تحرير عرش الشعر

0



هـبَّـت نســــــائمُ مــــن قُصـــــــــادِكِ فــــــارتقى
قلبي عــــــلى عــــــرشِ القصــيــــدِ مُـتـيَّــــمــــا

هـبَّـت نســــــائمُ و النَّســـــائمُ صـــــــدَّعـــــــت
قـــــلبي ، و قـلبي مـُـــــدنــــفٌ فــتــــــألَّــــــمـا

هـبَّـت نســــــائمُ إِذ يــــــــــــراعي نــــــــــائمٌ
حــــتَّى أفــــــاقَ بــــــــروضـــــــةٍ فتكـلـــَّـــما

هتفَ الــــــــــــيراعُ مبشِّــــــــراً في سـِــــــرِّه :
"بُشراكَ .... فاهنأ يـــــــا مـــلــيكُ منعَّما

بُشراكَ ... فاهنأ و ارتَقِبْ ما بشَّـــــــرتْ
تلك النَّسـائمُ ... عــــــالـمـــــاً و مُـعـلِّـمـــــا

بشــــــراكَ: تــــدفــنُ كلَّ طـــــــودٍ ... مــــــاردٍ
في الشِّعرِ" ... بـــل والشِّــــعـــــــرُ راحَ مُتمــــتِـمـا

أنــــــتَ المـــــلـــــيــــكُ وليس ربِّي غــــيرُكم
يــــــــــعلو الـــعــــــــروشَ مُـــــــؤيَّداً بل مُلهَما

فـــــــــاصدع بمــــا تـــَـأمُر ولا تـــَـــأبــــه لهُم
جُـــــــذَّ الـــــــرِّقــــــــــابَ ولا تــــَدَعْ مُسترحِما

يـــــــــا ســــــيِّداً : هـــــــــــذي الشُعوبُ أَمامكم
جـَــنـــِّـــدْ بهـــــــــــــا الجــيـشَ السطور الأعظَما

جــــنـــــِّد بها ... جـــنــــــِّد لها ... جنِّـــد و دعْ
هـــــــــذا الــــــــيراعَ يــــــــقـــودَهُم إذ سُلِّما

***

هـبَّـت نســــــائمُ مــــن قصــــــــــادِكِ  ذكَّــــرت
بـــــــــــالسَّـــــيــــف سيـــــفِك مُصـــلَتاً و مُكلِّما

هـبَّـت نســــــائمُ ذكَّـــــــــرتْ مــــا لم أكـــــــن
يـــــــــومـــــــــاً بــــــــــه أنسى الحبيب المُغرَما

شجـــــــــرُ الأيــــــائــــــكِ من ســـقـــامٍ عُرِّيت
 فــــــــــــــإذا بهـــــــــــــــا شيخاً جَليلَ تعمَّما

هبَّت .... إذاً هـــــــذي الفــــيـافي ربَّـــعــــــــــتْ
قومـــــــــاً تضاغى طـــِـــــــــفـــلـُـهُم و تيتَّما

هبَّت ... فــــقـــــلبي راح يــــــــنزِفُ في غــــــدٍ .
أذكـــرتِ يـــــومـاً كـُـــنـــتُ عــَــــيــــَّاً أبكما

***

هـبَّـت نســــــــــــائمُ مــــن قصــــادكِ في الضُّـحى
جـلــبـــتْ لــنـــا ضـــيـــــفـــاً عـــزيــــزاً مُكرَما

جلـــبــــــتْ لــــــــنـــــا طـــــيـفَ الَّتي أرِقَتْ لها
أجـفــانُ قـلبٍ مــــــدنفٍ ... فــــتـــحـــمـــحـــما

فــــــالـيــــــــــومَ لا عَيٌ يــُـــــــراوِدُني ... و لن
أبغـي بغــــــيرِ الحـــــــــــورِ مـــــــــاءً زمــــزما

فـــــــالــــــيــــومَ لن أحــــــــتـارَ إن كانَ الِّلقا
عِــــــدةً  يكــــون .. ولــــــــن أكـــــــن مُستسلما

يــا جنَّةً جـــــــعــــلتْ ريــــــاضي بـَــلـــقــعــــاً
فــالـــيــــومَ هــــاكِ الـبـــلــقـــعَ المتهدِّمـــــا

