حبُّ الشَّام

3




 مالي وجودٌ في الهوى لولاكِ
فكأنَّ من حُبِّ الشَّآمِ هواكِ

وكأنَّ للرُّوحِ انقِسامٌ فاستوى 
بين الرُّبى في شامِنا ورُباكِ 

وكأنَّ من فيكِ السُّلافُ فمازجتْ 
بردى قديماً طاب في ريَّاكِ 

وكأنَّ فيكِ الياسمينُ تشعَّبتْ 
أغصانُه فتشابكتْ فكساكِ 

وكأنّ من طيبيكِ فاحَ غِناؤهُ 
وطِلاؤهُ و عبيرهُ و شذاكِ 

وكأنْ نسجتِ من حِجابكِ زهرهُ 
وكأنْ مزجتِ من الزُّهورِ صداكِ   

وكأنَّ فيكِ النَّيربينُ تصعَّدتْ 
وكأنَّ من تُرْبِ الشآمِ ثراكِ 

ما لي وجودٌ في الهوى لولاكُما 
فحبا دمشقَ مليكُها و حباكِ 



2014/5/16



مع تحيات: الموقع الرّسمي للأستاذ ابن نزار الدمشقي

مراهقة في الأربعين

2

حوراءُ تلكَ السَّابِقة كانتْ كحورٍ باسِقة 
عادتْ بحبِّي طفلةً  في الأربعينَ مراهِقة 

في ظلِّ عرش الياسمين تجري ورائي عاشقة 

وغدتْ تعدُّ سِنيَّها أيَّام سعدٍ شائقة 

وأتتْ بِغَيِّ مُمَنْطقٍ وبسُرعةٍ كالصَّعِقة 

قالتْ أحبُّك فاتَّئدْ لاكالنُّهودِ النَّافِقة 

 أنا في يمينِكَ عبدةٌ أنا في جمالِكَ غارِقة 

طالَ انتظاري للبطلْ ربِّ الجيادِ السَّابِقةْ 

قالتْ عشِقتُكَ فاكتُبَنْ ِسمي بشعركَ عاشقة 

واجعل لحرفِ قصيدتي مجداً كحورٍ باسِقة 

قالتْ عشِقتُك إنَّني ما كنتُ قبلكَ عاشِقة 
 ***
فنظرتُ في أمرِ التي جاءت فراشي سارِقة 

تعدو وراي خالياً  أرنو لزوجِ المارِقة 

صَمَتَتْ فذُبتُ بصَمتِها نَطَقَتْ عشِقتُ النَّاطِقة

كانتْ كبدرٍ يجتلي وسط النُّجومِ البارِقة 

فإذا توَسّطْتِ النِّسا كنتِ العلامةْ الفارِقة

وإذا اختلينا في الدُّجى أنتِ الخليلة الواثِقة

أو جئتِ داري في الضُّحى فبكلِّ طيبٍ عابِقة

أنسيتِني في ليلةٍ كلَّ النُّهودِ النافقة

فكأنَّنا في ليلِنا كمسابقٍ و مسابِقة

يا تعسَ زوجِكِ كيف راحت منه هذي الحارِقة

***
قالتْ حبيبي أعطني هذي الليالي الشائقة

وارسم بثغركَ قُبلةً فتكادُ تُمسي خانِقة

أحيي شعوري بالهوى وأمتْ سنيَّ السَّابقة
وأصب مَقاتِل شهوتي فأنا بحُسنِك غارِقة

أحرقني أطفئ نزوتي أشعل فراشي العاشقة
واصببْ فحولتكَ اقترِبْ مني فإنِّي اللائقة
جسدي تراهُ مُملَّكاً لك لا لزوجِ المارِقة

لا لن أخونَ و لن أكونَ لغيرِ تختِك طارِقة
فنظرتُ في أمرِ التي جءت فراشي سارقة
فأتى عليَّ كلامُها بفراشِنا كالصَّاعِقة
قامتْ لتجلبَ قهوتي وسجائراً مُتناسِقة
ومشَتْ يحيِّرُ دلُّها بخطى الرَّزانِ الواثِقة
قد أقبلتْ كفراشةٍ في نورِ نوري عالقة
***





