إنقلاب شعري

0
مللتُ من الأساليبِ البِدائيَّة
كرِهتُ مُقدِّماتِ النثرِ
كرهتُ الشِعرْ
نِفاقَ الشِّعرْ
و كلَّ رسائلِ الحُبِّ الخرافيَّة
سئمتُ الأرضَ إذ تحتاطُ من شفتي
و شمسُ الأرضِ في أرضي السَّماويَّة
و جاراتي لهنَّ شرابُ أبياتي
و آهاتي الزُّجاجيَّة
***

فمهما كنتِ في بيتي
تحاولُ أمُّكِ النَّجلاءُ أن ترسُمْ
بأوردتي أزاهيراً و بخُّوراً
فقد حاولتُ مجتهداً
بغير قصائدي
بيدي
بما أوتيتُ من عزمٍ و من فهمٍ
و موعِظةٍ تراثيَّة
و قد حاولتُ مُقتصداً
و مبتعداً عن الأنثى المثاليَّة
تجنَّبَ مخرجِ التَّقديم في لُغتي
بأحجيةِ المناطقةِ
المَخيطةِ بالتَّباشيرِ المُحنَّطةِ
المُبهرجةِ القديمةِ منذ خلقِ العِهنِ
في حاراتِ منطقتي
***

قرأتُ بعينِك الحوراءِ مسألةً
بها لغزٌ
قديمٌ منذ خلق الكُحلِ في عينيِّ جارتِنا
فأوَّاهاً لعينيها
بلونِ البُنِّ أرشُفها و أسكرُ من تراتيلٍ
يُصَبُّ رغامُها طُعماً
فناجيناً بقهوتنا الصَّباحيَّة
فأوَّاهاً لعينيها
***

لقد حرّمتُ شربَ الخمرِ في ألفاظِ مملكتي
فجاءتْ يومَها سَكرى
بغير نبيذ تشربه
و قد عادتْ بلا كَفَنٍ
ضمادُ الشَّاشِ غطَّى أنفَها
و أتتْ...
مشتْ نحوي مُزخرفةً
و قد بسمت
سكرتُ بخمرِ عينيها
سكرتُ بكحلِ عينيها
و لم ينجُ من التَّجميلِ واأسفي
سوى عينيِّ جارتِنا
فَرُحْتُ لها و في قلبي
قصائدُنا و قد نزفتْ
نشيداً أحمراً عذْباً
كشاي الصُّبحِ يا إنسانتي أسَفاً
***

فما بالي!!
و ما بالُ العيونِ الشُّهلِ إذ ترنو بعينيها
فما تقرا سوى جُرحٍ قديمٍ
يشبه الفنجانَ و البحرة السُّداسيَّة
ففي الليوان
في داري
نُجيماتٌ كقِرطِ الأعرجِ المُرتاحِ في وطني
شُجيراتٌ خُرافيَّة
تهزُّ فيعصُرُ النَّارنجُ هكتاراً
***

أقولُ لها وفي أعصابنا شوقٌ
: تعالي قبل أن تأتي
أهازيجاً سماويَّة
و إن لم تفعلي فامشي
إلى سوقِ المواسِمِ مع
تسابيحي الصَّباحيَّة
فثمَّ تلاقي أشعاراً
تباعُ رخيصةً فاشري
لأرجلِها و أيديها
و خصلةِ شعرِها رطلاً
قإن شئتِ ترشرشْ أرضَ باحتِها
بأبياتٍ فراتيَّة
و إن شاءتْ هناكَ ترينَ بيَّاعاً
بكلِّ ضحىً يجيء السُّوق
و يأتي مع شواربِهِ
فيصرخُ كلُّهم:
"أدبٌ... و شعرٌ أقبلوا,
تلقوا لدينا كلَّ مطلبِكم
و عندي الشِّعرُ بالكيلو
تعالي أيُّها الأنثى
و أقبل أيُّها العاشقْ
فهذا شِعرُنا طازجْ
إلى التُّجَّارِ و السَّاسة
إلى القادةْ
تعالوا شعرُنا جذلٌ
رقيقٌ مثل قشر اللوز
رخيصٌ أقبلوا هيَّا..."
***

فروحي لهم
فقدْ يُعجبِكِ شِعرُهُمُ
فلِمْ لا تشتريْ منهمْ
تراتيلاً ترابية!!
فإنِّي قد مللتُ الشِّعرْ
غُبارَ الشِّعرْ
و كلَّ قصائد الشِّعرِ السَّعيريَّة
***


مع تحيات:
الموقع الرّسمي للأستاذ ابن نزار الدمشقي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظه © ابن نزار الدمشقي

تصميم الورشه