فــالــــــيــــومَ هــاكِ بلاقعاً فـــَـنِيَتْ فــــــــــلا
تــُــبقي بهــا أثــــــراً يــــــعــــــدْ متــــكــــلِّما

فـــــــالــيــــومَ هــاكِ بلاقعاً ، واســـــــــتـفهمي
عمَّـــا رأيــــــتِ ... فــــلــن أُسِـــــرَّ وأكـــــتما

فــالــــــيــــومَ ليس النِّكثُ عـــــنـدي مـذهـــــــباً
لا لن أكن عــِـيَّــــاً ... ولــــــــــن أســتــــعـجما

فـــــــالــــــيــــومَ في كلِّ البحار مُجــــــدِّفــــــاً
و سـأركــــــبُ الـّـُـلـــــجَّ الخـِــضــمَّ المبهــــمــا

فـــــــالــــــيــــومَ في كلِّ البحار مُجــــــدِّفــــــاً
و ســــــأركــــــبُ الُّـــلـــــجَّ الخـِــضـمَّ الأعـظما



***






مع تحيات: الموقع الرّسمي للأستاذ ابن نزار الدمشقي

بريد عاشق

0



يــــــا دارُ لا تـــتــعــنّــَــتـي ... و اسـتـقـبِـلـي
مــــــنــهُ الــــرَّســـائــــلَ إن أتتْ و بــَــريدا

و تـــخيَّري مـــا شـِـئــــتِ من صـَــفـَـحَـــاتِها
ثُمَّ اشــــــــرحي لي قـــــصــــدَه و قَصــيــدا

يا دارُ : كـُـفــِّـي الّـَـلــومَ ... قــــد أرهَـقـتِـنـي
أفـَــمــَــا عــلــمــــتِ غــيــظَـه و وعــيـدا؟!

فـــلــقـــــد عــــشـِــقــــْـــتُ عُيُونَه أُرجوزَةً 
و لــــقــــد هــَـــويــــــــتُ كــلامــــهُ تَغريدا

بــــــل ظــَـــلَّ قلبي هــائـِـمـاً في خَـــطــــوِه
أمسى اسـْـــــمـُـــهُ بشـــفـــاهـِـــــــه تَحْميدا

يــــــــا دارُ لــــــكنْ فـَـــاحـــذَريه و سِحـرَه
فــــبـِــــــــه غُمـــــــــــوضٌ لا أراهُ حـَـمِيدا

و لــــهُ عـــيـونٌ كـــالــعُـقـابِ ... و خطــوُه
قد صارَ صـــــخـــــــراً يرتمي ... و حديـدا

يـــــا دارُ هــــــــذا كالــجــبـــابـــــرةِ الأُلى
ســــلطـــــانــَـــه فــــلـــتـــحـــــذرِيهِ وَطِيدَا

يا دارُ لا تـَــــتـَــسـَــرَّعي ... و تــَـخَـيّــَـري
منهُ الرَّسائــــــــلَ إن أتت و قـــــصـــيـــدا

فــَـلـَــنــَـابَهَــا أخشى عـــــلـــيــكِ و سـُمَّــهَا
تــُـــمْــــسِ رُكـــــامــَـاً خــَــامِداً و حَـصيدَا



