الرسالة الرابعة و الثلاثون

0



أثناء عودتي, وبعد تجوالي في الحيِّ الزّاهرِ المُجاورِ لحيِّكِ ذيّاكِ القديمْ
عرّجتُ في طريقي على زُقاقٍ كان فيما مضى يملؤه أريجُ الياسمين
كنتُ أمشي الليلةَ حبيبتي بصُحبةِ قلمي,وطيفِكِـ ,وحبّي العقيمْ
فوَشوشتْ بلاطاتُ الزُّقاقِ مسامعَ قلبي بذكريات
و رشرشتْ نفحاتُه وجهي المُعفّرَ بآهات
فانتفض قلبي جريحاً ذبيحاً يرتشِفُ الأسى رشْفاً فليس يستقيم

أنسيتِ يومَ قسا عليَّ قلبُكِـ في الضُّحى!
و أزاح عني كلَّ سَعدٍ فامّحى!
أنسيتِ أم تُرى تجّاهلين!!
أم تذكرين!

أم تذكرينَ يومَ كنّا لا همٌّ على قلبِنا و لا آهاتٌ تغزوه
يومَ كُنّا , لم يكُن حبيبتي ثمّةَ أصواتُ مدافعَ ولا بواريد
إلاَّ بواريدُ الأطفالِ و مدافعُ العيد

يومَ كنّا , لم يكن حبيبتي همٌّ ولا ألمٌ سوى همومِ الحُبِّ وآلامُه
يومَ كنّا حبيبتي قضيبَي بانٍ في حديقةٍ دمشقيَّةٍ غنّاء

أوّاهُ يا غاليتي و ألفُ ألفِ آهٍ
حيث لم يكن يومَها قتلٌ و تهجيرٌ و تعذيبٌ و تشريد
سقى الله أيّامنا تلكـ الأول

ماتتِ اليومَ مشاعرُنا أم تراها تماوتت
فما للألمِ يعتصِرُ قلبي فبشطرَه!
و ما للحزنِ يكتسِح فؤادي فيُسكِرَه!

أدرِكي حبيبَكِـ المُضنى قبل والله لا تُدرِكيه
فلم يبقَ ههنا سوى بقايا من تراثٍ أو هباءٍ لجسدٍ نحيلٍ سقيم.


مع تحيات: الموقع الرّسمي للأستاذ ابن نزار الدمشقي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظه © ابن نزار الدمشقي

تصميم الورشه