عندما أبغضتها

0


أيقظَتني دمعةٌ 
تجري على خدِّي
أحرقَتني ...
خلتُها من كثرةِ الوجدِ
فانتبهتُ سألتُ نفسي :
أتراهُ يبكي نائمٌ ؟! 
فرأيتُني في حِجرِها
و بحرِّها
أنَّتْ و ترجُفُ ...
خِلتُها من شدَّةِ البردِ
و نظرتُ أهداباً 
كعصفورِ تبلَّلَ جُنحُه
متخبِّطاً 
لا أنَّه يُقعي
أو عجزَهُ يُبدي
فنهضتُ مُنطوياً
و قد أبغضتُها
و كرهتُ شُربَ الرَّاحِ
 ثُمَّ سألتُها:
ما بالُ وجهِكِ لِمْ تخدَّد ؟!
بالتجاعيدِ تبدَّد
بل و راحَ صفاؤُه
و نقاؤُه
بعد ليلتِنا
و كنتِ على الفراشِ
 مليكةَ النسوان
بل و أميرةَ الفتياتِ
حسنُكِ لا يُضاهى
-ما كنتُ أعلمُ أنَّني جِلْفٌ  و ربي-
فقرأتُه
كُتباً بأطوارِ التَّعاسةِ و الشَّقاء
و القبحُ يملؤُه
و ما علمي بها
إلا كحورٍ
قد تنزَّلَ في العشيَّةِ للثَّرى
من حُسنِها
تهبُ الجواري و النِّساء
أبغضتُها
...  و بكلِّ قلبي صرتُ أمقتُها
لكنني لَم أستَطِعْ صَدَّاً لها
فهي الخليلةُ
و السَّميرةُ
و النَّديمة
كلما قلتُ ابتعدنا
زِدنا في قُربٍ
جمعنا ذا الفراشُ
و كأسُنا تلكَ اللعينة
أو أغانٍ في الليالي كلِّها
في الدَّارِ
أو سيَّارةٍ
في مقصفٍ
أو في السَّفينة
قد كان يُشجيني  أساها
لكنَّها قد علمتني
أنَّ من يخنِ المليكَ
و ينقضْ عهدَهُ
فالعبدُ أهونُ عندَهُ
ستخونُني ...
لا بدَّ يوماً أنَّها ستخونُني
و سألتُها:
"ما بالُ هاتيكِ الدُّموعِ؟!"
فما أجابتْ
حِرتُ في تفسيرِها
لكنَّها قامتْ
أدارتْ ظهرَها
حزَمَتْ بخيطٍ شعرَها
ألقتْ عليها شالَها
و حِبالَها
اتَّجهتْ لنحوِ البابِ
قالت :
سأروحُ
و الإعصارُ قد طرقَ البلادَ بأسرِها
فقعدتُ أرثيها
و لَم أكُ راجياً لبقائِها
قلتُ اذهبي
و لئنْ ذهبتِ سترجعي
و ستندمي
و ستحلمي
بالعودِ
ثم تريِه يغدو مستحيلا


***


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظه © ابن نزار الدمشقي

تصميم الورشه