ كصائدٍ
يصطادُ في الماءِ العَكِرْ
أفبَعدَ عامينِ استفقتَ
مُحدِّثاً غَزَلَ السَّمَرْ
أم دُنجُوانٌ كُلَّما
مرَّتْ غزالةُ راحَ يحذو خَطوَها
أوَفي خَبْبْ
أم أنتَ مِن شُطَّارِ مَروٍ
كاهِنٌ
أم شاعرٌ
أم تائهٌ ضَلَّت به الطُّرقُ الأُخَرْ
إذ لا تزالُ بحيِّنا
في كلِّ يومٍ طارقاً
و أنا أرُدُّكَ بالكلامِ و بالنَّظَرْ
أم حالَ عِلمُكَ ذلكَ المزعومُ جهلاً
أم أرى أشعارَ حُبِّكَ كُلَّها
أشعارَ كذَّابٍ أشِرْ
رُحْ فانطَرِدْ
و إلى زقاقي لا تَعُدْ
و بدربِ بيتي إن لقيتُكَ
لن تُلاقي ما يَسُرّ
عامانِ بِتَّ مُخادِعاً
و أنا عَلامَ أصطَبِرْ؟!
هلاَّ بربِّكَ في ثرانا لاتَمُرّ
و اللهِ إنِّي إذ أراك
يصيرُ يومي يومَ نحسٍ مُستَمِرْ
أفكِبرياؤُكَ تلك صارَتْ
كالهشيمِ المُحتظِرْ؟!
أم أنَّ نفسَك ليسَ تملِكُ عِزَّةً
إحساسُك العالي فهلْ ينتهابُهُ
مِن كلِّ زجري هزَّةً؟!
أمجادُكَ العُليا التي
حدَّثتَ عنها بني البَشَرْ
يا حسيباً يا نسيباً أين ذاك قد اندَثَرْ؟!
لا تعتذِرْ
يا طيفَها ذا قولُها لمَّا أردتُ اْن أعتذِرْ
و كأنَّها قد أوتيتْ عِلمَ الغُيوبْ
فبكلِّ أفكاري تلوح
و بكُلِّ خاطرةٍ تمُرّ
فلتعجَبَنْ
وكأنَّها تؤتى الخَبَرْ
فترفَّقي
لا تعتذِرْ
فتمهَّلي
لا تعتذِرْ
فتصبَّري و لترحَمي
ربّي الصَّبورُ بل الرَّحيم
لا تعتذِرْ
آليتُ إلاَّ أن أراكَ مُعذَّبَاً
لا تعتذِرْ
إن شئتَ ذلك فانتظِرْ
و لتصطَبِرْ
وأنا لذلك مُرهِفاً سَمعي
و عيني تنهَمِر
و الجسمُ ذاكَ النَّاحِلُ المُضنى
يذوبُ و في جحيمٍ يستعِرْ
يا ليتَه قد صارَ عِهناً
ثُمَّ في الجوِّ اندَثَرْ
يا ليتَهُ قد كانَ ذاك الكبش
لمَّا انزوى عنه القطيع
إذ تردَّى فوقَ جُرْفٍ
صارَ في وادٍ عميقٍ
كلُّ شيءٍ فيه أمسى مُنكَسِرْ
ثمَّ جاءَ له رفيقٌ
خالَهُ ميتاً و لكنْ
راعَهُ ما قدْ نَظَرْ
و بِجِسْمِهِ –إنْ صحَّ قولي
فيهِ روح
و بكلِّ ذلك راضياً ذاكَ الخُروفْ
إذْ شُؤمُ كلِّ بهيمةٍ
أُلقي على الجسدِ النَّحيلْ
و يقولُ :"قد أرضيتُ ربِّي
ثم أرضى عن مليكي
بالقضاء وبالقَدَرْ"
لكنَّ ذلك كان في بدءِ العذابْ
و رفيقُه بِجِوارِهِ يرجُو المليكَ بِذِلَّةٍ
سلباً لأنفاسٍ أُخَرْ
و الجَدْبُ يملا السَّهلَ ذاك
فلا غذاءً أو دواءً
لا غطاءً أو صلاءً
لا جدولاً لا منهلاً
ما من كلأ
ما من ثمرْ
ما من مطرْ
سهلٌ كجَردٍ قاحِلٍ
و كُسورُ ذا الجِسمِ السَّقيمْ
و الخوفُ من ليلٍ بهيمْ
و القرُّ و الجُرحُ الأليمْ
و الضَّبعُ و الذِّئبُ اللئيمْ
و القر وز الجرح الأليم
و ذلكَ الكبشانِ رُضُّوا
 بالقضاءِ و بالقَدَرْ
***
لا تعتذِرْ
ردّدتُها سبعاً و لكِنْ
كلُّها سَرَدَتْها سرداً
مثل آلاتِ الخياطةْ
إتقانُها غرزُُ الإبَرْ
لكنَّها في العينِ
أو في الرأسِ
أو في القلبِ
قل لي طيفَها
أفأصطبِرْ
واهاً لأنَّاتِ الخروفْ
لو كانَ أناتٍ يُطيقْ
و مَضَتْ ليالي كلُّها فيما وَصَفتْ
و الجوعُ و البردُ الشَّديدْ
و دمٌ و قيحٌ بل صَديدْ
و الموتُ لا يُدني بريدْ
و الجوُّ عاصفةٌ و لكِنْ
دون غيثٍ أو مَطَرْ
واهاً لآهاتِ الرَّفيقْ
واها لآهات الصديق
و بليلةٍ كانتْ كأشأمِ ما يراها من ليالْ
