أنتِ والمِرآة

0


ها أنتِ في المرآةِ وحدَكِ فاسهري
فتأنَّقي وتغندري وتعطَّري

وتأمّلي المرآة وحدكِ فافرحي
بجمالِ وجهٍ مُستبِدٍّ ظافِرِ

وأنا أجادِلُ دفتري المحمومَ في
غسقِ الدُّجى...ما نفعُ كلِّ دفاتِري

ما نفعُ هاتيكِ التَّوائمِ صُغتُها
بدموعِ قلبي أو دموعِ محاجِري

ما نفعُ أقلامٍ هناكَ زرعتُها
فتطاولتْ أشجارُها وضفائري

يا طولَ ما  كابدتُ فكراً ثاقِباً 
إذ كانَ يهتِفُ بالأنامِلِ حاذِري

يا طولَ ما داريتُ قلبي , و الهوى
يحتالُ في قلبي لسكبِ محابري

ها أنتِ في المرآةِ وحدكِ فاسألي
مِرآةَ وجهِكِ عن هواكِ الغادِرِ

واستنفِري لُغةَ العيونِ و إن تكن
لغةُ العيونِ تحرَّقت كسجائري

بل سائلي اللبلابَ في روضيكِ فيـ
ـمَ تهافتَتْ أوراقُهُ وتحاوري

ها أنتِ والمِرآةُ فيكِ تهشَمتْ
وتقطَّعتْ  واحُزني كلُّ أواصِري

وأنا أُفلسِفُ قِصَّةً متلوَّةً
بفمِ الزَّمانِ إلى الصَّباحِ الباكِرِ

وتأمَّلي المِرآةَ إذ تتأمَّلي
عَودي... فلستُ بعاتِبٍ أو عاذِرِ

ما عُدْتُ ذيَّاكِ الطَّريدَ  و لم أعدْ
ذاكَ المُطاردَ في الطَّريقِ العاثِرِ

لا تُقسِمي : "إن عُدتَ كنتَ كمِروَدي
أو كنتَ رَمشي , أو تصيرُ محاجِريي"

