شطائر الزبدة

0


شطائرُ الزُّبدةِ
 

و كأسُ النَّبيذِ الأصفرِ
 

لا زالتْ تنتظرُك حبيبتي
 

لا زالتْ تلكَ الزّجاجةُ المعتَّقَةُ
 

يغطِّيها الغبارُ من جانبٍ واحدٍ
 

و يلعقُ ظهرَها قِردٌ قبيحُ المنظرْ
 

لا زالت تلكَ الخواتمُ البرونزيَّةُ
 

مُلقاةٌ على الطَّاولةِ المُستديرةِ
 

إلى جانبِ الهاتفِ الأسودِ القديمِ
 

الذي لا يزالُ يرنُّ و يُزعِجُ الجوارْ
 

مُذْ أغلقتِ البابَ بعُنفٍ قُبيلَ شُروعِ العاصِفة
 

***
 

شطائرُ الزُّبدة قد غطَّاها العَفَنُ حبيبتي
 

و ملاعقُ القِشدةِ قد صارتْ سيئةً
 

كريهةَ الشَّكلِ و اللونْ
 

شطائرُ الزُّبدةِ سالتْ
 

من تلكَ الرِّياحِ اللتي لا زالتْ
 

تطرُقُ القريةَ مُذْ غادَرْتِ
 

و الكوخُ مُهتَرِئ الجُدرانِ و الأبوابِ و النوافذْ
 

يكادُ يسقطُ سقفُه
 

لولا تُمسِكُه ساريتانِ من الفولاذِ القاسي
 

أو الحديدِ الليِّن الأحمرْ
 

شطائرُ الزُّبدةِ
 

محا الدَّهرُ عنها و الإعصارُ
 

كلَّ ما توحي أنَّها شطائرْ
 


أو أنَّ عليها من الزُّبدةِ شيءْ
 

شطائرُ الزُّبدةِ
 

صارتْ أغربَ و أقبحَ من صحنِ سجائرٍ
 

في غرفةِ حشَّاشٍ بخيل.

 

***


مع تحيات:
الموقع الرّسمي للأستاذ ابن نزار الدمشقي

لورينْ

0


لورينْ


اليومَ عيدُ ميلادي 


ألن تقولي تلكَ القالةَ الشَّهيرة ؟
 

لورينْ
 

اليومَ عيدُ ميلادي
 

و قد تكونُ السّنةَ الأخيرة
 

لورينْ
 

أنسيتِ  تلك الليلةَ المُثيرة ؟!
 

أنسيتِ كلَّ الأرائكِ المُستديرة ؟!
 

أنسيتِ ذلك الكوخَ الأحمرَ
 

في وسَطِ الجزيرة؟!
 

***
 

لورينْ
 

اليومَ عيدُ ميلادي
 

لقد بُلِّغتُ الألفَ إلاَّ عامينِ
 

أو أعواماً ثلاثة
 

لورينُ
 

ما عُدتُ أحسَبُ السِّنينَ و أعُدُّها
 

كما كنتُ قبلَ ليلتِنا تلك الأخيرة
 

***
 

لورينْ
 

لمَّا كنتُ صغيراً
 

قبلَ أن أجاوِزَ السَّبعينَ عاماً
 

كنتُ أعدُّ السِّنينَ و أحسَبها
 

كما تعُدِّينَ و تحسَبينَ الثواني في غيابي
 

لورينْ
 

و لكنْ بعدَ المائةِ الثالثةِ من عُمري
 

صارتِ السِّنونُ تمرُّ عليَّ كدقائقٍ
 

أو سويعات
 

لورينْ
 

اليومَ عيدُ ميلادي
 

و لقد بُلِّغتُ السَّنةَ ما قبلَ الأخيرة


***
 


مع تحيات: الموقع الرّسمي للأستاذ ابن نزار الدمشقي

صديق حمزة2

0

هـــل طـَعَـنـُوا حـَمــزَةَ بـالـخَـنـجَــــرْ؟!
هـــل قــَطـَعـُوا الخـِنـصـَرَ و الـبِنـصَـرْ؟!

ويـــــلٌ لــلــمـُـجــرِمِ يـــا أخــتــي
إن أخِــــــذُ المـــجــــرمُ للــمَــخـفـَرْ

فهــُــنــــاكَ الشّـُــــرطي يــُـعــاقِبُه
يــُـــؤْخـَــــذُ للـــقـــاضي  ...فــيُـعَـفَّـرْ

و يـُـــعـــذّبُ يـُـرمى فــي ذُلِّ الــــــــ
أقـفَــاصِ... فـــيـُعـــدَمُ أو يـُـنــحـَـرْ

 :"آهٍ لــــو تـــــدرِي يـــــــــا حبِّي
آهٍ لـــو تـــــدري مـــا الأخـــــطـَــرْ

