الحرب في زمن الحب(2)

0

وهناك أجثو للحنين وللأملْ
 

مُتردِّيا أو فارساً
 

مُتعدِّياً أو راجِلاً
 

أو راحِلاً لشراءِ أكسيةِ العملْ
 

وسطَ المُحيطْ
 

في اللامكانِ
 

في اللازمانِ
 

في النُّقطةِ الذهبيَّةِ المتبعثرةْ
 

تحت الأمان
 

فوقَ النَّبيذِ أو الجُمانِ أو الحصانْ
 

فوق الصُّخورِ الرَّاسياتِ على الدِّنانْ
 

ورحلتُ ثمَّ مُراقِباً جيشَ القُبَلْ
 

فغدوتُ مثلَ مُسافِر نحو الليوثِ الجاثية
 

للحاجزِ المُرتاحِ عند زُقاقِنا
 

كمنافقٍ في الجابية
 

مُتلعثِماً
 

نسي الفصاحةَ مع نساءٍ ناسية
 

وهرعتِ نحوي تُرشرشينْ
 

وجهي بماءِ السَّاقية
 

وأنا هناكْ
 

أترقَّبُ الخيلَ الأصيلْ
 

ليقودَه الرجلُ البخيلْ
 

نحوي و أنت الثانية
 

والياسمينُ كأنَّهُ سجَّادة
 

عجميَّةٌ عربيَّةٌ تركيَّةٌ
 

منكوسة
 

منقوشة
 

ملعونة
 

ممدودة فوق الرِّياضِ الفانية
 

وشقائقُ النَّارنجِ ضاعَ خلالَها شعرُ الغزلْ
 

وحقائقُ الحربِ الضَّروسِ على عجلْ
 

في القصَّةِ المتبقِّية
 

في الحانةِ المتأذِّية
 

في الخانةِ المرقومةِ المُتأنِّية
 

ولمحتُ وجهكِ من خلالِ شقوقِها
 

فقرأت في عينيكِ ثمَّةَ جُملةً
 

لمْ أنسَهَا
 

في نفسِها مُتمرِّدةْ
 

ووراءَ أمٍّ حانية
 

أشفقتُ حقَّاً يا صديقتي من خطوبِ ساعية
 

نحوي تُنادي التَّالية
 

فهرعتُ من خوفي أعيدُ تراجِمَ الكتُبِ المُنقَّحةِ الطَّريَّةِ
 

في عشاءِ الأمنية
 

وصببتُ في كأسي هناكَ لأحتسي
 

كأسي وحيداً قربَ فسطاطي الأخيرْ
 

أستاءُ منكِ
 

من الوعودِ الزَّانية
 

فذكرتُ نهداً في شبابي
 

أعلنَ الإفلاسَ وسْطَ رِفاقِه مُتأنيِّا
 

وبرقَّةٍ متناهيةْ
 

مُتصعِّداً مُتصبِّراً متأنِّقاً
 

و مُداوِماً في الحانةِ المُتردِّية
 

أغلقتِ في وجهي دقائقَ حُبِّنا
 

فصمدتِ كالرَّجلِ العجوز
 

ليقودَ صمصامَ القُبَلْ
 

وركعتِ كامرأةٍ تجوزُ
 

على الصِّراطِ النَّائية
 

أيقنتُ أنِّي مُتعَباً في حفلةِ الكأسِ الأخيرْ
 

فبكيتُ ...
 

بل فضحكتُ حتى بلَّ دمعي لِحيتي
 

وأعيدُ ترجمةَ الحُروفِ و صَوغِها
 

كمُفلسِفٍ قصص الكِبارْ
 

يجثو لراءٍ الساقية
 

وكأمَّةٍ نسيتْ تراتيلَ الأسى
 

نخَّتْ كأمٍّ زانية
 

أذكرتِ فِعلاً يا صديقةَ حبِّنا
 

عنوانَ ديواني الأخيرْ
 

أذكرتِ أسماءَ النساءِ جميعِها
 

في فهرسي
 

عفواً...
 

في فهرسِ التختِ الوثيرْ
 

في بندِهِ الثَّاني
 

ذاكَ المُعنونِ من خيوطِ الياسمينْ

 

أرهفتِ أسماعَ القلوبِ جميعِها
 

لمَّا استبانَ الجهلُ جهلكِ
 

في مساحيقِ الجمالْ
 

تلك التي قد كانت الآهاتُ تغزو حيَّها
 

ولحيِّها
 

ذاكَ المسعَّرِ بالقتالْ
 

أنشأتُ ديواني الأخيرْ
 

فلتسمعي
 

ولتأخذي عنِّي :
 

ماكانتِ الأسماءُ تلكَ صغيرتي
 

إلاَّ حروفاً كنتُ قد أنشأتُها
 

ونسجتُها
 

في حبِّها ذاك الكبيرْ
 

ماكانتِ الأسماءُ إلاَّ
 

كالمعاجِمِ في تصانيفِ النفوسسِ جميعِها
 

وبقربِها شايُ الغزلْ
 

وعلى جدارِ الياسمينْ

 

أفهمتِ تلك القصَّةَ الشَّوهاءَ في البابِ الأخيرْ !
 