عُشِّقتُ عينيكِ اللتينِ تأرجَحَتْ
في هُدبِها قِصَصُ الفؤادِ الثائرِ

وترينَها في هذهِ المرآةِ ...كد
تُ "فديتُها" إذ كانَ لحظُكِ آسِري

فاليومَ لستُ أخالُها إلاَّ على
نورِ الشُّموع بحُرقةٍ للزَّائرِ

أتقصَّفَ الرَّمشُ النَّؤومُ فأجمعَتْ
إلاَّ لتسقيَه بماءِ محاجرِ

ها أنتِ في المِرآةِ وحدكِ فاكتُبي
إن شئتِ عن ذاكَ الخِصامِ السَّافِرِ

وتزيَّني بالنَّجمِ قِرطاً إن هوى
ما ضلَّ صاحِبُكِ الطَّريقَ فثابِري

وتعهّدي الكحلَ القديمَ فإنَّه
لن يُحي من أمسى طريحَ مقابِرِ

فلقدْ غدا للشَّامِ حُبِّي و الهوى
وقصائدي و محابري و دفاتِري

وظفِرتُ بابنتِها وفزتُ بحبِّها
فتماسكي  عندَ اللقاءِ وغادري


مع تحيات: الموقع الرّسمي للأستاذ ابن نزار الدمشقي

قطة أموية

0



أنا من شتاءِ الليلِ أهرُبُ 
من رحيقِ الفلِّ والنَّارنجِ 
من وجعِ الحروفِ 
من لغةِ السَّراب
من شكلِ العيونِ بمُعجمي 
كيما أسافِرُ في الضَّبابْ 
كيما أسافِرُ في الشِّتا لحديقتي 
وحديقتي فوق السَّحابْ 
انا من صفيرِ البُلبُلِ الصَّدَّاحِ أهربُ 
ذلك المسجونِ في قفصِ الغُرابْ 
وكما علمتِ 
قد يكونُ ولا يكونْ 
هربُ الوحيدِ شجاعةً 
ولقد أرى بزُقاقِنا اللبلابُ يقفِزُ خِلسةً 
نحوَ الزُّقاقِ المُدَّعي 
لحنَ الطَّهارةِ و الشَّجاعةِ 
يدَّعي 
أنَّ السَّماءَ تمدُّه  بملائكِ النَّصرِ المُحتَّمِ 
نحوَ أبراجِ  السَّماءْ 
________________
لا تحزني 
فأنا الوحيدُ بمِحنتي 
أرجو النجاة
ولقد أراها مِنحةً 
مُتفائلاً 
وكذا الحياة 
 فأرى هُنالِكَ قِطَّةً أمويَّةً 
مرسومةً 
موسومةً 
تتوسَّدُ الخشبَ الموسَّدَ والطَّريَّ 
أوالمُزخرفَ من حوافِ البيلسانِ
وتحتَها
ترنو الغصونَ تدغدِغُ 
النَّجماتِ و القمرَ البهي
________________
من ذلك الكابوسِ أهربُ نحوها:
هي جدَّةُ البُلدانِ 
أهربُ نحوها 
نحو تاريخِ الحضارةِ في دمشق
وإذا بتلكَ القطَّةِ اهتزَّت تُحرِّكُ ذيلَها
تمطَّتْ 
ثمَّ راحت تمشي مع أخواتِها 
وتلفَّتَتْ 
جاءتْ لِنحوي وارتَمَتْ 
 قرَّتْ تُحرِّكُ ذيلَها 
ودَنَتْ تموء
تموءُ عِندَ  وِسادتي 
وتقولُ هذي القطَّةُ السَّمراءُ يا 
وجهَ التَّشابُهِ 
بينَ راحَ وبينَ جاءْ 
قالتْ بلهجةِ شاعِرٍ 
مُتثاقِلٍ وقْعَ الحُروفْ
من ههنا مرَّ الأتابِكُ والتَّتار 
وإلى هُنا عادو ومرّوا وارتمَوا 
عندَ أسوارِ المدينةِ 
يومَ كانت في زُهاء الأربَعينْ 
وإلى هُنا 
جاء ابنُ أيُّوبٍ 
تعلَّمَ ههنا 
صلاحُ الدِّينِ ربِّي ههنا 
 وإلى هنا وإلى هنا 
رجعَ المُظفَّرُ و الشَّهيدْ
من ههنا مرَّ الوليدْ
وابنُ الوليدْ
 بل ههنا سُحِق التتارُ معَ اليهودِ مع الصَّليب 
وكلُّهم دُفِنوا هنا
 ________________
وتموءُ تلكَ القطَّةُ الأمويَّةُ
السَّمراءُ عند وسادتي 
وتقولُ في شعرٍ رطيبْ 
ماذاق هذا النَّاسُ كلُّهمُ 
ماءً كماءِ الشَّامِ في 
فجرِ الحضارةِ 
أو تعلَّل كُلُّهم 
بنسائمِ الفِردوسِ إلاَّ في الشآمْ 
فسألتُها :
أمويُّةٌ يا قِطُّ أم زنكيَّةٌ 
أنتِ ؟!!
فشِعرُكِ كلُّه قرشيُّ 
أمَّا شَعرُكِ البنيُّ هذا 
فهو تُركيٌّ قديم
وتموءُ تلك القطَّةُ الحسناءُ 
عندَ وسادتي 
 ________________
من شمسِ الظهيرةِ في الليالي المُظلِمة 
من  غناءِ الغادة المُتأذِّية 
من بلسمِ الموتِ البطيء 
من وحدتي 
زنزانةِ العلجِ الدَّنيء 
من أعرجٍ رضعَ البلاهةَ و الخنوعْ 
من شنطةِ السَّمِجِ  المُقارِعِ في ينابيعِ الدُّموعْ 
من أنَّةِ اللبلابِ أهربُ داجياً 
وإلى زُقاقِ الياسمينْ 
أتسوَّرُ الآهاتِ و العَبَرَاتْ و الزَّفَراتِ 
أُلقيها 
فلا ألقى هُنالك من  يُسامِرُني 
 ويُسفِرُ ضاحكاً مما صنعتْ 
________________
أنا من شتاءِ الليلِ أهربُ 
من عجاجِ السَّيلِ أهربُ 
نحونا 
نحو التياعك بالحياةِ 
على الدُّروبِ الفانية 
وأعالجُ النَّجَماتِ في سفري الطَّويلِ
فتهرُبُ النجماتُ مني وتملُّ من حزني الشّريد
فلا أرى 
إلآ ظِلالي تحتَ أنَّاتِ الرَّصيف...