***



مع تحيات: الموقع الرّسمي للأستاذ ابن نزار الدمشقي

سيِّد الشُّعراء

0


أنا سيِّدُ الشُّعراء
هذا ما قرأتُه في بيانٍ صادرٍ
عن هيئةِ التّأريخِ 
و التَّثقيفِ بالسِّحرِ القديمْ
و آخرٍ 
عن مجمعِ العلماءِ و الكهَّانِ 
في قصرِ الرَّصافةْ
ثمَّ في علمِ التُّراثِ 
و في العرافة
و الفراسةِ 
و السِّياحةِ
 و القيافة
حتَّى لكَدْتُ أراها في 
وسَطِ الزَّبورِ و في الكتابْ
و  في العهدِ الجديدِ 
و  في القديمْ
فامتعضتُ 
و  ما اعترفتُ به و إنِّي
مدنِفٌ تَعِبٌ سقيمْ
لا أرتجي في مثلِ ذلكَ بلسماً
يشفي جراحاً
 ساقَها للشِّعرِ قبلي
ذلكَ المِسْخُ اللئيمْ
ذاكَ المسبِّبُ و المُعربِدُ
بل سقيمُ القلبِ
و الرُّوحِ التي
جالتْ على نهدِ النِّساء
 فما تُميِّز
في رُعونتِها
و طيشِ مُراهقٍ
نهداً لساقِطةٍ
رآها تسِكُبُ الكاساتِ
عن نهدِ الحبيبة
قد دعاها
و ادَّعى في حبِّها
كلَّ القصائدِ ...
فاستجابتْ
بعدَ أن لحِقَتْ
أجابت دعوةَ القوَّادِ
ذاكَ رضيعِ سبعٍ
من دمشقَ  ...
تبرَّأت أحياؤُها من شرِّه
تبرَّأتْ منهُ الفضيلةُ
 و الرَّذيلةُ
و الهوى
حتى ليتَّضحُ المجونُ لمن رآه
***
"أنا سيِّدُ الشُّعراءِ"
هذا ما قرأتُه ...
فامتعضتُ
و  قد أردتُ
لسيفي هذا يقتلَ الخنزيرَ
إذ أرنو قصائدَه
تعفَّنَ حِبرُها فوقَ الصَّحائفِ
ثمَّ راحَ السِّفلةُ الجهَّالُ
و الأرذالُ في
سبقِ التَّلقُّفِ
و التَّثقُّفِ,
ثمَّ لحتِ
و قد سبقتِ أولئكِ الشُّعثَ
انتبهتُ بغفلتي
فرأيتِني
أعلو عروشَ الشِّعرِ في قصري
فهبتِ الموقفَ الأخَّاذَ من سِحري
فطأطأ هامُكِ  السَّامي
فقلتُ : "أميرتي
عرشي و عرشكِ
يحكمُ الأقطارَ و البلدانَ
أنت مليكتي في آخرِ الأعوام
أعوامِ الخليقةِ
نجعلُ الحكمَ الإلهيَّ السَّماويَّ الحكيمَ
 بعرشِنا
مُلكاً على طولِ الزَّمان
***
"أنا سيِّد الشُّعراء"
هذا ما قرأتُه
في مفرقِ التَّاجِ المرصَّعِ
بالحُليِّ و بالجواهرِ
فانتهى خلاَّقهُ من صُنعِهِ
و قد استقامَ زمانُه
بل قامَ هيَّأ ذاتَه و مكانَه
***
"أنا سيِّد الشُّعراء"
قد صُهِرتْ ببوتقتي القديمةِ
سائرُ الأعرافِ و الأطيافِ
و الأعراقِ و الألوانِ
في شتَّى المذاهبِ
و الطَّرائقِ
 و الطَّوائفِ
و الحروف
من كلِّ آونةٍ و عصرٍ
بل و مصرٍ
قد ترين بها صُنوف
واهاً و أوَّاهاً زبيدةُ لو تعودي
واهاً و أوَّاهاً زبيدةُ كم شقيتْ
آهٍ زبيدُ
فلا تعودي قد فنيتْ
قلَّدتِني التَّاجَ المرصَّعَ بالجواهرِ
ثمَّ غِبتِ في جوفِ الضَّبابِ
فبأيِّ قافلةٍ أراكِ
و هل أرى الشَّعرَ القصيرَ
احمرَّ
أو شرَّبتِهِ ذاكِ الخضاب
آهٍ على تلك الليالي
ليتنا
نغزو الفضاءَ بليلةٍ حربيَّةٍ
و على بساطٍ من سحاب
***
"أنا قيصرُ العشَّاقِ" هذا
 ما كتبتِ
على جدارِ الياسمينَ بشرفتي
"أنا قيصرُ العشَّاقِ " هذا
 ما نعتِّ
و  قد رأيتُكِ طفلةً حمقاءَ
بل تلميذةً
مسجورةً  في غرفتي
***
"أنا سيِّدُ الشُّعراء"
تلك طفولتي
و لقد بلغتُ الرُّشدَ
هل ألقى بديلا؟!
تلك ألقابُ الطُّفولةِ
كان ذاك عزيزتي
حقَّاً جميلا
لكنَّني اليوم استعضتُ
و  بعد أن كنتُ امتعضتُ
و إنَّني ربُّ القوافي
و البلاغةِ
و المعاني
إنَّني ربُّ الهوى
ربُّ الفصاحةِ
و المباني
أم ترين المجد
في حقي قليلا ؟!
***