بظلامِها ذاكَ العقيمْ
و رياحِها
تلكَ الرِّياحَ العاتية
و كما وصفتُ على الحياةِ القاسية
قد أقبلَ السِّيدُ اللئيمْ
إذ عينُ ربِّكَ ناظِرَة
و هو الرَّؤوفُ بنا الرَّحيمْ
فتذكَّرَ الكبشُ الوَديعُ
حكايةً مشهورةً
عن جدِّهِ العالي
فلقد رواهُ جُدودُهُ عن جَدِهِ
أنْ في الليالي جاءَ سبعٌ
تائهاً عن غابِهِ
فأتى القطيعْ
فرَّ الخِرافُ جميعُهم
لكنَّ كبشاً لمْ يَفِرّ
إذْ كانَ كبشاً أقرناً
مِن تِيهِه
مِن كِبرِهِ
و شموخِهِ و علائِه
و لِفَرْطِ قوَّتٍه غدا أسداً هَصورْ
وَجَمَ الأسدْ
و لقد درا في فِطرَةٍ و غريزةٍ
لو كانَ كبشاً كان فَرّ
فاهتابَه
و كأنَّ قرنيهِ العظيمينِ استحالا أرمُحَاً
و السَّبعُ ذاك بلا قُرونْ
فتحاميا
و تبارزا فتداولا و تصاولا 
و تقاتلا الكبشانِ لكن
ثَمَّ كبشٌ أعزلٌ و بلا قُرونْ
وتطاولتْ حربُ السِّباعِ
كأنَّها حربُ الدُّوَلْ
أرداهُ ذاك بطعنةٍ حربيَّةٍ
عن حِنكةٍ و دِرايةٍ
مِنْ رُمحِهِ المسمومِ في بطنِ الأسدْ
فغدا قتيلاً ثاوياً
بل صاغراً
أسطورةُ الكبشِ الذي قَتَلَ الأسَدْ
أسطورةُ الكبشِ المُسَلَّحِ و الخروفِ الأعزلِ
و تذاكرَ الكبشانِ تلك حِكايةً
و الذِّئبُ مفترِسٌ قريبْ
و تيقَّنا أنْ لا محالةَ يهلكانْ
ما مِن قرونِ اليومَ تُغني عن مُقارَعَةِ الَّلئيمْ
ما مِن سلاحٍ فاتكٍ في وَجهِ ذا الوحشِ الرَّجيمْ
ما مِنْ دواءٍ ناجعٍ يُقصيهِمَا عنْ دَرْبِهِ
و اللَّيلُ مُفتَرِشٌ عَقيمْ
وارَحْمَتا للعاشِقِ الولهانِ
لو يدري الحبيبُ
 بأيِّ أوصابٍ يَمُرّ
و تعجَّبَ الذِّئبُ الذي لا يعرفُ الإحساسْ
مِنْ أمرِ ذاكَ صديقِهِ كيفَ استَقَرْ
و علامَ لَمْ يُبدِ الهَلَعْ
و لقَدْ دَرى أسطورةَ الكبشِ الذي افترَسَ الأسدْ
و دنا الخبيثْ
و ذينَكُمْ يتجسَّسانِ مَواضِعَ النَّابِ
الذي يدنو فلا يَبدو الوَجَعْ
وتيقَّنا أنْ لا مَحَالَةَ زائلٌ ذاكَ العذابْ
بل يرنوانِ الذِّئبَ إذ يُنجيهِمَا ممَّا حَصَلْ
مِنْ كُلِّ جُوعٍ كُلِّ فَقْرٍ
كلِّ قَرّ
لكنّه لَهَجَ اللِّسانُ مُرَدِّداً
:"بالمُصطَفى جُدْ يا كريمْ
أنتَ الرَّؤوفُ بِنا الرَّحيمْ
و لقدْ أتى الذِّئبُ اللَّئيمْ
يُنجينَا مِنْ خَيرٍ و شرّ
عَلِمَ الخبيثُ بِأنَّهُمْ مِنْ نسلِ ذاكَ الأقرَنِ
فانسلَّ مِنْ بينِ الغَضَا
بعدَ اْن تَعطَّشَ للدَّمِ
و انسابَ رُعبٌ في الجِوارْ
في السَّهلِ و الجَردِ الحُقولْ
و في المغاراتِ التي في كلِّ ثَغْرْ
حتَّى لقد هَلَعَتْ لُيوثُ الغابِ
ممَّا قدْ أحاطَ بسمعِهِمْ حتَّى وَقَرْ
لكنَّهُ بقيَ الصَّديقُ معَ الرَّفيقْ
بلا غذاءٍ أو دواءٍ أو ثمرْ
يا ليتَني قدْ كنتُ ذاك الكبشَ ذاك
رِضوانُ خِلتُكَ
فاعترَضتَ كمالكٍ
و تقولُ لي:" لا تعتذِرْ!!
هذي الجحيمُ تلظَّى فيها
بَقعرَها فلتستَقِرْ
ذُقْ مِنْ عذابي و اصطَبِرْ
ذاكَ الجزاءُ المُنتَظَرْ"
ذاكَ الجزاءُ المُنتَظَرْ!!!
ثُمَّ استدارَتْ
في سواءِ بنائِها كانَ الخَبَرْ
يا طيفَها
أفكيفَ جئتَ لِتَعتَذِرْ
بعدَ انْ غَفَتْ تلكَ الكُلومْ
و صاحَ جُرحٌ في فؤادي يستعِرْ
و أفاقَ نهدٌ قد غفا طول الليالي كلِّها
تحت الرَّصاصِ المُنهمِرْ!!!