مع تحيات: الموقع الرّسمي للأستاذ ابن نزار الدمشقي

مغالطات

2





ما كنتُ أحسَبُ أنَّ العُمرَ يقلبُ في قلبي مُعــــــادلَةً فُــهِّـمتُ فحواها
فالوردُ أصدقُ أن تحكي به لغةٌ فــالـتُّـــرب مُنبتُها والمــــاءُ أحياها
والقلبُ منقطِعُ الأنفاسِ مـــن ظـــمإٍ ما عاش في غدِهِ إلآَّ ليــلقاهـــا
فالطَّيفُ في هــَلَــــعٍ قــد ساقهُ ولّعٌ في جوفِ ليلتِها تُصليه تقواهـــا
فأتيتُ من بردى في الليلِ يكلؤني نارنجُ حارتِنا والليلُ أخفاهــــــــا
ووجدتُني طرِباً في الليلِ لا أدري من سُكرِ جفوتِها أو سُكرِ مرآها
والوجــــــهُ من حزنٍ قد حاقه بؤسٌ ألله يحجُبُها إلاَّ لـيَـرعـاهـــا ؟!


 مع تحيات: الموقع الرّسمي للأستاذ ابن نزار الدمشقي

كبرت

0



كبِرتِ كبُرتِ وكنتُ أظنُّكِ لا تكبَرينْ
كبُرتِ كبِرتِ فليتَ الشَّبابَ يدومُ طويلاً
و ليتَ الشّآمَ تعودُ تعودُ
كما كنتُ أذكرُ أو تذكرينْ
كبِرتِ كبِرتِ كبُرتِ عليَّ
وفقهُ وضوئي 

لقد صارَ عُذراً كضوءِ الحنينْ
أبِنتَ الشّآمِ فماذا عراكِ
فماذا دهاكِ
أرحتِ هناكَ و أنتِ القدَرْ
و أنتِ الأرومةُ للمنتظرْ
وأنت و أنتِ فمن كنتِ أنتِ
ومن كنتُ حين رماني القدرْ !
كبِرتِ وكنتِ تظنِّينَ يوماً ...
كبِرتِ و كنتِ تُديمينَ لوماً
تُحبِّينَ لوكَ اللغاتِ كبانٍ
وكنتُ هنالكَ أتلو السُّورْ
_____________________
هناكَ عزيزتي حيثُ الرِّجالُ
تقبِّلُ ظلَّكِ دونَ انسجامْ
هناكَ عزيزتي إذ كنتُ أغلي
(موديلُ) حذائكِ
لونُ طلائكِ
شكلُ حِجابِكِ
كم كنتُ أغلي أغارُ أغارْ
أهيمُ أهيمْ
فيغلي دماغي كأنَّه قِدرْ
وأبحثُ غيرَ الودادِ وغير
الهيامِ و غيرَ
التياعي بحبِّكِ تحتَ الرَّصاص
فأبحثُ كيف المروءةُ تسمحُ
أسألُ كيف الشَّهامةُ تُشرحُ
أجمعُ أحسِبُ أضربُ أطرحُ 

يا للأسف!!
وكنتُ هنالكَ أحسِبُ أنَّكِ لا تكبَرينْ
ولكنْ كبِرتِ
فأين الشَّبابْ
وأينَ الفتوَّةُ وسطَ الصِّحابْ
وقهوةُ صحبِكِ وسطَ النَّديْ
وحفلةُ ميلادِكِ المُستطيرْ
ويومَ رأيتُكِ ...
لا ما رأيتُكْ
أشيطانةٌ تلكَ في ذا الحِجابْ !!
فيا للأسفْ !!
________________
عزائيْ بأني أراكِ كبِرتِ
وأنَّكِ بعدَ الشَّبابِ عقلتِ
وكنتُ أظنُّكِ لا تكبَرينْ
________________
 




مع تحيات: الموقع الرّسمي للأستاذ ابن نزار الدمشقي

فهرس رسائل في الحب

0

الرسالة الأولى
الرسالة الثانية
الرسالة الثالثة
الرسالة الرابعة
الرسالة الخامسة
الرسالة السادسة
الرسالة السابعة
الرسالة الثامنة
الرسالة التاسعة
الرسالة العاشرة
الرسالة الحادية عشرة
الرسالة الثانية عشرة
الرسالة الثالثة عشرة
الرسالة الرابعة عشرة
الرسالة الخامسة عشرة
الرسالةالسادسة عشرة
الرسالة السابعة عشرة
الرسالة الثامنة عشرة
الرسالة التاسعة عشرة
الرسالة العشرون
الرسالة الحادية والعشرون
الرسالةالثانية و العشرون
الرسالة الثالثة والعشرون
الرسالة الرابعة و العشرون
الرسالة الخامسة و العشرون
الرسالة السادسة و العشرون
الرسالة السابعة و العشرون
الرسالة الثامنة والعشرون
الرسالة التاسعة و العشرون
الرسالة الثلاثون
الرسالة الحادية والثلاثون
الرسالة الثانية والثلاثون
الرسالة الثالثة و الثلاثون
الرسالة الرابعة و الثلاثون


