رشفة قهوة

0
وتحتسيني كانت كرشفةِ قهوةٍ عند تباشيرِ الصَّباحِ الأولى وهي التي تمقتُ القهوة ,
وترتديني كانتْ كملاءةٍ من ياسمين ,
وهي التي تحبُّ الياسمينَ لا حبَّ الدِّمشقيّين
و إنَّما محبَّةُ المتفيهقينَ و المُتسلِقينَ والمُنافقين و المُتشدِّقين ,
وهكذا كنتُ أتلقَّى الوحي من وميضٍ في عينيها لا يعنيني
وإنَّما تأتي المُفرداتُ و المعاني عن طريقِها لتُحييني
فأحيا في دنيا لستُ عنها بالغريبِ النَّاءي ولا بالقريب الرَّاءي فأكونُ بينَ بينْ
جِسمٌ بين معنيينْ وروحٌ بين شفتينْ تصَّعّدُ في ذرى لُبنانَ تارةً و تهبطُ في الغوطتين حينا فأنشقٌّ عن شيءٍ لا إلى شيء
وكذلك كانتْ تُبعِدُني لأقتربْ , و تصِلُني لألتهِب , فتُرسِلُ خلالَ السحائب رسائلها ورُسُلَها لأتَّصِل طوراً بروح الرَّافعيِّ فترفعُني , وأنفصِل عنهُ لأعودَ إليَّ فألقاني
وإذا ما رأيتَها وقد جلستُ و جلَسَتْ و همستُ فأنصتتْ وحدَّثتُ فحدَّقتْ وأطلقَتْ وتفلسفتُ فأطرقَتْ و أشعرتُ فبكتْ فرَحاً و رقصتْ أنينا وأنَّتْ حنيناً ثمَّ طارتْ طرباً أو تقوقعتْ عليَّ وعلى نفسِها رَهَبا
وإذا رأيت ثَمَّ رأيتَ جلالاً وجمالاً وبهاءً وعَجَبَا
وكذلك كانت وكنَّا ...
مدينةً لا أدري أمِنَ الأحلامِ أم الأحزانِ أمِ الأوهامِ كانتْ , فارتضيتُ أن أتفيَّأ سنيَّاً بظِلِ جدارِها المُلغَّمْ فكانَ خيالاً وسرابا , ورحتُ أستجديها عند صواحِبها فكانتْ وما كانتْ غير أنَّها تركت خيطاً من وِشاحِها الأبيض موسِّداً أطراف بلاطاتِ رصيفٍ في ذاكَ الحيِّ المُختالِ على جيرانِه كما اختالتْ على قرائنِها فطنةً وذكاءً ألمعيَّا , وكذلك عرفتُها
أديبةً أريبةً يحارُ الرِّجالُ فهمها والحوطَ بمدارِكِها حتَّى لتزدري منهمُ العالِمَ الخِنذيذ لا تراهُ يسمو ليُدرِكَ شيئاً من عِلمِها وفهمِها وإحاطتِها بالعلومِ و الفنونِ والعديدَ من اللغاتِ وآدابِها
فاستبقتُ مُكرَهاً إلى ظلِّ النِّسيانْ
فاصطليتُ بهجيرِ الحِرمانْ
حتَّى نسيتُها ونسيتُني ونسيتُ الحِرمانَ والنِّسيانْ.


مع تحيات: الموقع الرّسمي للأستاذ ابن نزار الدمشقي

عذابات شامية

0

 

أنا الشَّامي 
أنا المحزونُ من رأسي لأقدامي
ففيمَ الذَّبحُ مُنتظري 
بُعيدَ شُروقِ أحلامي!!
فيا لله و الدُّنيا 
لماذا الله يُبعِدُنا عن الدُّنيا!!
لماذ ثارتِ الدُّنيا 
علينا كلُّها الدُّنيا 
ورأيُ العُربِ مُفترِقُ و مُختلِفٌ 
فوحَّده
كُلَيبُ الرَّومِ و الدُّنيا 
لماذا رايةُ الإسلامِ شوَّهها 
طَغامٌ من بني الدنيا
فأينَ العلمُ و العلماءُ 
أين الفقه و الفقهاءُأين الرأيُ 
والحكماءُ والحلماء في الدنيا ؟!!