***


مع تحيات : الموقع الرّسمي للأستاذ ابن نزار الدمشقي

تعيا المراسيلُ

0


تعيا المراسيلُ أن تُنبي و أن تُبدِي
عمَّا أُجِنُّ و أن تَشفي و أن تُجدِي

أو أن ترنُّ على الأسماعِ في ملأٍ
قد شاقَهُ اللحنُ حتى راحَ يستجدي

تعيا المراسيلُ أن تُنبي و لا وَرَقٌ
أستغفرُ الحرفَ هل يُبدي عن الوَجْدِ!

أستغفرُ الحرفَ أن يُغني و لا نُقَطٌ
أو أُعجِمَ الحرفُ حتَّى راقَهُ مَجْدِي

أو قُصِّدَ الشِّعرُ في الأسحارِ يقصِدُها
أو أُبعِدَ النَّثرُ عن نَشْرِ و في حَشْدِ

أو أسْكَرَ الشَّايُ حتَّى رُحتُ أسكُبُهُ
كأسَ الخُمَارِ و دَمعٌ قد جلا خَدِّي

أستغفرُ الحرفَ هل يُبدي عنِ الوجْدِ
أستغفرُ الشوكَ إذ يُنبي عنِ الوردِ

أستغفرُ الله ذنبي قد بَرى جَسدي
أستغفرُ الطَّيفَ بعدَ الهَجرِ و الطَّردِ

أستغفرُ الحبَّ طيفاً قد خفرتُ به
و العهدُ عهدٌ و مهما طالَ في البُعدِ

أستغفرُ الطَّيفَ أن تهوي عزائِمُنا
إذما أُزيحَ ستارٌ و انجلى قَصْدي

يا طيِّبَ النَّفْحِ هلاَّ جئتَ مُفتخِراً
يا طيفَها الصَّفحَ قد أغرقتَ في صدِّي

يا طيفَها الصَّفحَ إذما جئتُ مُعتذِراً
أم تُرسِلُ الجيشَ في سَفحٍ و في جَردِ!!

