طاعون

0




أنتِ حالةٌ مَرَضِيَّةٌ لا رجوتُ منها شفاءً
إرحلي عن دفاتِري
عن قصائِدي
عن أشعاري
عن هواجسي و خيالاتي
عن أخباري
عن أحلامي و يقظتي و أوهامي
أنت هلاكٌ و بلاءٌ و جنَّاتُ النَّعيمْ
أنتِ عذابٌ أليمٌ
أنتِ نعيمٌ مُدمِّرٌ مقيمْ
إرحلي عن عالمي
أريدُ العيشَ في دنيايَ بِحُرِّيَّة
أنتِ حالةٌ مرضيَّةٌ دائمة
لا أرجو الشِّفاءَ منها
أنتِ القَدَرْ
أنتِ تَعَصُّبُ البَشَرْ
أنتِ محطُّ فنٍّ جديدٌ في دنيا الشِّعرِ و الشُّعراءْ
و لما أن كان اهتدائي إليه وحيداً
كان من ثمَّة تفوُّقي على أبناءِ عصرِكم

أنتِ جنونُ القمرْ
أنتِ عصرٌ جديدٌ لبني البَشَرْ
أنت ثورةٌ جديدةٌ ما قامَ بها ثوَّار
و إنَّما قمتُ بها وحيداً
أنتِ لونٌ جديد
و عِلمٌ جديد
و فنٌّ بين الفنونِ جديد
أنت حضارةٌ قديمةٌ تمَّ تطويرُها
ثمَّ أزيلَ عن نصبِ تدشينِها
و تحديثِها الستارُ في الخامِسِ من أبريل
حيثُ كان الثَّلجُ الرَّبيعيُّ يهطلُ بحلولِ فصلِ الخريفْ
أنتِ أسطورةٌ لا تنتهي تفاصيلُها
أنت قارَّةٌ جديدةٌ اكتشفَ الطريقَ إليها جدِّي الأكبر
وأكملتُ المسيرَ لألقي عليها أوَّل حمل
منذ أن شقَّتْ هذا المحيطَ و نَتأتْ عنه
فلا تحسَبي أن يقيمَ أحدُ بني البشر
على تلك الجزيرة
حضارةً تؤرِّخُها البشريَّة
و أنا ثمّة أقَلِّبُ في تضاريسِها النَّظَر
فأنا أَولاهُم
كما كنتُ أولهُم بهذا الاكتشافِ الجنوني
أنا أولى باستخلاصِ تِبرِه و جُمانِه
وحتّى برونزِه و حديدِه
ولكن
ها أراني أولى ببراكينِه و زلازِلِه
وعواصِفِه و جنونِه
أنتِ مِحنَةٌ جديدة
ومِنحةٌ فريدة
أنتِ وباءُ طاعونٍ لذيذْ
أنتِ مهنةٌ جديدة
و حرفةٌ جديدة
انت إدمانٌ لا أرجو التَّخلُّصَ منه

