صوتٌ على النهدين

0

كمِثلِ الجُرحِ في عيني أداريها
كمِثلِ رصاصةٍ جاءت
كقُنبُلةٍ بلا مِسمار
أتت في الصَّيفِ مُعلِنةً
شتاءً قاحِلاً أحمر
أتتْ كالموتِ مُجتاحاً
يُدمِّرُ كُحلَنا الأخضر
أتت كالذُّعرِ في حاراتِنا الأولى
أتت للمنزِلِ العربيِّ
كي تُحيي مراثيها
أتتْ كالأعرجِ الكِنديّ
في المازوتِ يُعييها
أتتْ سكرى كمُعجزةٍ
لتكويني فأشريها
أتتْ بالصَّيفِ ما لبثتْ
شتاءً ذائباً فيها
شتاءً مُفعماً يهوى
جداولَ شَعرِها المسكوبِ
في صحراءِ واديها
هي الإعصارُ يحرثني
فيزرعني
فيحصدني
فيدرُسُ ذلك المحصولَ في ساعٍ يغافيها


__________________________


ففي نهدٍ
لهُ عهدٌ
طويلٌ قاتمٌ يُعيي
خمارَ الشِّعرِ مِن فيها
فتثملُ غوطةُ الأقداحِ
من آهاتِ مَن فيها
وما الدرويشُ يُعجِبُني
ليُطرِبَني
لأرفعَ من فخامتِهِ
على أرذالِ ناديها
لأمللأ من مجالسِهِ
تراثاً قاحلاً يُندي
ونعشاً فاحشاً يُبدي
مساويهِ , مساويها
فأيُّ الشِّعر يكتبُها !
وأيُّ الشِّعرِ يمضغُها

وأيُّ الشِّعرِ يمحوها !
و أي الشِّعرِ يُمليها !
مكثتُ كخائفٍ يعدو
وراءَ الموتِ كي أرضى
سراباً عالِقاً فيها
أهذا الشِّعرُ يعجبها
لكي يُلقى المسا تيها ؟!
أجيبي ...
لستِ تختجلينَ مِن شعري
أجيبي...
أنتِ تختلجينْ من قهري
ومن فِكرٍ يُناصِرُها
و من سُكرٍ يُعاديها
أجيبي , قولي من أنتِ
وأيَّ مراكبٍ ركِبت
لكي تأتي تُرابيها
أهذا صوتُكِ الغافي على النَّهدينِ في لُغتي؟!
أهذا صوتُك الأحمرْ؟!
أهذا صوتُكِ السَّرَّاقُ من ألفاظِ مملكتي
غبارَ العِهنِ والنَّارنج و اللبلابِ
من ألحاظِ جاريتي
لماذا راح يعويها ؟!
_____________________
كمِثلِ الجُرح...
كم طالت جراحتنا !!
وكم نزفتْ
وكم أنَّتْ
وكم صرختْ
وكم !!..
للهِ في حالٍ يواسيها !!
فأين الليلةُ الغرَّاءُ في بطحاءِ ناديها
و أينَ الأعرجُ المُرتاحُ في الحاراتِ يرويها
و أين الأمُّ كي تقصص رؤاها عالِماً فيها !!
نسينا اليومَ يا أمي
وكم ذكَّرتِ طلَّابأً
وكم خرَّجت أجيالاً لقاصيها و دانيها
سكِرنا دون أن نسكرْ
وشُرب الشاي يؤذيها
فما لي كلَّما سهِرَتْ
أقولُ اليومَ تكلؤني
فتحكيني و أحكيها
فأبقى طيلةَ المشوارِ مُنتظِراً
بليلي ضوءَها الأخضرْ
فلا تأتي لآتيها
عجبتُ لقلبِكِ القاسي
حديداً كان أم صخراً

فجلَّ الله مُنشيها
ألستِ خلِقتِ من طينٍ
وجل الله صانعكنَّ
مُلهِمُكُنَّ
تسويفاً وتسويفا
وترتيلاً و تجويداً وتمويها
_____________________
"جظرتيها" !
ألا يا أمَّ أطفالي
لماذا لا تُناديها
لقد فكَّكتُ مسبحتي
على الأمواهِ تنزيها
وقد ركَّبتُ قافيتي
كسجعِ النَّاي في فيها
فهاتي الشَّالَ من درجيِّ طاولتي
وهاكِ العِطرَ
يالله من عطري!
كفاكِ تلاعباً فيها...
_____________________


مع تحيات: الموقع الرّسمي للأستاذ ابن نزار الدمشقي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظه © ابن نزار الدمشقي

تصميم الورشه