أم تقتلُ الجسمَ مثلَ الرُّوحِ إذ قُتِلَتْ!
أم تُعلنُ الحربَ في حُبِّي و تستعدي!

أم تقبلُ العُذْرَ أنِّي ما مررتُ بِكُم
إلا رميتَ بسهمٍ في الحشا يُردي

أم تقبلُ العُذرَ أنِّي ما كتبتُ لكم
إلا أُطيحَ خيالي و ارتمى نَردي!!

أم تهدِمُ الجسرَ بين البدرِ مُتَّصلاً
و الشَّمسِ تحطِمُه و الحُبُّ يستهدي!

أم تعصرُ الخمرَ في هجري فتشربُه!!
و البينُ قتَّالٌ يا صاحبَ القدِّ


يا صاحبَ الطَّيفِ هل تهوي عزائِمُنا!
بل كم غفرتَ ذنوباً إذ رَبَتْ عِندي

بل كم مَحَوتَ و قد شبَّتْ حضارَتُنا
عهدَ الخُمارِ و ذاكَ العهدُ كالطَّودِ

أفلا تسامح عبدا مسلما طفقت
كلتا يديه بما تجني و ما تبدي!!

أفلا تسامحُ عبداً ذابَ أكثرُه
في حبِّكمْ أملاً يا كًثرَ ما يُهدي

أستغفرُ السِّترَ إذ أرخيتُه أملاً
و نسيتُه ألماً في الدَّمعِ و الفَقْدِ

آليتُ و الله أن أُزجيكُمُ عَجَباً
فيسرُّكمْ وصلي إن ساءَكُمْ بُعدي

و تطولُ أفراحُنا في روضِنا أبداً
فتطالُ آمالُكُم شمسَ الورى بعدي

و يخالُنا النَّاسُ أنَّا فيهِمُ سَعْداً
فنعيشُ ما عشنا في المجدِِ و الوجْدِ

و نبيتُ طاويين في جوعٍ و في ظمأ
كوخاً يُعيثُ بنا في الحرِّ و البَرْدِ

بسعادةٍ أبداً ينسيناهُ حُبٌّ
و كأنَّه قصرٌ أو جنَّةُ الخلدِ

هل فقرُنا قتلٌ للحبِّ أم أنَّا
في النَّاس تمثالٌ في السَّعدِ بالزُّهدِ

و الحبُّ أكمَلُهُ ما كان أوَّلُه
فقراً و آخرُهُ للجاهِ و المجدِ

يا صاحبَ اللحنِ عزفٌ كان أوَّلُه
في حبِّكُم فغدا مُستكمِلَ الرِّشْدِ

يا صاحبَ اللحنِ و النَّهَوَنْدُ أكثرُهُ
فغداً حجازُ و بالدوبيت و الرَّصٍدِ

هل تَنكَأ الجُرحَ كي يَرويكُمُ دَمُنا
أم تغفرُ الذَّنبَ يا يا صاحبَ الخدِّ؟!