***



مع تحيات الموقع الرّسمي للأستاذ ابن نزار الدمشقي

إلتهاب

0


شوقي إليكِ و مُوصِدُ الأبوابِ
و تعنُّتي و تقطُّعُ الأسبابِ

و تفاؤلي و الشّيبُ يغزو لِحيَتي
فَودَيّ رأسي صفوتي و شبابي

و تعلُّقي بالطَّيفِ حتَّى كِدتُ أنْ
أهوى الهواجسَ ناسياً أحبابي

و تَقلُّبي في غمرَتي في نشوَتي
في صفوَتي في أنَّتي و عذابي

و أريكتي بعدَ ازدحامٍ قد خوت
و تباعُدي... و تقرُّبُ الأصحابِ

حتَّى غدوتُ كناثِرٍ بذرَ الرَّجا
وسْطَ الدُّجى في الزَّاخِرِ المِصْخَابِ

و رُفِعتُ عن شكلِ الرَّقيقِ بهيئتي
بل كُنتُه في الذُّلِّ و الأعتابِ

و حماقةٍ تأتي على أصحابِها
ترمي العوالي في علا الأبوابِ

شوقي عجيبٌ هل تراهُ مشاعرٌ
أم قِصَّة تُتلى على الأحقابِ

شوقي و لكنْ لستُ ألقى اليومَ شوقاً
لا أو هوى قد أتْلِفَتْ أعصابي

شوقي التهابٌ كانَ من أعلاقِ قلـ
ـبي في الحشا من تبغها و شرابي

بسذاجتي ببراءتي بغباوتي
بتعصُّبي بتطرُّفي الإرهابي

بتميُّزي بتلهُّفي بتطوُّري
بعبادتي بعبارةِ الأعرابِ

شوقي إليكِ كان شوقي دفتراً
ألَّفتُه في النَّحوِ و الإعرابِ

أنَّقتُه بالماسِ بل طيَّبتُهُ
بالغارِ و الليمونِ و الأهدابِ

و تفاؤلي قد كانَ فيكِ حماقةً
تربو على الأيَّامِ و الأنسابِ

صيَّرتِني ألعوبةً لمشاعِري
و قَتلتِني بالطَّرفِ و الأهدابِ

يا دُميةَ الوهمِ اللطيفِ تحيَّتي
ألقيتُها كالعاشقِ الكذَّابِ

فرأيتِني و عرفتُ أني فيكمُ
أني كَعَبْدً صابرٍ أوَّابِ

شوقي إليك كالأساطيرِ التي
يتشوَّقُ الكذَّابُ للمرتابِ

لا تحسَبي شوقاً يدومُ مع النوى
فالهجرُ حدُّ السَّيفِ للأعصابِ


***



مع تحيات الموقع الرّسمي للأستاذ ابن نزار الدمشقي

سراب

0



سراباً سراباً يباباً بابْ
سحاباً ضباباً خراباً خرابْ

ذهولاً عميقاً و فكراً عقيماً
و جهلاً مقيماً بخوضِ العُبابْ

و لحناً رتيباً و ذئباً مُريباً
و سجناً رهيباً أراني العُجابْ

فنومٌ كموتِ و نكرانُ نعتي
بقائي بصمْتي أتى بالعذابْ

***





مع تحيات الموقع الرّسمي للأستاذ ابن نزار الدمشقي

ظنونٌ و لكِن ...

0



كلُّها تبقى ظُنونْ
بيدَ ظنِّي كاليقينْ

أم أحاديثُ العيونْ
في ثنايا الياسمينْ

يا تُراها هل تَهُونْ
بعدَ هاتيك السِّنينْ

يرحمُ الله القوافي
أسدلتْ ماءَ العُيونْ

يومَ صادقتُ السواقي
معلناً حُبِّي كدينْ

يومَ أغرقتُ ابتعاداً
عن قضايا العالمينْ

يومَ هاجرتُ انتصاراً
للهوى لا أستكينْ

رُحتُ في التاريخِ أوباً
رافعَ النَّاي المبينْ

رُحتُ في التَّاريخِ بحثاً
في سُطورِ الأوَّلينْ

سِرَّ طيفٍ صارَ لحناً
مُسكراً في كلِّ حينْ

يا تراهُ ما يُجازي
بعد هاتيكَ السِّنينْ

طِرتُ عن جسمي و وقتي
عن مكاني و المَعينْ

قال ربِّي : لا تغادِرْ
ذلكَ الطَّيفَ المُهينْ

قال ربِّي : لا تهاجِرْ
قِصَّةَ الحُّبِّ الحزينْ

قال ربِّي : لا تُغادِرْ
ربوةً فيها العرينْ

قلتُ هل تعبُدْكَ ربِّي
أو بربِّي تستعينْ؟!

بعدَ أعوامٍ ثلاثة
رحتُ في فكرٍ هجينْ

هل سراباً تلكَ كانتْ
سيِّدي لا تستبينْ!!

أم ضباباً أم عقاباً
دمَّرَ الحِصنَ الحصينْ

:بل أردتَ بغيرِ نارٍ
 يأرُجُ العُودُ الثَّمينْ

بل أردتَ بغيرِ جُهدٍ
يُخرجُ التِّبرُ الدَّفينْ

هل تخالُ الحُبَّ نهداً
في فراشٍ يستكينْ!!

