(المشهد الثالث من المسرحية) سيناريو : تعويذة القمر

0

لم تُحسِني رسمَ القصيدة 


أنا آسِفٌ ما كان ذلك رغبتي
 

أنا مُدنِفٌ و لقد تضاعَفُ أنَّتي
 

لحنُ عصفوري تغيَّر
 

في الحقيقةِ يا تُرى أم صوتُه في مسمعي!!
 

و مررتُ في الشَّاغورِ صُبحاً
 

و نظرتُ بدرَ الدِّينِ علَِّي 
 

أن أراكِ نجمةً بسمائه
 

أو شتلةً أو قمحةً بفنائه
 

فهناك سالت أدمُعي
 

و تراقصَت في مسمعي
 

و عزائي أنِّي كنتُ أبديكِ الوِدادْ 
 

في ألفِ شهرٍ لا يزالُ ترفُّعٌ لتواضعي
 

و عزائي أنِّي اليومَ أخفيتُ الودادْ
 

***
 

لم تُحسِني عزفَ القصيدة
 

فشممتُ ريحَ مِدادِها
 

و شتمتِ سرجَ جوادِها
 

زخرفتُ حاشيةَ الكِتابْ
 

أضناني جمعُ حصادِها

وسئمتُ من تأويلِ شكِّي إذ تناسيتُ العِتابْ
 

عِلمُ الفَلَك

لم يكتشفْ بُرجَ الغزالْ
 

هل يا تُرى بِعتِ الهوى أم لم تكوني تملِكين!!
 

لا تحسبي...
 

يا أنتِ لا لا تحسبي
 

أنِّي بعيدٌ عن سمائِكِ في الصَّّباحِ أو الرُّقادْ
 

بعدَ الظَّهيرةِ واضطجعتِ
 

أغمضي عينيكِ أو لا تُغمِضي
 

فأنا هناك
 

صوري القديمةُ كلُّها تبقى هناك
 

انزعي نظَّارتي
 

و تأمَّلي صُنعَ البديعْ
 

و تأملي دمعَ الفؤادْ
 

رتْمُ القصائدِ لم يزل منذُ اكتشفتُكِ عالياً
 

لمْ تُحسِني نثرَ الرَّمادْ
 

لم تُتْقِني لمَّ الحُروفِ وجمعَها
 

كي تطرحي عنكِ السُّهادْ
 

نفثُ العُقَدْ
 

نقرُ الدُّفوفْ
 

صوتُ البخورْ
 

و جماجمُ الموتى
 

دماغٌ من شمالي قندهار
 

تعويذتي
 

عصرُ النُّهودِ على النَّضارْ
 

لغةُ القرودْ
 

ليلُ النَّهارْ
 

مسحُ الغُبارِ عن الغُبارْ
 

أنَّاتُ أمّي و الشُّرودْ
 

حلْبُ العِشارْ
 

كنْزُ الصُّدودْ
 

لُعبُ القِمارْ
 

شُربُ الدُّخانِ على السُّعارْ
 

حملُ العجوزِ على الحِمارْ
 

زيتيَّةَ العينِ الكليلةِ بالهوى
 

قدُّها أم ثغرها أم قِرطُها
 

أم جيدُها أم نهدُها أم خصرُها
 

أم ثوبُها البنيُّ تحتَ مَخدَّتي!!
 

نسيته تحت مَخدَّتي !
 

تركَتْهُ تحتَ مَخدَّتي !
 

كنَزَتْهُ تحت مَخدَّتي !
 

تعويذتي
 

سُكرُ القريحةِ بالغِوى
 

ظلمُ النِّساء!!!
 

أصغيرتي:
 

فتريثي هذا المساء
 

قومي نعدُّ النَّجم في كبد السَّماءْ...
 

واحدة, ثنتانِ , هذي ثالثة
 

انظري ... فهناك أربعُ أنجمٍ مع بعضِها
 

و ثلاثةٌ أدنى
 

و في تلك النواحي يبدو قطبٌ مُنفردْ
 

فلتحفظي عني
 

كم صارت النجماتُ ؟!
 

قالت: قد نسيتْ
 

طيِّب...
 