مع تحيات: الموقع الرّسمي للأستاذ ابن نزار الدمشقي

أطروحة الحب

0



أطْروحَةٌ في الحُبِّ قد قدَّمتُها
و رسمتُها مُزدانَةً بالأدمُعِ

و نظمتُهَا كَقَصَائِدِ الشِّعرِ التي
يتلو الشّيوخُ ... بحِكمَةٍ وتَخشَُّعِ

ألَّفتُها بِطَهَارَتي ... و خَطَطْتُها
بِحَواشي قلبي في الدُّجى ... و بأضلُعِي

لكنَّهُ بِجَهَالةِ العُشَّاقِ مَز
زقَ جِلدَهَا ... ثمَّ ارتمى في مَخْدَعي

خَالَ الطَّهارَةَ بالتَّودُّدِ تُشْتَرى
فَنَفَيتُه عِندَ الضُّحى من مَرْتَعي

و نفيتُ دمعي عن مَسَابِلِهِ الَّتي
خَطَّتْ ... أشرتُ لها بألاَّ تَرجِعِي

فرأيتُها حَالَتْ دِماءًّ إذ جَرَتْ
لمَّا عَضَضَتُ من النَّدامةِ أُصبُعي

***
 
مع تحيات: الموقع الرّسمي للأستاذ ابن نزار الدمشقي

نقطة تحول

0




فرجوتُها 
أن تدخلَ القصرَ المُنيفَ 
بموكِبٍ
يشري الملوكُ جلالَه 
بحرامِها وحلالِها
فأبت تَدلَّــلُ
والبساطُ نسيجُهُ إستبرقٌ
بَرّاقُ يُشبِِهُ رِفقَها و دلالَها
ولقد أبَتْ
فرأيتُ في إِحجَامِها إِقدَامَها
ورأيتُ في إِقدامِهَا إِحجَامَها 
و لقد عَتَتْ
فرأيتُ في إِكبارِها 
ذُلَّ الرّقيقِ ببابِ قصرِ المملكةْ
و تعنَّتتْ
وكساؤُها 
و وِشاحُها 
و حُليُّها 
فاقتْ نساءَ زمانِها
فاقتْ أميراتِ القُصورِ
بجاهِها
لكنّها بقِيتْ
كجاريةٍ لتَخْدمَ سيّداً
و العرشُ عرشي شاغِرٌ
مستبطِئ الأنثى الِّتي
تأتي تخلِّدُ اِسمَها
بجوارِ اِسمِ مَليكِها
***
يا نَشوةَ السُّكرِ الَّتي
غطّ المليكُ بفِكرِهِ
مُتثاقلاً من وَقعِها
مُتأثِّراً من نقعِها
فرأى بها شيطانةً
ورأى لها
نفساً خبيثةَ
يستوي في ثغرِها
طعمُ المُدامِ و زَمزمٍ
***
يا نِسوةً في القصرِ :
أوصِدنَ المداخلَ كُلَّها
و اعقِصنَ  كُلَّ شُعورِكُنْ
والبسنَ ثوبَ عفافِكُنْ
واقبعنَ وسْطَ خُدورِكُنْ
وانظُرنَ يأتِ حلالُكُنْ
***
بقي المليكُ بخَلوةٍ
شَعَرَ المليكُ بوِحشةٍ
فأبيتِ أنتِ عزيزتي
أن يُسلَبَ الملِكُ العفيفُ خليلةً
وأردتِ أنتِ خليلتي
أن يأتيَ الملكُ الشريفُ حليلةً
فأتيتِ في وقتِ الضُّحى
و الهمُّ يطحنُ كالرّحى
وجلالُ وجهِكِ قد محا
كُلّ الجلالِ السّابِقِ
و مُدَجِّلٍ و مُنافِقِ
حتى استويتِ بجانبي
لم تأتِ أنتِ في الضّحى
بمراكِبٍ و مواكبِ
و رفضتِ أن تطئي البِساطْ
و أبيتِ ترتفقي الأرائكَ خلتِها
نُسِجَتْ بخيطِ عناكِبِ
لكِ قُبلتي و محبَّتي
لا أبغي إلاّكِ الزّمانَ إلى الأبدْ
أنتِ أنا
يالبوةً صرتِ اللبوءةَ للأسدْ