***

رحتُ في فكرٍ طويلٍ
فانطوى مجدي بِلينْ

رحتُ في التَّنجيمِ خوضاً
في هوى النَّجمِ القرينْ

أُحْضِرُ الأرواحَ عَلِّي
و التَّختُّمَ باليمينْ

فاستوى عِلمي وجَهلي
ذاك ظنِّي باليقينْ

و انزوى عن هامِ عرشي
جوهرُ التَّاجِ الثَّمينْ

بل هوى ربُّ القوافي
صارَ عِيَّاً لا يُبينْ

ضاع سُكراً تاه جَهْلاً
غاص في ذَنْبٍ مُشينْ

قد نسيتُ متى و كيفَ
أين أنَّى لاتَ حينْ

موعِدي طَرَدَ الزَّمانا
جَدْوَلي طَرَدَ المكانا

حُبُّهَا قد صارَ رانا
يغتَشي القلبَ الحزينُُْ

تُبتُ واستغفرتُ ذنبي
عَلَّها تأتي لقُربي

ناهلاً من نهرِ حُبي
طيفُها الهادي الرَّزينْ

فاستماتتْ في ابتعادِ
في الضُّحى لا يستقيم


ما استجابتْ عن عنادٍ
وانتقامٍ من ضنينْ

يرحمُ اللهُ الليالي
حيثُ كان الحبُّ دينْ

قالتِ اقْبَع وسْطَ قلبي
مثلَ ضيفٍ أو سجينْ

رحتُ طيراً سُلَّ خيطاً
واستقلَّيتُ السَّفينْ

خُضتُ في بحرٍ لأنجو
خانني الرَّكبُ اللعينْ

غُصتُ في الأعماقِ ليلاً
رغْمَ كيدِ الكائدينْ

مُوقِناً فيها هلاكي
راجياً عونَ المُعينْ

يغفِرُ اللهُ التَّوهُّم
قلتُ أخبِرْكَ اليقينْ

إذ أتاني الوحيُ ليلاً
ناهياً عنْ أنْ أبينْ

في غَدٍ بِشْرٌ عظيمٌ
في صُدورِ المُؤمنينْ

في غَدٍ فتحٌ قريبٌ
 للجنودِ الثَّائرينْ

فاستمِعْ للنَّايِ يحدُو
مِنْ جذورِ الياسمينْ

واكتَفِ بالقدْرِ هذا
سوفَ تُخبِرْك السِّنينْ

عن وزيرٍ صَارَ عوناً
طيِّبٍ في كلِّ حينْ

***



مع تحيات الموقع الرّسمي للأستاذ ابن نزار الدمشقي

دومي على الهْجْرِ

0


دومي على الهْجْرِ لا تأتي و لا تَصِلِي
من باتَ يحتارُ  مهما اجتازَ لمْ يَصِلِ

إن كنتِ في الحُبِّ لا تدرين موهِبَتي
فلتأخُذي الحُبَّ عن نجمي و ترتحِلي

و لتُرجِعي هِبَتي فالشِّعْرُ إن يُلقَ
و الشَّعرُ إن يبقَ في الأمواتِ لَمْ يَطُلِ

لا تحسَبي الكأسَ بحراً قد سبَحتِ بها
إن كانَ ثمَّة ملحٌ فهي من مُقَلي

فلقد قطعتُ ببطنٍ الحوتٍ مرحلةً
حتى أفقتُ بذاكَ الكهفِ كالثَّمِلِ

و لقد رأيتُكِ حتَّى خِلتُ أنَّ لنا
ما قبلَ غفوتِنا في الأعْصُرِ الأُوَلِ

عشرينَ عاماً قضيناها هوىً و غِوى
في الشِّعرِ و الحُبِّ بين الهمسِ و القُبَلِ

قبلَ اللقاءِ بألفٍ كنتُ مُتَّكِئاً
تحتَ الشُّجيرةِ أزجي السَّمنَ بالعسلِ

و الحُسْنُ في الروضِ صُبحاً لا يراهُ سوى
العُشَّاقِ كالطِّفلِ أو كالشَّاعِرِ الغَزِلِ