أنا الشامي 
فهل تدرون ما لغتي
وما صفتي 
 أنا الشامي
حمامُ المسجدِ الأمويِّ 
يحسو بَوحَ أقلامي 
عصيرُ التُّوتِ من لُغتي  
ويسري ضمنَ أوردتي 
 دوالي الغوطةِ الغرَّاءِ 
تغزلُ فوقَ مكتبتي 
ومنضدتي 
وتُشرِقُ فوق شبَّاكي
وتُسرِفُ في مُخيِّلَتي 
حواليها 
ترى حوراً وصفصافاً 
أراها هنا 
بذاكرتي 
وفي أسفارِ أوهامي 
أنا الشامي 
لماذا الليلكيُّ أراهُ مُرتعِشاً بأكمامي
وصوتُ الياسمين هنا 
يُعانقُ جُرحيَ الدَّامي 
أنا الشامي 
لماذا صورةُ الأمويِّ 
صارتْ رمزَ آلامي 
وأوجاعي وأدوائي و أسقامي

أنا الشَّامي 
أنا المحزونُ من رأسي لأقدامي
ففيمَ الذَّبحُ مُنتظري 
بُعيدَ شُروقِ أحلامي!!

مع تحيات: الموقع الرّسمي للأستاذ ابن نزار الدمشقي

أنا العربي

0

أنا العربي
أنا المنفيُّ في وطني  
وفي بلدي وفي بيتي 
وفي تاريخِ تاريخي 
أنا المذبوحُ في لُغتي 
أنا المطعونُ في ظهري وفي صوتي 
أنا المسروقُ من لحني وقافيتي 
أنا العربيُّ مُرتَهنٌ 
ومُحتقرٌ 
أنا عبدٌ 
ومذلولٌ ومُزدَجرٌ 
أنا المملوكُ من رأسي إلى نفسي 
ومن قَدَمي إلى قِدَمي إلى حُلُمي
ومن شفتي إلى رئتي إلى أستي 
أنا المكلومُ  والمفجوع 
و الموجوعُ في صمتي
أنا المذبوحُ في عيشي 
أنا المغبونُ في مهدي وفي نعشي 
أنا المنقولُ من بطشٍ إلى بطشٍ إلى بطشِ 


مع تحيات: الموقع الرّسمي للأستاذ ابن نزار الدمشقي

و شامُ اللهِ لا تبكي

0


بصمتي المُطبِقِ المحزونْ
في بيتي وذاكرتي وكُرَّاسي 
بصوتِ خفائكِ المجنونْ
وجفوةِ قلبِكِ المُضنى 
وحربِ فؤادِكِ القاسي 

بتفكيري وتكفيري
وفلسفتي وتصويري 
وهرطقتي وتحويري 
بإشفاقي على كتُبي 
ولونِ غُبارِ مِنضَدتي 
وتعتيمي وإفلاسي 
وشوقي عند أطلالي 
ونَوحي بين جُلاَّسي
وأشجاني وأحزاني وأجراسي 

فكيف تُسافِرُ الدُّنيا 
وأنتِ إليَّ تبتعدينْ 
وتبتعدينْ
وتبتعِدينْ
عن قلمي و قِرطاسي 
وفي تشرينْ
تقتربين من صيفي ومن سيفي 
ومن حُرَّاسِ حُرَّاسي 
ولستُ أراكِ ترتعِشينَ من شِعري
 ومن أنفاسِ إحساسي 

فما بالُ الشآمِ تُرى 
تُحاوِلُ كتمَ أنفاسي !!

وما بالُ الدِّمشقيِّينَ
لا قاموا ولا اقتعدوا!! 
ولا اقتربوا ولا ابتعدوا !!
وما بالُ البلاءِ تُرى 
نزيلاً مُظهِرَ الباسِ !

فأين الحِكمةُ العُليا 
وشمسُ اللهِ تُحرِقُنا 
كأنَّ الأرضَ تطرُدُنا 
كأنَّ الله يلعنُنا 
بحربِ العالمِ المجنون
وحِلفٍ مُفترٍ مغبون 
و#كلب_الروم والمفتون 
ووسواسٍ وخنَّاس

بصمتي أُخبِرُ الدُّنيا 
عن الأطفالِ يصطرِخونَ
عن أمٍّ مُروَّعةٍ 
وعن ثكلى  

وشامُ اللهِ لا تبكي 
ولا تشكو
 شرورَ النّاسِ للنَّاسِ 
ودمعي بينَ أوراقي
وحبري بين أنفاسي 

وهذي الفِتنةُ العمياءُ 
أرنوها وأرقُبُها 
وراءَ سِتارِ شُبَّاكي 
بإيماني وإحساسي 

فكفِّي المَدمَعَ الباكي 
أليسَ اللهُ يحرُسُها 
أليسَ اللهُ يمنعُها 
وسيفُ الله مسلولٌ 
علينا ثمَّ يقصمُه 
فتلك الحِكمةُ العُليا 
وما ربِّي بظلاَّمٍ 
وليس الله بالنَّاسي 

