و يحدثُ أحياناً

0
و يحدثُ أحياناً أن يُرسِل لكَ القدَرُ و أنت في حالةٍ كتلك , أن يُرسِلَ إليك إنساناً ملائكيّاً , بل ملاكاً على هيئةِ بشرْ , فيقدَّ لك ثياباً من نورٍ موشَّحةً بخيطانٍ من نارٍٍٍ فترقَّ لها , فترثي لها , ثمَّ تشكو , ثمَّ تبكي لها , فيزيلَ عنكَ بها ذلك الدُّعببُ ما أنت فيه أو ما أنت عليه.

ولكن...
يحدثُ في أحايين أخر أن تفقد فجاءةً ذلك الملاك, لسببٍ أو لغيرِ سبب,
ثمَّ يحدُث أن تهيم روحُكَ على إثرهِ كغلامٍ يجهلُ طرائق البيداء,
ثمَّ يحدُثُ و هنالك العجب:
أن تلجمَ روحَك الضّالة تلك بإحدى لُجُمِك المفضَّلة,
تديُّناً أو تعفُفاً ,
أو لجامَ السّببِ ذاتهِ الذي هُيِّمتْ لأجلهِ روحُك في ذلك الملاكِ الجميل,
فتجمحُ أو لا تجمحُ هنالك الفرس.
 

 
و حبّذا لو جمحت , إذاً أشعرَته عذاباً يُخفِّفُ من وطأة بركانٍ يتقلقلُ في حشاه و ينفث بين التّارةِ والأخرى حِمماً بلَّلوريةً تُشبِه إلى حدٍّ ما الماس لولا أنّها أشدُّ صفاءً و أعلى نقاءً و أغلى ثمناً و أطيبَ لحناً و أخفُّ وزناً , تلتقي أو لا تلتقي مع دخانه المتصاعِد من ترّاسِ قلبِه الأصيل..


فلا والله لولا الله ليس يدري أهو يُظلم أو يَظلم , ويُصدم أو يَصدم , و يُشعِرُ أو يَشعر , حينها تكونُ طامَّةُ قلبه ,
لولا أن يتفقّده ذلك الكائن النورانيُ أو النَّاريُّ-فهو ليس يميِّزُ حينها- لولا أن يتفقّده أو يتغمّدهُ برحمةٍ منه و عطفٍ و تحنان..


و قد يحدُثُ أحياناً و لو لمرٍّةٍ في تاريخ ذلك القلبِ المُنكسِر أن تنبت على أطراف ذلك البركان المتقلقلِ أزاهيرُ , و تحومَ حولها فراشاتٌ و تغرِّد في جوارِها أطيار و عصافير , فينشقُّ عنها شلاّلٌ من نور , يفيض عليها بمعاني السَّعادةِ و السُّرور , ترفُّ فوق شقائقِها نسائمٌ سحريّةٌ يملؤها الفتور, يرشرش القمرُ من صحنِه الفضِّيِّ وجنة الأرضِ الطَّيِّبة , ويثبتُ أثناء وشوشته للغُييماتِ الطَّريّةِ أنّه خالٍ عن كلِّ كذبٍ و بهتانٍ و زور.

فيعودُ ذلك الملاكُ بجسدِه أو بطيفِه
عندَها يُدرِكُ المرءُ أنّ أفضل شيءٍ قد يحدُثُ هو القدر ,,,
فيقول : فليكن ما يكون, طالما أشعُرُ أو أقتبسُ من نورهِ لن يكون لي في هذه المعيشةِ وجود , إن ابتعد أو اقترب لن يكن ثمّة معنىً للصُّدود , فقد وُثِّقتِ المواثيق و قطعت العهود , فأنا و هو: التوافق و التعاضد و الحظوظ و الجدود.
 
 
  مع تحيات الموقع الرّسمي للأستاذ ابن نزار الدمشقي

جميع الحقوق محفوظه © ابن نزار الدمشقي

تصميم الورشه