أرنو الصَّباحَ بهاءً كان أحسَنَه
شمسٌ أطلّتْ على الرَّوضاتِ بالغَزَلِ

حتى استفقت بروحٍ كنت نائمها
فوجدتُ بي نَصَباً و قذىً بها مُقَلي

آذَتْنِيَ الشَّمسُ حقَّاً فاسْتَجَرْتُ بِهَا
أضْحَتْ تُبَدِّلُ بين الوَمْضِ و الشُّعَلِ

و لقد فُتِنْتُ... على رأسي قُلُنْسُوةٌ
خَزٌّ و ديباجٌ في جوهَرٍ و حُلي

لم أدَّكِرْ أنِّي كُنتُ الأميرَ و في
قِطرِي أكابِرُهُمْ يرنون في حُلَلي

و نَزَلتُ عن عرشي و خَرجتُ من قصري
و خرجتُ عن مُلكي كمُسافِرٍ عَجِلِ

ما عابَهُ النَّاسُ إلاَّ أنَّهُمْ عجِبوا
لم يهبِطِ البدرُ طولَ الدَّهرِ أو يُجُلِ

ذاك المُسافرُ ما باعَ الحُليَّ و لَمْ
يُبقِ على التَّاجِ كُفي بالأعيُنِ النُّجُلِ