ذكَّرتِني و أنا النَّسيانُ ما اقتَرَفَتْ
يُسراي في عُسري في الخَمرِ و النَّهدِ

و الدَّهرُ أكثرُه بين الأسِرَّةِ في
وهمِ الشَّبابِ ألوثُ العُمْرَ للوَأدِ

عشرونَ عاماً كبَرقٍ خلتُه غيثاً
فهوى كصاعقةٍ في ومضِها تُردي

عشرونَ عاماً كأنِّي ما مررتُ بها
إلا كَمِثْلِ منامٍ فانجلى سُهدي

عشرونَ عاماً و كم تجتاحُني سِنَة
فأقومُ مذعوراً ممّا جَنَتْه يدي

عشرونَ عاماً كمِثْلِ الصَّيبِ أوَّلُها
فرأيتُها كَفَنَاً يشتاقُ ما عندي

ذكَّرتِني و أنا النَّسيانُ فادَّكِري
مَندُوحَةً كانت مِن كَثْرةِ الصَّدِّ

و لتغفِري عَجَبَاً و لْتَنظُري عَجَبَاً
و استغفِري مَللاً و الدَّمعَ في خدِّي

و استمطِري ذهباً أو لؤلؤاً صِرفاً
و تطيَّبي عِطراً أُهديهِ مِن وَرْدي

***

هل أنَّني و أنا ربُّ القصيدِ بِكُمْ
هامَتْ قصائِدُنا مُستغفِراً بُعدي؟!

أم أنَّ حُبَّكُمُ يجني عليّ فما
جَنَّ الفؤادُ لكم يجني على رُشْدِي

فأفقتُ من سُكرٍ كان الصِّبا عَبَثَاً
و غَرِقتُ في سُكرٍ في خَدِّكِ الوَرْدِي

حتَّى إذا ما أحسستُ نشوتَه
فسبحتُ في سُكرٍ في خدِّكِ المُكدي

فأفقتُ مِن هَلَعٍ لتَرينَني ثَمِلاً
ألماً يُعالِجُني في الطَّعنِ و الطَّردِ

و السُّكرُ أعذَبُهُ ما كانَ في لَحْظٍ
و السًّكرُ أشأمُه ما كان عن فَقْدِ

حتَّى أفقتُ بِسُكرٍ في الهجيرِ يداً
تمشي و أقداماً للعطفِ تستجدي

نكَّستِني سُكراً أرْدَيتِنِي بِكراً
ماتت مَشاعِرُها بالحرِّ و البَرْدِ

أسلمتِني لِيَدِ الطَّاعونِ فاحتدمَتْ
خَمسٌ على جسدي و الرُّوحِ تَستَعدي

أكذلك الحُبُّ يا محبوبتي حَربٌ
سُكرٌ و طاعونٌ و الحرفُ لا يُجدي؟!

أكذلك الحُبُّ جَزَّارٌ و هل أسَفٌ
أٌبديه عن لُقيا في جنّة الوَردِ

عن قصُةٍ كانت بدءَ العذابِ و ما
لاقيتُها أبداً بل حلَّ بي وَحْدي

عن قصُةٍ أُنبي أنبيهِمُ عنها
تبقى كَمَوعِظةٍ للنَّاسِ مِن بعدي؟!

تبقى كمَلحَمَةٍ في الحُّبِّ أوَّلُها
بيتُ التَّغزُّلِ في لَحْظٍ و في قَدِّ

أبياتُ مَلحَمَةٍ لو صُغتُها امرأةً
فتَّانةً لغدا فُسْتَانَها الوَرْدي

لكنَّه ضَيقٌ و مًُزَرْكَشٌ عَجَبَاً
لقضاءِ عُدَّتِها أزجَتْهُ في طَرْدِ

عن صُدفةٍ نفسي صارتْ لها مُلكاً
روحي لها ارتَهَنَتْ في القُربِ و البُعْدِ


هل يعشقُ النَّاسُ بعدي غادةً و أنا
أُملي لهم نعيي كعجائِزٍ مُردِ؟!

أم أنَّ أوَّلَهُم يقرا القصيدَ يرى
في الحُبِّ مَأتَمَةً  في التِّيهِ و الصَّردِ؟!

أم يرتكِبْ خطأي لا ينْهَهُ جَشَعِي
فيقودُه طَمَعي للجُرفِ أو سدِّ

عن صُدفةٍ فَغَدَتْ مثلَ السَّحابِ و قد
لاحتْ سرابَ فلا تَسقي و لا تُندي

يا ليتها كانت حلوى فأمضَغُها
و أُسيغُها طَرَبَاً أُهدَى و لا أُهدِي

يا ليتَها كانتْ أُرجوحَةً أقضي
فيها دقائقَ ثُمَّ تروحُ تَستَهدي

يا ليتَها كانتْ أرجوزَةً نُشِرَتْ
و نسيتُ أبياتاً في الشَّهدِ  و النَّهدِ

عن قصُةٍ عَجَبَاً للحُبِّ يملؤني
كالُّلجِّ مُضطَرِبٍ و أبيتُ أستَجدي

كالبحرِ أمواهُهُ تُبقيكَ في ظَمَأٍ
و عذابُه عَذْبٌ و خِصامُهُ يُردي

مصارعُ العشقِ هل طالعتُها عِظةً
أم كُنتُ في شوقٍ للوصلِ و الصَّدِّ!!