مع تحيات: الموقع الرّسمي للأستاذ ابن نزار الدمشقي

الرسالة الرابعة و الثلاثون

0



أثناء عودتي, وبعد تجوالي في الحيِّ الزّاهرِ المُجاورِ لحيِّكِ ذيّاكِ القديمْ
عرّجتُ في طريقي على زُقاقٍ كان فيما مضى يملؤه أريجُ الياسمين
كنتُ أمشي الليلةَ حبيبتي بصُحبةِ قلمي,وطيفِكِـ ,وحبّي العقيمْ
فوَشوشتْ بلاطاتُ الزُّقاقِ مسامعَ قلبي بذكريات
و رشرشتْ نفحاتُه وجهي المُعفّرَ بآهات
فانتفض قلبي جريحاً ذبيحاً يرتشِفُ الأسى رشْفاً فليس يستقيم

أنسيتِ يومَ قسا عليَّ قلبُكِـ في الضُّحى!
و أزاح عني كلَّ سَعدٍ فامّحى!
أنسيتِ أم تُرى تجّاهلين!!
أم تذكرين!

أم تذكرينَ يومَ كنّا لا همٌّ على قلبِنا و لا آهاتٌ تغزوه
يومَ كُنّا , لم يكُن حبيبتي ثمّةَ أصواتُ مدافعَ ولا بواريد
إلاَّ بواريدُ الأطفالِ و مدافعُ العيد

يومَ كنّا , لم يكن حبيبتي همٌّ ولا ألمٌ سوى همومِ الحُبِّ وآلامُه
يومَ كنّا حبيبتي قضيبَي بانٍ في حديقةٍ دمشقيَّةٍ غنّاء

أوّاهُ يا غاليتي و ألفُ ألفِ آهٍ
حيث لم يكن يومَها قتلٌ و تهجيرٌ و تعذيبٌ و تشريد
سقى الله أيّامنا تلكـ الأول

ماتتِ اليومَ مشاعرُنا أم تراها تماوتت
فما للألمِ يعتصِرُ قلبي فبشطرَه!
و ما للحزنِ يكتسِح فؤادي فيُسكِرَه!

أدرِكي حبيبَكِـ المُضنى قبل والله لا تُدرِكيه
فلم يبقَ ههنا سوى بقايا من تراثٍ أو هباءٍ لجسدٍ نحيلٍ سقيم.


مع تحيات: الموقع الرّسمي للأستاذ ابن نزار الدمشقي

الرسالة الثالثة و الثلاثون

0


من نبيذ نورك الخمري
و من لون ثوبك التبري
ركبت عطرا فريدا عجيب الشكل و الرائحة
أنشأت من أحرف اسمك قارورة صغيرة
قصبت جدرانها البلورية العاتية
بشيئ من أحمر شفاهك
الذي تركتيه على قميصي متعمدة في ليلة خطوبتنا
صببت ذلك النور العطري في تلك الزجاجة الثمينة
و  هبت نسائم الربيع الأول
فركنتها في زاوية مهملة من الحافة الحجرية السوداء
 في شرفتي
تحت شجيرة الياسمين العراتلي
فيحتسي ذلك السائل البلوري
مما تسكبه الشمس عند تباشيرها الأولى
علاوة عما ينشقه من شذى ياسمين دمشق
و ما يستشفه من تربتها و يغتذيه من مائها النمير
عساه بعد برهة يخرج للكون
شرابا فيه شفاء للناس من كل داء
يحتسوا منه بعيونهم و آذانهم لا بأفواههم
هذا ما كنت أرجوه من ذلك الصنيع
و هذا ما أضحيت أرمي إليه حبيبتي
 و مضى الربيع ربيع السنة إلى سبيله ولا زال ربيعي الخريفي يطرق بابي كل ليلة و كل صباح
وحال الحول وظلت تلك الزجاجة مكانها أتعهدها كل وقت
و أنظفها و أمسح عنها دمعات السماء
التي باتت تذرفها على أبناء جيراني
وبناتهم
في الفقد
و الموت
و الفساد
و الضياع