فــــالأخطرُ أنَّ الــــــــمــجــــــرِمَ ذا
أقــــوى مــــن شُــــرطيِّ الــمَــخـفـَــرْ

فـــــلِـــذا... لا تَنسَ عهـــــدَكـُـــــما
أو يُـنـسَ الــــتَّــارُ و مــن أوتَــــرْ

يـا إِخــوةَ حــــمـــزةَ ... يــا قــــومي
هُــــبّـُوا لــلـــسَّـــيـفِ و للــخـَـنــجَــرْ

و خــُــذوا لـــــدِمـَـا حــمـــزةَ مـِـــن
ذا المــــــجـــــرمِ...  أو ذاكَ الأزْعـَـــرْ

أختي: مــــــا بـالُ المجــــــــــرمِ ذا
تــدعيــن مئـاتٍ ... بـــل أكـــــــثــَــــرْ

يـنـتـــقـمـوا مــــــن ذاكَ الــــقــاتِــل!!
هــــــو أعـلـَــمُ بـــالقتلِ  ...و أمهَــــرْ؟!

إن كــــــانَ كـــذلكَ يـــا أخــــتـــــي
هــــو أقــــــوى مــن قــومي و أقــدَرْ

للــــقـــاضــــي أحيلي دعـــــوتـَــــه
فالقاضي مــــن كـــُـــــلٍّ أكـــبـَــــر."

:"بـــالحــكــمـــة تــنــطــقُ وابِشري
إن كـــنــتَ كـــحـــمــزةَ فــي الـمحشَرْ

هـــــيـــَّـا للمسجِــــدِ ... قُــــــــم صلِّ
و ادعُ الــــــرَّحـمــــنَ على الأبــــتـَرْ

إذ حـــــــمـــــزةُ في خــُـلـْــدِ المأوى
و الــــــطَّـــيـــــر تــداعى للـــكـوثــر."

***

 
مع تحيات: الموقع الرّسمي للأستاذ ابن نزار الدمشقي

خنساء الأمة

0


قالوا أنغامُكِ تُشجِيهِمْ
قالوا ألحانُكِ تُؤذِيهِمْ

أوتارُكِ عَزَفَتْ أحزاناً
جرحتهُمْ ... ظَلَّتْ تُبكِيهِم

خنساءُ الحكمةُ في فيها
حتى لو سَفلوا تُعليهِم

هُبِّي خنساءُ ... و لاتَدَعي
في الأُمَّةِ جُرحاً يُدمِيهِم


***

 

مع تحيات: الموقع الرّسمي للأستاذ ابن نزار الدمشقي

فارس

0

فرسٌ ...


وإني فارسٌ
 

من بطنِ أمي قد نزلتُ معي لجام
 

مُمسكاً بالسَّوطِ بل
 

و أُدَرِّبُ الفُرسانَ قبلَ تواجُدي
 

في عَالمِ الأرحام
 

بطُفولَتي أَلّفتُ تاريخَ الخُيول
 

بطُفولَتي أنشأتُ جُغرافيا الخُيول
 

كيفَ تُرسَم
 

كيف تَعدو
 

كيف تُهزَم
 

كيف تَهزِم
 

كيف تَلحَن
 

كيف تَشدو
 

كيف تَبدو
 

في الصّحارى و الجبال
 

بالهضابِ و بالسّهول
 

***
 

في المُؤتمر
 

و بمجلسِ النُّوّابِ للخيلِ الأصيل
 

زُرت اشبيلية  و روما
 

زرتُ موسكو
 

و من هناكَ و من هنا
 

و هناكَ هجَّنتُ السُّلالاتِ الجديدة
 

و ركّبتُ العُروقَ ببعضِها
 

حتى تناجَبَ هيكلٌ منها عجيب
 

كادتْ تكونُ سُلالتي
 

فأنا من استخرجتُها
 

ثقّفتُها
 

ألهمتُها
 

فقّهتُها
 

فهّمتُها
 

درّستُها
 

علّمتُها أنّ النِّساءَ إذا ركِبنَ الخيلَ
 

صارَ غزالةً
 

و شدا كعُصفورٍ له نغمٌ حزين
 

أخبرتُها أنَّ النساءَ إذا
 

أمسَكنَ لاجمها
 

استحالَ الخيلُ طِفلاً
 

بين ثدييها لعوب
 

***

 