***

مع تحيات: الموقع الرّسمي للأستاذ ابن نزار الدمشقي

الليمونة

0



هَــــذي الــّــَــلــيــمــونــةُ كَـمْ كــانــَــتْ
أُخـــــــــتـــــاهُ خـِـــبــــــــاءَ الأســْـــــرارِ

أخـــتــَـــاهُ : و كَمْ نــــَــظــَـمَ قــَصــيـــداً
فَعَـــــزَفْـــتُ الّلـَــحنَ بـــــــــــأوتـــاري

و شــــُــجــــيــــرةُ وَرْدٍ بـــِــــثـَـــــــرَاهَا
يـــَــــرنـُــــو لــلــــــــــــــــــوَرْدِ وَ أَزْرَارِي

و يـــــقــــــولُ أُحـِـــبّـُـــــكِ ... أَسْـتَحْيِي
و أُُرِيـْـــــهِ وَمِــــــيــْــــضَ الإنـــــــــــــذَارِ

هـــَـــــــــذي الّلَــــيـــمـــونــةُ واأسفي
أَمْسَــــــتْ كَعـِــــمَــــادٍ لــِـــجــِــــدَارِي

غــــطّــَــــاهـَــــا الـــمـــَـــــوتُ بِبـُـرْدَتــِـهِ
وَ كَسـَـــــــــاهـَـــــــــا جُــــــلَّ الأسْتـَـارِ

أوراقُــــــهَـــــا بـَــاتـَــتْ صَــــامـِـــتـــَـــةً
بــِـــالسّـــِـــــرِّ تــَــئـِـــنّ على الــــــــدَّارِ

قـــــــــد شـــَــاقَ الّلَـــيــمــونَـــةَ أخـتي
إبــــــريقُ الـــــحـُـــبِّ ... و أخـبــــــاري

هي جــــــنّـــَــــةُ كــــــــانت ... لـكنِّي
ألـــــــقـــاهـــــا جــــــحـــيم الفجار


***

مع تحيات: الموقع الرّسمي للأستاذ ابن نزار الدمشقي

قنبلةٌ من العطر المركب

0


قد كنتُ بصِغري عطاراً
ما كنتُ ككلِّ العطَّارين
أصنعُ من قلمي بخّوراً
أحفُرُ في كُتبي كالخندق
أو منجَمَ ماس
أستخرِجُ بترولاً أبيض
فأصوغُ عطوراً
أو أُخرِجُ مِسكاً من أجنحةِ النسرِ
و من أسواقِ الوراقين
***
قد كنتُ بصِغرِي عطاراً
لا أُشبِهُ كلَّ العطّارين
حتى أتقنتُ الفنَّ
و لي سبعٌ أو تسعٌ
ما جاوزتُ أنا الخمسين
أتقنتُ المصلحةَ الأولى
جربتُ التجربةَ الأولى
و وضعتُ زجاجَ العِطرِ على
ورقِ المرآةِ الأخضر في
خمسٍ أو سبعٍ أو تسعين
جمَّعتُ عطورَ الدُّنيا على
مرأىً من بصري
أشعلتُ القِنديلَ الأخضر
و جلبتُ العودَ
عزفتُ اللحنَ على وتري
فشممتُ اللحنَ له شدوٌ
فسكرتُ
و لم أعرِف أبداً
من قبلُ صنوفَ الخمر
و لم أقربْ غليونَ الحشاشين
فرأيتُ بأنّ أريجَ اللحنِ
له لونٌ كالشمسِ غريب
و سكرتُ
 ولكن لم أعلم
للعطرِ فَحِيْح
للعطرِ عواء
للعطر نباحٌ
أو ثَمّةَ للعِطرِ هديل
أو ثمَّةَ للعِطرِ صفيرٌ أو تزمير
لم أعرفْ أن العطرَ له
كلماتٌ لم تُسمَعْ أبداً
أخبارٌ ما ذِيعَتْ أبداً
ألحانٌ ما عُزِفَتْ أبداً
لم أعرِفْ أن شُيوخَ العِطرِ
غَدَو في المتجرِ طُرشاناً
و أصمّوا القلبَ عن المبخَر
ما حاولَ أبداً عطّارُ
أن يصنعَ عطراً كالخنجر
ما هاجمَ أبداً أو فجّر
بزُجاجةِ عِطرٍ دبابة
أو هجمَ الشيخُ مع التلميذِ
بنفحةِ عطرٍ شامية
فاستولى الشيخُ على المخفر