عدت ذات مساء إلى بيتي متأخراً
أنصت لأزيز الرصاص بكل خشوعٍ و ترنُّم
فكأنني أستمع للحن سماويّ
تضربه ملائكة الله
على أوتار من نور و نار
وقبل أتوجه إلى مكتبي
قصدت الشرفة أتفقد الطير فيها و الزجاجة
فلما أن رفعت ساقي أرتقي درجاتها
يبست الساق و تخشبت
و ذهلت لما أن رأيت الطير الذي فقد حبيبته قبل أيام
يقابل ظله على جدار الياسمين
و قد سكب القمر في تلك الليلة على ذلك الحائط
أرطالا من سائل الفضة
و هو لا يزال يسكب المزيد و المزيد
و ما كان ذلك الانبهار و تلك الدهشة مني
 إلا أنه عودني أن يكون في وقت كهذا
قد أوى إلى قطن فراشه القشي
دخلت الشرفة
اقتربت من ذلك الطائر الحزين البائس
مددت يدي أمسح رأسه و أطيب خاطره
ليسدل أجفانه
عل راحتي توصل لقلبه الصغير
شيئا مما فقد من حنان و عطف و حب و لهفة
و قد تعلق دون غيره بي كما لو كنت أحد أبويه
حتى غدوت أشعره لو كنت ذا ولد أحد أبنائي
ويا لذلك الرعب الذي غزا قلبي برماحٍ تلوكه
و تنفذ فيه من كل جهة وصوب
فتغزل به كما لو كانت خياطا و كان قلبي الحرير الرقيق
شعرت و ما شعرت
و كيف لي أن أجد شيئا من الشعر
و قد ذابت في كل أداة يستخدمها الكائن الحي
في تلك العملية
بسيطة كانت أو مركبة
مرهف الحس كان أو بليده
كيف لي أن أستطيع !!
و يا لرحمة ربي كيف تنزل على المرء في مصائبه
فيسلب ما أودعه في أحيانٍ تنزل عليه المصيبة
فكأنها صخرةٌ أو جبل عظيم
تهبط فوقه
فيسحب من تحتها لئلا يستشعرها
فلو أنها أصابته صيرته عهناً أو دقيقاً مذروا
تلك هي الرحمة الإلهية
تتلقى الإنسان كأنها سريرٌ أو نقالة إسعاف
تحتضنه برهة
بعيدا عما حل به حتى إذا ما مضى بعض الوقت
أرجعته موضعه
أو فوق تلك الصخرة لو كان حكيما
فتكون المصيبة له دفعا و رفعا يستند إليه بدل أن تستند عليه فتهلكه


مع تحيات: الموقع الرّسمي للأستاذ ابن نزار الدمشقي

الرسالة الثانية و الثلاثون

0


القلم , الكتب , الدفاتر
و الفراشات التي تتوه بين أزاهير الربيع الدموي
و الشمس الشديدة السقم
و العصافير التي تئنُّ جراحاتها
في ليلاتها و صباحاتها
و صوت فنجان القهوة الصباحي في شرفتي
و هو يغني بحزن و أسى بالغين
و نجمات الصباح التي علقتها عوضا عن قناديل الأريج الذهبي في سماء غرفتي
تلك كلها
و أكثر منها
أضحت في بهجة و سرور و سعد لما أفاقت
و لم تك قد نامت
فوجدتك قليلة الوجود أو التواجد
أفتدركين يا صغيرتي
ما السر الذي يكمن وراء بشرها وسرورها !!
يخيل إلي أنها لا تزال تشم رائحة ثوبك الأبيض
الذي لم يعرف لأي غرض ترتدينه
فكما تعلمين
في موطني قليلا ما يستخدمون هذا اللون في الأردية إلا لغرض أوحد
فما أخال تجار السوق القديمة
يتكبدون مشقة بكورهم رغبة بجمع المال كما هي عادتهم
لا ,,,
فنفوسهم أوشكت أن تعود لها النخوة
و لكن بهذه الطريقة المبتكرة العصرية
إنما يفتحون متاجرهم رأفة بذوي كل شهيد أو شهيدة
و رحمة بهم أن لا يجدوا ما يكفنون به شهداءهم.

مع تحيات: الموقع الرّسمي للأستاذ ابن نزار الدمشقي

جميع الحقوق محفوظه © ابن نزار الدمشقي

تصميم الورشه