مع تحيات: الموقع الرّسمي للأستاذ ابن نزار الدمشقي

المشهد الثاني من المسرحية (الفصل الثاني)

0


عليكِ سلامي قُبيل الضُّحى  
لماذا رقصتِ 
وكنتِ الغوايةَ في وسطِ دربي 
لماذا شتمتِ  
وكنتِ قرأتِ بديوانِ شعري  
علومَ الغََزل!؟ 
لماذا صعدتِ جبال الهوى! 
وقد صفَّقوا لي  
لماذا لماذا هتفتِ هناك!! 
لماذا شعلتِ 
بتبغي شعرتِ 
طرِبتِ لشِّعري 
ونهدُكِ يغلي 
وهاقدْ هجرتُ علومَ الغَزَلْ؟! 
فلا تستفيقي وكوني هناكْ 
وجمهوري يهتفُ وسطَ العِراكْ 
ويُتلى قصيدي 
فينبَحُ إسمُكِ ضِمن قصيدي 
وكان يُسبِّحُ ضِمنَ بريدي 
وأنتِ تُجيلينَ فيَّ النَّظَرْ 
فكوني هناك 
وجمهوري صفَّق بعد العِراكْ 
ذكرتُِ الليالي 
ذكرتُِ الكؤوس 
ذكرتُِ انشِغالي بنهدِكِ عهداً 
وكيف وكيفَ استفاقَ خُماري 
وراجعتُ جهلي 
و عليمي بجهلي 
وأهرقتُ عندكِ دنَّ النَّبيذ 
وهشَّمتُ كأسي 
ونهدُكِ قاسي كعهدِ الخُمارْ 
فكيف جبُنتِ 
وكيفَ جهلتِ بهذا البلاءْ 
نصحتُكِ ألاَّ تشُقِّي السِّتارةْ
كـأنَّكِ تُبتِ 
وكنتُ رأيتُكِ قبل احتساءِ النَّبيذِ 
هناكَ سكِرتِ 
فهلاَّ ذكرتِ زبيدةُ أنِّ بسُكري أفَقْتْ!!
زبيدةُ مهلا!!
أعيدي الليالي بفكرك يوماً 
وكيفَ سبقتِ نساءَ البِغاء 
و كيف استبقتِ زهورَ الرَّبيعِ بفصلِ الشِّتاءْ 
أعيدي أعيدي أعيدي الليالي 
بفكركِ قبلَ هطولِ الوباءْ 
***
زبيدةُ نهدكِ كانَ خريفاً 
بعمري وكنتُ وكنتِ ربيعاً 
وهذا يحُلُّ بعُمري الشِّتاءْ 
زُبيدةُ مهلاً 
لماذا الغِوايةُ بعدَ الهِدايةِ حلَّتْ قريباً 
ونهدُكِ قاسي 
كبردِ الشِّتاء؟!
زبيدةُ مهلاً 
لماذا الضَّلالةُ آبت بأوبِكِ 
آبتْ بتبغِكِ 
وثغرُكِ يعزِفُ لحنَ اشتِهاء
شِفاهُكِ كانتْ لحافاً لثغري 
وهذا يُسبِّحُ كلَّ صباحٍ 
بجودٍ و طهرِ 
وينسى الليالي ذواتِ البِغاء 
وينعى السِّنين طِوالاً طوالاً
وفيك العزاء 
زبيدُ لماذا يُرهِقٌ شعبَكِ لعقُ الحِذاء !!
لماذا لماذا يُسافِرُ شعبُكِ 
في كلِّ ظهرٍ و في كلِّ فجرِ 
زبيدُ لماذا يموتُ يموتْ
ونهدكِ قاسي كلحنِ العزاء 
لماذا تتوبينَ بعدَ الفِراش 
ونهدُكِ قاسي 
يُعيدُكِ في الصُّبحِ بعدَ انتِعاش 
ألستِ تُعيدين فيها النَّظرْ !!
أعيدي رجوتُكِ هذي الفِكَرْ 