 ________
2014/10/5



مع تحيات: الموقع الرّسمي للأستاذ ابن نزار الدمشقي

ممنوع البكاء

0



لا تمنعي العبدَ الحزينَ مـــــــن البُكـا

فَبــِه فؤاد هالك وشُـحــــــــوبُ

لا ييلغُ الدمعُ الكئييبُ مـــــــعَ الجوى

وثراهُ صخرٌ في الضَّلالِ يـــــذوبُ

وأراني لا أرعى الدَّواعشَ في الهوى

وأراني في جمع الشَّتاتِ أخيبُ

ويلــــــــــفُّ روحي قــــوَّةٌ مجنونـــــة

وتؤوب في درب الضَّلالِ تـــــؤوبُ

ويشدُّني نحــــــوَ النُّهودِ جحـــــــافل

ترعى النهود بطيبها فتــــطــيبُ

ويشعُّ منها الياسمينُ نضــــــــــــارة

والليلكي منمـــَّــــــــقٌ مسكوبُ

والعندلــــــيـبُ فـُــويقـــَــهُ لا يرتجي

غيـــــــري فشِعرٌ أخضرٌ وخصيبُ

لا تمنعيني مـــــــــــن بُكائي فالبُكا

بعد الحبيبِ- على الحبيبِ حبيبُ


مع تحيات: الموقع الرّسمي للأستاذ ابن نزار الدمشقي

بكاء في ظل الياسمين

0
أبكيكِ من خلفِ السَّتارِ المُدلَهمِّ القاسي  
وأعوذُ في جذرِ الجدارِ المُستطيلِ الراسي   
وأعودُ في نبشِ الحروفِ وراءه  
وأعاودُ الحُبَّ القديمَ بديَّه 
في قعرِ حاميةِ المجوسْ 
ومع الذُبابِ إذا يحومُ على الكؤوس 
و مع القضيبِ المُستهامْ 
ومعَ الهوى 
ومع الدخانِ مع الهوام 
أبكيكِ إذ أبكيكِ ألفَ قصيدةٍ 
وروايةٍ تُروى على قرعِ الكؤوس 
تروى على دمعاتِ أنَّاتِ العروس 
تهوي على أزرارِ طوقِ الياسمينْ 
تبكي على جسدِ السِّنين 
تبكيكِ ألف قصيدةٍ 
في كلِّ بيتٍ لاحَ لي 
في الصُّبحِ ألفُ حكايةٍ 
أو ألفُ ذكرى في ربوعِ البيلسانْ 
وترنَّحتْ صفصافةُ الشَّامِ السقيمةُ في الضُّحى 
فتصوَّرتْ 
وتبلورتْ تلك الرِّوايةُ
تحت أقدامِ العجوزْ 
فيما يجوزُ ولا يجوزْ 
في رجمِ مُحصَنةٍ بغيّ 
في جَلْدِ سِكِّيرٍ غوي 
في صَلبِ قُطَّاعِ الطَّريق 
فيما يجوزُ و لا يجوزْ 

أبكيكِ تحتَ الياسمين
إذ كنتُ مشَّاءً بليلي 
في زقاقِ الياسمين 
ألقاكِ ثَمَّ على دموعِ اليلكي 
ألقاكِ ثمَّ فُويقَ سيجارِ الغبي 
وأجاهِدُ الضَّوء المُبعثََرَ فوق أحجارِ الرَّصيفْ 
وأعدُّ رشَقَاتِ الرَّصاص 
فمُدَمدِماً و مُهمْهِماً و مُزمجِراً 
فأخالُ شبِّيحاً يجوزْ 
أبكيكِ يا ديوانَ تاريخِ العربْ 
بختامِ أعصارِ العربْ 
بخِضمِّ إعصارِ العربْ 
أبكيكِ يا كلَّ العربْ 
أبكيكِ أمْ أبكي الشَّآمْ 
أبكيكِ أم أبكي العراق 
 أبكيكِ أم أبكي القطاعَ أم الحجازَ 
أبكي المروءة و الرُّجولة و العروبةَ في العربْ !!!
أبكيكِ أم أبكي العربْ 
أبكيكِ من خلفِ السِّتارْ  
والدَّمعُ قد خدَّ الجدارْ 
والصَّبُّ قد خَلَعَ العذارْ 
والرِّيمُ ذا يهوى النِّفارْ 
والحِبُّ لم يرعَ الذِّمارْ 
والتّبغُ قد زادَ السُّعارْ 
وكذاك لم تُجنَ الثِّمارْ 
حُمِلَ العجوزُ على الحمار
سُبِكَ النُّحاسُ مع النَّضارْ 
يا حيهلا فيمن يجوزْ 
يا حيهلا فيما يجوزْ 