حتى استهامَ ببطنِ الوادِ ثُمَّ على
الأبحارِ خاضَ بِها بالسِّفرِ حين تُلي

عشرين عاماً و قد باعَ الدُّنا زُهداً
بالملكِ  و المالِ و السُّلطانِ و الخَوَلِ

عشرين عاماً و قد هَامَتْ بِهِ و بها
ذابَ المُسافِرُ لَمْ يُفْصِحْ و لَمْ تُقُلِ

حتى أفاقَ بيومٍ كانَ أوَّلُهُ
لمَّا رآكِ بتلكَ الدَّارِ و الحُلَلِ

فَخِلتُكِ الشَّمسَ فاستنكرتِ معرِفةً
عاودتُ فاعتَدتِ على الإنكارِ في مَلَلِ

فلتغفِرِ الشَّمسُ نسياني و ما اقْتَرَفَتْ
عيناي من ذَنْبِ أو قلبي من زَلَلِ

ما كُنْتُ أقصدُ لكِنْ شفَّني طَمَعٌ
قد شاقني ضوءُها فسهوتُ في أملي

فلتحسَبي ما شئتِ لكن فاعذُريني فَقَدْ
أخطأتُ فيكِ و ضِعفُ الصَّفحِ للثِّمِلِ

***



مع تحيات الموقع الرّسمي للأستاذ ابن نزار الدمشقي

لن أعتذر

4


لن أعتذِرْ
يا طيفَها لن أعتذِرْ
لن أترُكَ العطرَ الثَّمينَ بِجوِّ صُبْحي ينتَشِرْ
صيّرتَني جِلداً و عَظْماً
ذاب لحمي رقّ عَظْمي
كادَ حُلْمي يندثِرْ
قد كانَ قلبي خالياً
بلْ بُلبُلَ الدَّوحِ المُطيَّبِ بالأثيرِ المُنْتَشِرْ
ضيّعتَ عُمْرِي
فانقلبتَ مُرائياً
تحثو التُّرابَ مُكذِّباً تلكَ الحُفَرْ
تجني على باقي العُمُرْ
يا طيفَها لا تعتذِرْ
قد كان قولي فيكَ ختلاً
بل هُراءً بل مِراءً
كان زوراً و افتراءً
بل خِداعاً و اختراعاً
في ضياعٍ مُستمِرْ
بل كان حُبِّي مثلَ صحنٍ فيهِ دهنٌ
راحَ دُهني
جفَّ لحني
طاحَ صحني و انكسرْ
بل كنتُ كذَّاباً أشِرْ
***
يا طيْفَها لن أعتذِرْ
لا لن أقولَ أتيتُ ذنباً فاصفَحَنْ أو فاغتَفِرْ
لا لن أكونَ كذا جباناً
كالضَّميرْ المُستَتِرْ
فأنا السَّحابُ يُظِلِّكُمْ
و أنا القَمَرْ
فهل تُرى إن غابَ يوماً
غاب شهراً
غاب دهراً
جاء صُبحاً يعتذِرْ!!
***
لن أعتذِرْ
إن كنتَ ضوءاً أو سناءً
كنتَ شمساً أو سماءً
كنتَ سجناً
كنتَ كوناً
كنتَ ما كنتَ استكِنْ
أو ريحَ شُؤمٍ عاتيةْ
أو يومَ نحسٍ مُستمِرْ
سبعاً و عشراً قاسيةْ
أو كنتَ ما كنتَ استمِرْ
فَليَ البراءةُ في الزُّبُرْ
فَلترسِلَن عشراً أخَرْ
ما كُنتَ كُنْ
لا لن أراكَ
سأرنو ربِّي و القَدَرْ
***
يا طيفها لن أعتذِرْ
لا لن أجيءَ لبيتها مثلَ الذَّليلِ المُنكَسِرْ
فلِمنْ أدِلُّ تواضعاً
و أنا الهشيمُ المُحتظِر!!
كنَّا البراءةَ في الحياةْ
وكذا البلابلَ في الشَّجَرْ
كنَّا الطُّفولةَ كلَّها
كنا الطّهارة
و السَّماحَةَ
و الرّشادَ مع النُّها
فأتى غرابٌ ناغِقاً
ذهبتْ توارتْ فَاخْتَفَتْ
فاجتاحَ غُصْني فانْقَعَرْ
طَفِقَ الغرابُ مُطارِداً
عصفورَ أيكٍ فانأسَرْ
ألقاهُ في سِجنٍ ظلامٍ
كبَّلَ العُصفُورَ ظلماً
راحَ يجتاحُ الأُخَرْ
فاليومَ في قَفَصي سجيناً
ليس خُبزاً أو عجيناً
أو شراباً أو طَحيناً
أو سِراجَاً أو فتيلاً
أو فِراشاً أو غِطاءً
بتّ في حرٍّ و قرّ
***
أفأعتذِر!!
أفأعتذِر!!
من شيءٍ أعتذِرْ!!
عن أي ذنبٍ أعتذرْ
و أنا الملاكُ المُنتَظَرْ؟!
و اسمي المدوَّنُ في الزُّبُرْ
شعري المدوِّي في الوجودْ
إذ فاحَ فجراً كالعبير
إذ ضاعَ لحناً مُسكِراً ثُمَّ انتَشرْ
و بغيرِ عُودٍ أو كمانٍ أو وَتَرْ
***
يا طيفَها عندي خَبَرْ
يا طيفَها عندي خَبَرْ
و لقد رأيتُكَ ساحراً
ما كنتَ حقَّاً كالبَشَرْ
فاجتحتَ ليلي لستَ تألو
قدْ ظننتكَ يومَ سَعْدٍ مُسْتمِرْ
بلِ قدْ ظننتُكَ لي الشَّريكْ
بلِ الملاكَ المُنتَظَرْ
إذ نادى يا عبدُ اصطبِرْ
يا طيفَها و أنا أكيدٌ لستَ حقَّاً كالبَشَرْ
***
يا طيفَهَا و لقد رفَضْتَ بأنْ تكونَ
ليَ الشَّريكَ
أو الملاكَ المُنتَظَرْ
يا طيفَها و أنا أكيدٌ لستَ عندي كالبَشَرْ
أفساحرٌ!!
أو كاهنٌ!!
أوَتًُسمِعُ الأُطروشَ
أو تحيي بِسِحْرِكَ من تسجَّى في الحُفَرْ؟!
يا طيفَها من ذا يكون ؟!
يا هاجِساً فلقدْ أتيتَ كَمِثلِ سِحْرٍ مُسْتَمِرْ
حيَّرتَني
فكَّرتني
ذكَّرتَني في عرشٍها
إذ جاءً في لَمْحٍ البَصَرْ
ناداه عِفريتٌ يقول:
"يأتيك قبل رواحِنا
و أنا أمين مُقْتدِرْ"
بل قال آخر:" لا و لا
يأتيك في لَمْحِ البَصَرْ"
فرآهُ عِنْدَهُ مُسْتَقِرْ
يا طيفَها أفذاكَ أنت!!
ماذا تكون؟!!
ماذا تكون؟!!
هاروتُ أو ماروتُ قل لي من تكون؟!!
إبليسُ أقدرُ منكَ في نسجِ الصُّوَرْ