2014/4/22





مع تحيات: الموقع الرّسمي للأستاذ ابن نزار الدمشقي

المشهد الأول من المسرحية (الفصل الثاني)

0
جبُنتِ ...
ومِثلُكِ كانَ كمِجدافِ بُخلٍ  
ببحرِ السَّخاءْ 
جبُنتِ... 
ومِثلُكِ كانَ 
كمِعولِ عهرٍ بأرضِ النَّقاء  
جبُنتْ... 
ونهدُكِ مثلُ الرُّغامْ  
طريحُ الغرامِ بأرضٍ عراء  
جهلتِ... 
أليس شرابُكِ هذا 
جبنتِ أليس فراشُكِ هذا 
وتبغُكِ هذا  
ولحنُكِ هذا  
جبُنتِ جهِلتِ و أنتِ اللذاذةُ تحت المساء 
جبُنتِ جبُنتِ وأنتِ صديقي  
وأنتِ رفيقي بلعقِ الحِساء  

***

فما لِضفيرتِكِ الفُستُقيَّةِ تحت العيونْ
وكيفَ صُداعي على الياسمينةِ يحكي الشُّجونْ!!
وكيف رأيتُكِ لمَّا مررتِ
على دربِ رصفِ الحجارةِ عندي 
وتحت الغصونْ 
وأنتِ تحيكينَ صوتاً يُنادي
ربيعَ ظنوني 
وكلُّ البلابلِ كانتْ تزقُّ 
و ساعةُ شعري عليكِ تدقُّ 
ونهدكِ قاسي 
كطحنِ الهواء
وصوتُ المدافِعِ عند الأماسي 
يزيدُ الرَّجاءْ
 فكيفَ قبلتِ ظنونَ ظنوني 
وكيفَ نسأتِ عيونَ عيوني 
وكيف طربتِ
وكيفَ رقصتِ 
وكيفَ اقتنيتِ صنوفَ البغاءْ!!
رضعتِ 
فضعتِ 
وها قد ولدتِ رصيفَ المآسي 
ونهدُكِ قاسي 
كمِلحِ الجِراء
قتلتِ أخيَّتَكِ المازِنيَّةْ 
وبحَّةَ صوتِكِ بالفارِسيَّة 
ثمَّ عضضتِ ذيولَ الفَضاءْ 
لماذا أذوقُ انحناَء النِّساء!!
وأنتِ هناك بتختِ الشَّقا 
ونهدُكِ قاسي كجوزِ اصطلاء 
***
لماذا جبُنتِ 
لماذا جهلتِ 
لماذا رضعتِ سيولَ البِغاء! 
وكان حريَّاً بأمِّكِ عندي 
بدهرِ الجهالةِ 
في كلِّ عصرٍ تُنادي عليَّا 
ويعزِفُ خِلخالُها مُستبيحاً 
حروفَ الموليّا 
وأنتِ هناكْ ...
وأنتِ تعودينَ تُلقي إليَّ 
جمالَ الطِّلاء 
صبرتُ عليكِ طويلاً طويلا
صبرتُ ...
وماكن صبري جميلا
فواتيرُ حبِّكِ كانت تُعيثُ 
بحيِّي لالا 
وترمي غِلالا 
بأرضٍ خواءْ 
 لماذا جبُنتِ
وأمُّكِ كانت 
كمِجدافِ عهرٍ بأرضِ النَّقاء !!
لماذا جهلتِ 
وجهلُكِ كان حبيباً لحُبِّي 
ضلالاً لدربي 
وكنتُ الرِّجال وكنتِ النِّساءْ!!