مع تحيات: الموقع الرّسمي للأستاذ ابن نزار الدمشقي

حبُّ الشَّام

3




 مالي وجودٌ في الهوى لولاكِ
فكأنَّ من حُبِّ الشَّآمِ هواكِ

وكأنَّ للرُّوحِ انقِسامٌ فاستوى 
بين الرُّبى في شامِنا ورُباكِ 

وكأنَّ من فيكِ السُّلافُ فمازجتْ 
بردى قديماً طاب في ريَّاكِ 

وكأنَّ فيكِ الياسمينُ تشعَّبتْ 
أغصانُه فتشابكتْ فكساكِ 

وكأنّ من طيبيكِ فاحَ غِناؤهُ 
وطِلاؤهُ و عبيرهُ و شذاكِ 

وكأنْ نسجتِ من حِجابكِ زهرهُ 
وكأنْ مزجتِ من الزُّهورِ صداكِ   

وكأنَّ فيكِ النَّيربينُ تصعَّدتْ 
وكأنَّ من تُرْبِ الشآمِ ثراكِ 

ما لي وجودٌ في الهوى لولاكُما 
فحبا دمشقَ مليكُها و حباكِ 



2014/5/16



مع تحيات: الموقع الرّسمي للأستاذ ابن نزار الدمشقي

مراهقة في الأربعين

2

حوراءُ تلكَ السَّابِقة كانتْ كحورٍ باسِقة 
عادتْ بحبِّي طفلةً  في الأربعينَ مراهِقة 

في ظلِّ عرش الياسمين تجري ورائي عاشقة 

وغدتْ تعدُّ سِنيَّها أيَّام سعدٍ شائقة 

وأتتْ بِغَيِّ مُمَنْطقٍ وبسُرعةٍ كالصَّعِقة 

قالتْ أحبُّك فاتَّئدْ لاكالنُّهودِ النَّافِقة 

 أنا في يمينِكَ عبدةٌ أنا في جمالِكَ غارِقة 

طالَ انتظاري للبطلْ ربِّ الجيادِ السَّابِقةْ 

قالتْ عشِقتُكَ فاكتُبَنْ ِسمي بشعركَ عاشقة 

واجعل لحرفِ قصيدتي مجداً كحورٍ باسِقة 

قالتْ عشِقتُك إنَّني ما كنتُ قبلكَ عاشِقة 
 ***
فنظرتُ في أمرِ التي جاءت فراشي سارِقة 

تعدو وراي خالياً  أرنو لزوجِ المارِقة 

صَمَتَتْ فذُبتُ بصَمتِها نَطَقَتْ عشِقتُ النَّاطِقة

كانتْ كبدرٍ يجتلي وسط النُّجومِ البارِقة 

فإذا توَسّطْتِ النِّسا كنتِ العلامةْ الفارِقة

وإذا اختلينا في الدُّجى أنتِ الخليلة الواثِقة

أو جئتِ داري في الضُّحى فبكلِّ طيبٍ عابِقة

أنسيتِني في ليلةٍ كلَّ النُّهودِ النافقة

فكأنَّنا في ليلِنا كمسابقٍ و مسابِقة

يا تعسَ زوجِكِ كيف راحت منه هذي الحارِقة

***
قالتْ حبيبي أعطني هذي الليالي الشائقة

وارسم بثغركَ قُبلةً فتكادُ تُمسي خانِقة

أحيي شعوري بالهوى وأمتْ سنيَّ السَّابقة
وأصب مَقاتِل شهوتي فأنا بحُسنِك غارِقة

أحرقني أطفئ نزوتي أشعل فراشي العاشقة
واصببْ فحولتكَ اقترِبْ مني فإنِّي اللائقة
جسدي تراهُ مُملَّكاً لك لا لزوجِ المارِقة

لا لن أخونَ و لن أكونَ لغيرِ تختِك طارِقة
فنظرتُ في أمرِ التي جءت فراشي سارقة
فأتى عليَّ كلامُها بفراشِنا كالصَّاعِقة
قامتْ لتجلبَ قهوتي وسجائراً مُتناسِقة
ومشَتْ يحيِّرُ دلُّها بخطى الرَّزانِ الواثِقة
قد أقبلتْ كفراشةٍ في نورِ نوري عالقة
***





مع تحيات: الموقع الرّسمي للأستاذ ابن نزار الدمشقي

جميع الحقوق محفوظه © ابن نزار الدمشقي

تصميم الورشه