***



مع تحيات الموقع الرّسمي للأستاذ ابن نزار الدمشقي

تناقضات

0

فراشةٌ أنا و لهيبْ
أحومُ حولَ حَولي
فيُحرِقُ بعضي بعضاً
نجمةٌ أنا
ومسجدٌ و كنيسةٌ و صليبْ
أرنو إلي
و أقتبسُ من شُعاعي
فتؤذي سنائي عتمتي
و تُزعِجُ ضوئي ظُلمَتي
كأسُ خمرةٍ بيدي
و بأخْرى السُّبُّحَة
أقعُدُ على سُجَّادتي أصلِّي
فتلوحُ لناظري صورةُ نَهدٍ
وامرأةٌ
و حشيشٌ
صليبْ
***
مدنِفٌ أنا
تعبٌ أنا
ذائبٌ
مُلوَّعٌ
مجنونٌ أنا
تائهٌ و تائبٌ أنا يا صغيرتي
والقمرُ يُؤذي نهاري
صباحي و مغربي و ليلتي
ماذا أقول
وهل أقولُ قصائداً؟
وقصائدي ذابتْ
وقريحتي تَقَرَّحَتْ
وشفاهي
يا ويحَ غيرِكَ يا شفاهي
و يا لطولَ ما خاضتْ و سبَّحَتْ
و ثَمِلَتْ بخمرةِ الشِّفاهِ و النُّهودِ و النَّبيذْ
فثمِلَتْ
و سكِرَتْ
و خَمِرَتْ
و انتَشتْ
و طرِبتْ
و رقصتْ
و فَرِحتْ
و ذهَبَتْ كُلُّها
حتى أطلالُها
و لم يبق من كل ذلك إلا ثُمالتي
يا لثمالتي
لم يبقى إلا ثمالتي
فثملت ببقايا الأنين
و عتيق الحنين
جِلْدي
لقدْ بَدَتْ عليهِ تجاعيدُ السِّنين
قدِّي
لقد خاض الأبجديَّة كلَّها
وترك أولَّها وراءَ ظَهرِه
كأنَّه يرومُ آخِرَها
فماذا أصفُ
و ماذا أقولُ يا صغيرتي!!
آهٍ يا صديقتي
وألفُ ألفِ آه