2014/4/22

مع تحيات: الموقع الرّسمي للأستاذ ابن نزار الدمشقي

جواب "فيفيان"

0



غزلَ النِّساء غَزلتَهُ بِرُضابي
 و وَهبتَ أفئدةَ النِساءِ شبابي 

ورحَلتَ في شِعرِ النُّهودِ مُخلِّداً 
مُسترسِلاً في المَدحِ و الإغرابِ 

وأنا هُنا لملمتُ كلَّ مَرَاودِ الــ
ـكُحلِ العتيقةِ واكتوتْ أهدابي 

عُمُري انقضى والياسمينةُ أقفلتْ 
أزرارَها في وعدِكَ المُرتابِ 

أنساكَ أم أنسى صداكَ مُردِّداً 
اسمي على الشُّعراءِ و الكُتّابِ 

ديوانُ "فيفيان" الذي أنشأتَهُ 
فنَشرتَهُ برُبىً هنا و هِضابِ 

لبلابةً في الشَّامِ فاحَ غِناؤها 
أم أرزةً تاهتْ هناك تُرابي 

أم نخلةً بَسَقَتْ بِبَغدادَ استوتْ 
من غيرِ أوتادٍ و لا أسبابِ 

وجُذورُها رَسَخَتْ هنا وتغلغلتْ 
في بِيدِهَا و سُهولِها و صِعابِ 

بمَنِ استعنتَ و لِمْ سرَقتَ أوِاسْتَعَرْ
تَ قريحتي و يراعتي ورُضابي 

أنفَقْتَ في عهدِ النُّهودِ لذاذةً 
فنسيتَني و مدامِعي و عذابيْ 

أفأينَ أنفقتَ الحياءَ و لمْ تكنْ 
قبل النُّهودِ كماجِنٍ كذَّابِ!!

بل ما جرأتَ بأنْ تُصرِّحَ مُعلِناً 
حُبِّي سوى بالطَّرفِ و الأهدابِ 

لم تستطِعْ عندَ اللِّقاء تقولَها 
بل ما احتوتها قصائدي و كتابيْ 

أرسَلتَها و كتبتَها مُتردِّدا 
ومورِّياً بالفُلِّ و العُنّابِ 

وأنا الجهولةُ بالأحاجي يومَها 
ألغزتَ فيها مُضمِرَ الإعرابِ 

لو كنتُ فيها الأصمعيَّةَ ما فهِمــ
ـتُ حروفَها مُستغرِقَ الإغرابِ 

فلِمَ الملامةُ كنتُ قد صيّرتُها 
تعويذةً بمخدَّتي و حِجابي 

قصقصتُها و عَصَرْتُها و جعلتُها
 بُزجاجةِ الطِّيبِ اليفوحُ ببابي 

وسحقتُها ثمَّ اكتحلتُ بنارِها 
فنسيتُ نومي و استطارَ صوابي 

أنفقتُ في فهمِ الرِّسالةِ مُهجتي 
أنفقتُ فيها أدمُعي و شبابي 

***

أنفقتَ في غزلِ النِّساء رُضابي 
ونسيتَ حُبّي يومَها و عذابي 

وأفقتَ ندماناً تُردِّدُ في الضُّّحى 
:"تلِف الهوى أم أُتلِفتْ أعصابي"

***

تلِفَ الهوى أم أتلَفَ الأعصابا
أم أكثرَ الأنَّاتِ و الأوصابا 

وأنا على الجُرحِ القديمِ بغفلتي 
حُبَّاً عقيماً خلتُه فسرابا 

والليلُ ليسَ مُحرِّكاً شوقي إليــ
ــك فلِمْ عييت جوابا؟!!

أظننتَ أنِّي في انتظارِ تغزُّلي 
ويجيئ مَطلُكَ يا حبيبُ ثوابا!!

والياسمينةُ أعلنتْ إفلاسها 
والليلكيَّ قتلتَ و اللبلابا 

ليمونتي كانتْ أثيرَ حديقتي 
والبلبلُ الصَّدَّاحُ صارَ غُرابا 

فلِمَ استفقتَ تُنادي طيفاً ثاوياً 
مُسترحِماً.... لا لمْ نعدْ أحبابا

***


مع تحيات: الموقع الرّسمي للأستاذ ابن نزار الدمشقي

جميع الحقوق محفوظه © ابن نزار الدمشقي

تصميم الورشه