***



مع تحيات: الموقع الرّسمي للأستاذ ابن نزار الدمشقي

سكر الفؤاد

0



سكِرَ الفؤادُ و زادَ منكِ توجُّعي
و أضاف للألم الفظيعِ تفجُّعي

و ازددتُ بغضاً من فصاحَةِ نهدِكِ الــ
مُزجى ... و كأسٍ من يمينكِ مترعِ

و لَكَمْ بِنَهْدِكِ قد رَكِبتُ سَحابةً
فوقَ الشّآم ... فلا عَليّ و لا مَعي

أيامَ كُنَّا لا نسيرُ على الثَّرى
حتى تُطاوِلَني الذُّرى بِتَرفُّعي

و لقد مَضَتْ تلكَ السِّنونُ و أهلُها
لم تفهمي أو ترعوي أو تقنَعي

و لقد مضَتْ تلكَ السِّنونُ كَغيمَةٍ
حتى تهَلهَلَ نَسجُها بي , فاسمَعي

سكِرَ الفُؤادُ بِخَمرةِ الحُبِّ العتيقــ
ـةِ ... فاستزدتُ و قد أفاضتْ أدمُعي

أيامَ كُنَّا هل غرامُكِ لعنةٌ؟!
أم كِذبةٌ ردَّدتِها في مَسمَعي ؟!

أيامَ كُنَّا تدَّعينَ لقِصَّةِ الـ
ـوهمِ الخُلودَ ... و قدْ قَضَتْ لا تَدَّعي

عشرونَ عاماً و المصيبةُ كُلُّها
أنَّ المصائبَ بعد وهمِكِ إذ نُعي

عشرونَ عاماً كانَ نهدُكِ لُعبَةً
مَحَقَتْ شبابي فاسْتجرتُ بِمَنْ معي

فإذا أنا وحدي أنا وَسَطَ المُحيـ
ـطِ مُكَبَّلاً ... بل ما تَحَرَّكُ أضلُعي

يا لَعنةً شيَّبتِني و قَضَيتُ في
نهدِ التوهُّمِ دَهْرَ عهرٍ بلقعِ

يا لعنةً!! ما كُنتِ قد ألْهَمْتِني
إلا رِثاءَ الشَّاعِرِ المُتَوجِّعِ

يا لعنةً !! أتلفتُ كلّ دفاتِري
و خرقتُ حاشيةَ الكتابِ الأفظعِ

و الذِّكرياتُ محوتُها... صُوراً تُرى
فيها نُهُودُكِ كُوِّرَتْ بِتَصَنُّعِ

و بِهَا رأيتُ ضفائِراً هِندِيَّةً
أرخيتِها فوقَ الحريرِ الألْمعِ

سكِرَ الفؤادُ و آبَ فكري راشداً
فخذي الندامَةَ و المُدامَةَ و ارتعي

و خذي السَّجائِرَ و الحشيشةَ و الخَنا
قد قمتُ في فِكرٍ و قلبٍ أصْمَعِ

أنعى لِشامِي موتَ أغلى أحِبَّتي
أنا ذلكَ الهَيْمَانُ في المُسْتَنقَعِ

قد ماتَ ذاكَ حبيبُكِ الغالي ...فلا
تُلقي السَّلامَ ... أوَ اْلقِهِ لن تَـــُسْمَعِي

أنا ماتَ... ماتتْ في الضُّحى أرجوزةٌ
و شُروحُها ظلّتْ لمن لم يَقْنعِ

أنا ماتَ ماتتْ في الضُّحى أقصوصَةٌ
يا هولَ ما ذاقَ المُسَجَّى إذ دُعي

أنا ماتَ ماتتْ للغرامِ حكايةٌ
لكن بقيتُ... و حُبِّي لمَّا يَصْدعِ

فَبِسِيرةِ الحُبَّ الَّتي أرَّخْتُها
تلكَ الهُدى ذاتِ الصَّباحِ الألمعِ

سكِرَ الفؤادُ و زادَ مِنها توجُّعي
و أضاف للألمِ الفظيعِ تفجُّعي

***



مع تحيات: الموقع الرّسمي للأستاذ ابن نزار الدمشقي

جميع الحقوق محفوظه © ابن نزار الدمشقي

تصميم الورشه