مع تحيات: الموقع الرّسمي للأستاذ ابن نزار الدمشقي

و اشتقت لشوقي

0


أنا شوقي إليكِ مبتعدٌ
 
عن جسدي و أرضي

عن داري

و اشتقتُ لشوقي

إذ ركِبَتْ أشواقي سُفُنَ الأسواق

فتمادَت موجَاتٌ كادت
 
أن تطغى فتُطِيحَ المرفأ

أشواقي كانت تُشجِيني

و الشَجَنُ اليومَ سيبكيني

و الحرفُ معذبُ لا يُدرِك

أفعالَ النقطِ البُنِّيَّة

يشتاقُ الشفةَ الورديَّة

و القلمُ الخمريُّ تلظّى

ببنانِ السّبعِ الزهريّة


***


مع تحيات: الموقع الرّسمي للأستاذ ابن نزار الدمشقي

فائدة الحب

0


كانَ الخيالُ بحِجرِ أمي
ثم صارَ بحُجرتي
لما نشـأتُ قد استطارَ ببيتِنا
فمدينَتي
رحتُ ابتعدتُ
رحلتُ للأقطارِ بعدُ
فجُبتُ بالآفاقِ 
أرجو قِبلةً لمحبّتي 
اتّسعَ الخيالُ شَعرتُهُ
 و لقدْ أحاطَ مَدارُهُ الجوََّ المُحيطْ
لمّا أتيتِ !!!
كيف السّبيلُ لجعلِ هاتيكِ الحُروفِ
تُجَسِّدُ المعنى الذي
أرجو أعلِّمَهُ البشرْ؟!
ما عادَ لِلُّغةِ الهزيلةِ مَسْلَكٌ
ما عادَ للكونِ الفسيحِ
أو الفضاءِ الخارجيِّ حواجزٌ
إذ ما تهدّلَ جفنُ هاتيكِ العيونْ
فإذاً دعي الجسدَ الطريحْ
ثُمَّ قُومي نقعدُ الكونَ الذي
ينبيكِ عن تلكِ المعاني كلِّها
***


 

مع تحيات: الموقع الرّسمي للأستاذ ابن نزار الدمشقي

عندما أبغضتها

0


أيقظَتني دمعةٌ 
تجري على خدِّي
أحرقَتني ...
خلتُها من كثرةِ الوجدِ
فانتبهتُ سألتُ نفسي :
أتراهُ يبكي نائمٌ ؟! 
فرأيتُني في حِجرِها
و بحرِّها
أنَّتْ و ترجُفُ ...
خِلتُها من شدَّةِ البردِ
و نظرتُ أهداباً 
كعصفورِ تبلَّلَ جُنحُه
متخبِّطاً 
لا أنَّه يُقعي
أو عجزَهُ يُبدي
فنهضتُ مُنطوياً
و قد أبغضتُها
و كرهتُ شُربَ الرَّاحِ
 ثُمَّ سألتُها:
ما بالُ وجهِكِ لِمْ تخدَّد ؟!
بالتجاعيدِ تبدَّد
بل و راحَ صفاؤُه
و نقاؤُه
بعد ليلتِنا
و كنتِ على الفراشِ
 مليكةَ النسوان
بل و أميرةَ الفتياتِ
حسنُكِ لا يُضاهى
-ما كنتُ أعلمُ أنَّني جِلْفٌ  و ربي-
فقرأتُه
كُتباً بأطوارِ التَّعاسةِ و الشَّقاء
و القبحُ يملؤُه
و ما علمي بها
إلا كحورٍ
قد تنزَّلَ في العشيَّةِ للثَّرى
من حُسنِها
تهبُ الجواري و النِّساء
أبغضتُها
...  و بكلِّ قلبي صرتُ أمقتُها
لكنني لَم أستَطِعْ صَدَّاً لها
فهي الخليلةُ
و السَّميرةُ
و النَّديمة
كلما قلتُ ابتعدنا
زِدنا في قُربٍ
جمعنا ذا الفراشُ
و كأسُنا تلكَ اللعينة
أو أغانٍ في الليالي كلِّها
في الدَّارِ
أو سيَّارةٍ
في مقصفٍ
أو في السَّفينة
قد كان يُشجيني  أساها
لكنَّها قد علمتني
أنَّ من يخنِ المليكَ
و ينقضْ عهدَهُ
فالعبدُ أهونُ عندَهُ
ستخونُني ...
لا بدَّ يوماً أنَّها ستخونُني
و سألتُها:
"ما بالُ هاتيكِ الدُّموعِ؟!"
فما أجابتْ
حِرتُ في تفسيرِها
لكنَّها قامتْ
أدارتْ ظهرَها
حزَمَتْ بخيطٍ شعرَها
ألقتْ عليها شالَها
و حِبالَها
اتَّجهتْ لنحوِ البابِ
قالت :
سأروحُ
و الإعصارُ قد طرقَ البلادَ بأسرِها
فقعدتُ أرثيها
و لَم أكُ راجياً لبقائِها
قلتُ اذهبي
و لئنْ ذهبتِ سترجعي
و ستندمي
و ستحلمي
بالعودِ
ثم تريِه يغدو مستحيلا


***


جميع الحقوق محفوظه © ابن نزار الدمشقي

تصميم الورشه