***

مع تحيات الموقع الرّسمي للأستاذ ابن نزار الدمشقي

لا تسأليني

0

-1-


لا ما تُعدًّ النِّسوةُ اللواتي هِمتُ بِحُبِّهنْ
في شاطئِ البحرِ الفلانيِّ الجميلْ 
أحببتُ ألفاً أو يزيدْ
و على شواطي النِّيلِ ألفاً
ثمّ ألفاً ثمّ ألفاً 
حتى صاروا ألفَ ألفٍ و امرأة
في القاهرةْ أحببتُ نهداً من خشبْ
و النهدُ صارَ سحابةً 
بل صار غولاً
حال فيلاً
ثم كَوماً من حطبْ
***
لا تسألي لا تسأليني
كيف كنتُ أعاملُ الأُنثى التي
تحظى بوقتٍ ضيِّقٍ تقضيهِ فوقَ أريكتي
لا تسألي
لا تسأليني كيف كنتُ أُقبِّلُ الأنثى التي
تحتلُّ سَرْجَ قصيدتي
لا تسألي
لا تُحرجيني :
كيف كنتَ تداعبُ الثَّديَ الذي
يأتيكَ ضيفاً زائراً
أو أن يكونَ مداوماً في زحمةٍ فوقَ السَّريرْ
لا تُحرِجيني
لا تقولي هذا حقُّكِ ...
إنَّما
يكفيكِ أنِّي تائبٌ عن كل حبٍّ
كلِّ عُمْرٍ
كلِّ ثديٍ
أو شفاهٍ أو عيونٍ
أو مواعيدٍ بحاناتٍ
و لا في مقصفٍ
أو قهوةٍ
أو في الطَّريقْ
تاريخي ذاكَ قَدِ استجرتُ بِحبِّكِ الغالي بأن
تُنجيني منه
فهلْ تُعيدين الغريقَ إلى المُحيط!!
تاريخي ذاك قضيتُهُ في رسمِ جغرافيا النِّساءْ
في نَحْتِ أصنامِ النُّهودْ
في موعِدٍ في زَورَقٍ وسْطَ المُحيطِ
فلا نرى إلا النَّوارسَ في الشواطئ
و الجوارحَ في السماءْ
لا تسأليني
إنَّما فيكِ استجرتُ من الغَرَقْ
لا تُرجِعيني أعبدُ الصنمَ الرَّديمْ
و أطوفُ بالنَّهدِ القديمْ
و أعاودُ الحبَّ السقيمْ
و أعودُ أرجعُ ألفَ عامٍ
ثم ألفاً ثم ألفاً
 قبل عيسى و الكليمْ.

***


-2-

لا تسأليني عن غرامي
بل سِقامي بل تِهامي بين أثداءِ النِّساءْ
لا تسأليني عن تصاويري القديمةِ
في المتاحفِ و المعارضِ
في الصباحِ و في المساءْ
لا تسأليني عن مطارٍ أو مَزَارٍ
عن صديقٍ أو رفيقٍ
عن قميصٍ
عن عُطورٍ
عن حِزامٍ أو حِذاءٍ
لا تسأليني عن ذهابٍ أو إيابٍ
أو فتاةٍ رحت معها
في غداءٍ أو عشاءٍ
لا تسأليني عن تصاويري القديمةِ
بين أصنامَ النَّواهِدِ أو تماثيلِ الشِّفاهْ
لا تسأليني عن قَصائِدِنا القديمةْ
تلكَ كانت كُلُّها وهماً من الكذِبِ الجريء
عِشَّاً من الخَتْلِ الحقيقيِّ المُداهِنِ لا البريء
كنَّا زماناً نُتقِنُ التَّمثيلْ
بل كان ذاكَ حقيقةًً
لكنَّه في عالمِ الأوهامْ
هل تسأليني عن عذابي باقترابي
من يديك حبيبتي؟!
هل تسأليني كيف أغلي
كيف أذكر ُكلَّ ذاك خليلتي
هل تسأليني كيف أذكرُ ذلك التَّاريخَ
 بعد بُلِّغْتُ الحقيقة؟!
هل تسألين ؟
هل تذكرين؟
يوم التقَينا في الصِّبا
هل تذكرين حياءَنا
هل تذكرين عفافَنا
هل تذكرين سماحةَ الوجهِ الطُّفوليِّ البريء؟!
عشرون عاماً قد مَضَتْ عن ذلكَ التاريخْ
أيام في الميدانِ كنَّا
نكرهُ الجُغرافيا و القوميَّة و التَّاريخْ
أيامَ تلك المَدْرَسة
رجَعَتْ بنا تلكَ الليالي ليتَني
ما عشتُ إلا ليلةً في بُعدِكِ المُضْنِي و لَمْ
أرَ في نهاري فتنةً
أو لَمْ أُقَبِّلْ قُبْلَةً
أو ضَمَّةً
أو نزوةً
أو شهوةً قد تعتريني
يا ليتني...
عشرون عاماً بَعدَها
لا زالَ وجهُك مُعلِناً
تلكَ الطَّهارةَ
و البراءةَ ذاتها
أفتذكرين؟!


***



مع تحيات الموقع الرّسمي للأستاذ ابن نزار الدمشقي

جميع الحقوق محفوظه © ابن نزار الدمشقي

تصميم الورشه