هيَّا نُعيدُ العدَّ هذي واحدة
 

و هناكَ ستٌّ عن يمينِ السَّارية
 

و وراء تلك الغيمةِ الزَّهراء تبدو نجمةٌ زنجيَّةٌ
 

و لها رموشٌ واضحة
 

و أراها دون البدرِ حُسناً
 

ذلك الوجهُ الصَّبوحْ
 

قدُّها , أو شَعرُها
 

خِلخالها الفضِّيُّ فوق جبينِها
 

أصغيرتي:
 

عمَّ تحدَّثُ سيِّدي؟!
 

عن دوحةِ الصَّفصافِ في تلك الرُّبوعْ
 

عن ليلةِ الإنصافِ في ضوءِ الشُّموعْ
 

عن منزلِ السَّعدِ المُضيء
 

عن شارِعِ الحُزنِ الوضيء
 

عن دارِنا في غابةِ السِّندانِ أو
 

في أيكةِ الأغصانِ أو
 

في مجلسِ الكرةِ الحياديِّ الجديد
 

عن عشِّ قبُّرةٍ أتت قبل الطُّلوعْ
 

و جلالِ حُسنِكِ إذ توزَّعَ شطرُ حسنِك
 

في تقاسيمِ الضُّلوعْ,
 

كفِّي ابتساماً واغربي عن ناظري
 

فرأيتُ في نظراتِها صوتَ الدُّموعْ
 

فضحِكتُ إذ أردفتُ
 

: هيَّا ... اغربي عن ناظري
 

أغمضْتُ عيني...
 

يا حُسنَكِ
 

و بهاءكِ
 

وجمالك الأخَّاذِ ضِمن بصيرتي
 

قالتْ أحُسْني ليس يظهرُ في عيونِك مرَّةً!؟
 

:أنا أعشقُ المِرآةَ يا حوريَّتي
 

و أراكِ ثمَّة حيثُ تنعتقُ القيودْ
 

و أراكِ حُسناً دون يلحَظَني الشُّهودْ
 

و أراكِ سِرباً من قصائدِ 

ثمَّ خيطاً من دخان
 

اتركيني غافياً مُستيقِظاً
 

و لتتركي رأسي على زَندِ الجُمانْ
 

بل و اتركي كتفَ الزَّمانْ
 

و لتُبعِدي نهديكِ عنِّي
 

صِرتُ عِزْهاةً يرى
 

صوتَ النُّهودِ كلعنةٍ
 

و تقرَّبي
 

فتقرَّبت
 

بل باعدي و تباعدي عنِّي
 

فإنِّي صِرتُ عِزهاةً يرى
 

في الجنسِ طوراً من شقاءِ الأمنياتْ
 

لا تلمسي بأناملِ القُبَلِ الطَّريَّةِ جبهتي
 

أو رقبتي
 

و تقرَّبي...
 

بالله قل لي ما عراكم سيِّدي؟!
 

هذا كلامٌ ليس يفهمُ دون ترجمةِ الكلام
 

إلا إذا كان المُكلِّمُ فيه مسُّ من جُنونْ
 

أترى جُننت؟!

:ثِنتانِ تحت حواجِبِ البدرِ السَّقيمْ
 

و على اليسار هناكَ سبعٌ كاملة
 

الآن قولي كم بلغنْ ؟
 

ضحِكتْ , بكتْ , فتثاءبتْ , ضجرت ,
 

أدارتْ ظهرها
 

حزمتْ بخيطٍ شعرَها
 

لفَّت عليها شالَها
 

و عِصيَّها و حِبالَها
 

التفتت إلي
 

فسمِعتُ في عينيها همسةَ قُبلةٍ أو قُبلَتينْ
 

أغمضْتُ عيني ثُمَّ رُحتُ أرنوها هناكْ
 

فتنهَّدتْ
 

و تصعَّدتْ
 

و هي تُغريني فحيناً تلثم القَلَمَ الجميل
 

أغلي هنالك ثمَّ أغمضُ أعيني
 

لا ألتفت
 

و أغضُّ طرفي عن مُحيَّاها الجميلْ
 

و تنهَّدت
 

و أنا أنا
 

قد صِرتُ عِزهاةً كأنِّي عاجزٌ
 

و الجنس عندي لعنةٌ هنديَّةٌ لا تستقيمْ

و أعيدُ عدَّ النَّجمِ وحدي

غير أنَّي في الظَّهيرةِ يا أخي!!
 

هل فيَّ مسٌّ من جنون!

 ***



مع تحيات: الموقع الرّسمي للأستاذ ابن نزار الدمشقي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظه © ابن نزار الدمشقي

تصميم الورشه