أوَعيتِ تلكَ الخانةَ السَّوداءَ و الحرفَ المُثيرْ !
 

أحفظتِ أسماءَ النِّساءِ جميعِها
 

و قرأتِ تاريخَ النهودِ
 

جريحِها و صريعِها
 

قدْ كانتِ الأنَّاتُ فيها رايةً
 

فركزتُها
 

لمَّا علَت فوقَ الحصونْ
 

"الله أكبرْ"
 

فوقَ الجُثثْ
 

هل رأيتِ نجيعها

 

يا قطَّتي السَّمراء
 

ما كانتْ عيونُكِ في تواريخِ القلوبْ!!
 

يا حنطتي الحمراءْ
 

يا نقطتي السَّوداءْ
 

يا مجلس التَّصفيقِ في تاريخِنا
 

هذي دمشقُ تعيدُها
 

نحو العباءةِ في ربوعِ البيلسانْ
 

أواَّه يا لُبنانْ
 

أوَّاهُ حبِّي ما استفاقتْ أحرفي
 

أواه حربي ما استنامتْ
 

كالأمينِ المنصِفِ
 

وعلى رقومِ الطَّيلسانْ
 

كم كانَ جقَّاً مُعجِباً
 

في قصَّةِ التَّختِ الوثيرْ
 

كم كانَ طيفاً راقياً
 

أهوى كفاروقٍ رزينْ
 

ألِفَ الحروبَ كأنَّه
 

ضرغامُ في وسطِ العرينْ
 

كم كانتِ الأعضاءُ تلك كواسياً
 

قبلَ اللِقاءِ لقائهِ
 

فرأيتُه
 

قد كانَ ريماً مائساً
 

فرأيتُه
 

ورأيتِني عندَ اللِّقاءِ مكبَّلاً
 

ومجدَّلاً
 

بدماءِ قلبي من سياطِ هجومِه
 

كم كانَ هتلرُ -يا صديقةُ- ناسِكاً
 

لمَّا رأيتُ هجومَهُ
 

وضلوعَهُ في قتلِ قلبي المُستكينْ
 

أفكيفَ تُنسيني السِّنونُ فؤادَها
 

أم كيفَ تُعريني الخطوبُ مصابَها

 

يا طيفَها
 

وحظرتِني
 

لمَّا رأيتِ تكاثرتْ
 

في فهرسي تلك الحروف
 

ما كانتِ الأسماءُ ضمن حُشاشتي
 

ما خانتِ الأسماءُ تلك فصاحتي
 

وبلاغتي
 

لمَّا استقيتُ جراءتي
 

وبداهتي
 

لمَّا وُهِبتُ وسامتي
 

كلَّ الفخارِ مع الرِّجالْ
 

لمَّا ألِفت طهارتي 

تلك الخلالْ
 

ما خنتُ طيفكِ يا خليلةُ لو فعلتْ
 

ما رمتُ جرحَكِ يا عزيزةُ بل جرحتْ
 

ما رُمتُ شيئاً غيرَ حبِّكِ
 

غيرَ قربكِ في المساءْ
 

غير مسَّكِ في الصَّباحْ
 

فلمن تركتِ السَّاقيةْ
 

في جدولٍ
 

وعلى ضفافِ الياسمينْ
 

ولمنْ تركتِ فؤادها
 

الملتاعَ من قهرِ السِّنينْ
 

ولمن صنعتِ جمالَها
 

في قالبِ المجدِ الحصينْ
 

واللهِ صدقاً كان حبِّي آيةً
 

فهِّمتُها عند الصَّباحْ
 

أفكيفَ بتِّ فسِّرينْ؟!
 

أم كيف كنتِ تهرطقين
 

وتعجنين
 

شعري بماءِ السَّاقية
 

يا من تركتُ لأجلِها قلبي
 

هذا رصيفُ الحزنِ سارَ مُغرِّداً
 

في جدولِ الآهاتِ مع تبغي اللعينْ
 

يا مشعلَ الثوراتِ في قلبي الكريمْ
 

يا ثورةَ العبراتِ عند طلوعِ فجري في زقاقي
 

في رقاق الياسمين
 

حوريَّتي ...
 

فالكوخُ كلِّسَ حيطُهُ
 

وفناؤه قد صارَ فنَّاً مُعجباً
 

في البابِ أرنو نعجةً تربو على مرِّ السِّنينْ
 

تلك التي أرخيتِ حبلَ طليقِها
 

في قصرِ بلوري المشين
 

وهناك أجثو مراقباً
 

ومعاقباً
 

ذياكم الشال الثمين
 

وهناك أجثو للحنينِ وللأمل
 

فمراقباً
 

ومسافراً لشراءِ أردية العمل


مع  تحيات: الموقع الرّسمي للأستاذ ابن نزار الدمشقي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظه © ابن نزار الدمشقي

تصميم الورشه