مالي أراني و قد ذقتُ الهوى حتَّى
أمْسَتْ مراتِبُهُ كالسَّيفِ في الغِمدِ

أرنو مَدَارِجَهُ كالنَّسرِ مُرتَفِعَاً
و يتوه مُضطرِباً في الحقلِ يستجدي

حتى خَبِرْتُ حروفَ الحُبِّ أجْمَعَها
إلا الوصالَ و قد شابَ الهوى بَعدي

مُستغرِقَاً بخيالي ما مَررتُ به
فرأيتُني طِفلَ استهواهُ أن يُكدي

***



مع تحيات الموقع الرّسمي للأستاذ ابن نزار الدمشقي

طاعون

0




أنتِ حالةٌ مَرَضِيَّةٌ لا رجوتُ منها شفاءً
إرحلي عن دفاتِري
عن قصائِدي
عن أشعاري
عن هواجسي و خيالاتي
عن أخباري
عن أحلامي و يقظتي و أوهامي
أنت هلاكٌ و بلاءٌ و جنَّاتُ النَّعيمْ
أنتِ عذابٌ أليمٌ
أنتِ نعيمٌ مُدمِّرٌ مقيمْ
إرحلي عن عالمي
أريدُ العيشَ في دنيايَ بِحُرِّيَّة
أنتِ حالةٌ مرضيَّةٌ دائمة
لا أرجو الشِّفاءَ منها
أنتِ القَدَرْ
أنتِ تَعَصُّبُ البَشَرْ
أنتِ محطُّ فنٍّ جديدٌ في دنيا الشِّعرِ و الشُّعراءْ
و لما أن كان اهتدائي إليه وحيداً
كان من ثمَّة تفوُّقي على أبناءِ عصرِكم

أنتِ جنونُ القمرْ
أنتِ عصرٌ جديدٌ لبني البَشَرْ
أنت ثورةٌ جديدةٌ ما قامَ بها ثوَّار
و إنَّما قمتُ بها وحيداً
أنتِ لونٌ جديد
و عِلمٌ جديد
و فنٌّ بين الفنونِ جديد
أنت حضارةٌ قديمةٌ تمَّ تطويرُها
ثمَّ أزيلَ عن نصبِ تدشينِها
و تحديثِها الستارُ في الخامِسِ من أبريل
حيثُ كان الثَّلجُ الرَّبيعيُّ يهطلُ بحلولِ فصلِ الخريفْ
أنتِ أسطورةٌ لا تنتهي تفاصيلُها
أنت قارَّةٌ جديدةٌ اكتشفَ الطريقَ إليها جدِّي الأكبر
وأكملتُ المسيرَ لألقي عليها أوَّل حمل
منذ أن شقَّتْ هذا المحيطَ و نَتأتْ عنه
فلا تحسَبي أن يقيمَ أحدُ بني البشر
على تلك الجزيرة
حضارةً تؤرِّخُها البشريَّة
و أنا ثمّة أقَلِّبُ في تضاريسِها النَّظَر
فأنا أَولاهُم
كما كنتُ أولهُم بهذا الاكتشافِ الجنوني
أنا أولى باستخلاصِ تِبرِه و جُمانِه
وحتّى برونزِه و حديدِه
ولكن
ها أراني أولى ببراكينِه و زلازِلِه
وعواصِفِه و جنونِه
أنتِ مِحنَةٌ جديدة
ومِنحةٌ فريدة
أنتِ وباءُ طاعونٍ لذيذْ
أنتِ مهنةٌ جديدة
و حرفةٌ جديدة
انت إدمانٌ لا أرجو التَّخلُّصَ منه

***



مع تحيات الموقع الرّسمي للأستاذ ابن نزار الدمشقي

جميع الحقوق محفوظه © ابن نزار الدمشقي

تصميم الورشه