الحرب في زمن الحب

3

لمَّا علِمتُ بما جهِلتُ
وأنَّني  ضيَّعتُ في الحربينِ حباً 
آبتِ الآهاتُ تغزو لمَّتي 
و الشَّيبُ غطَّى أعظُمي 
و مدامِعِي أضحتْ هناكَ 
وقصائدي كالمِسكِ فاحَ من البَصَلْ
أفأغزو هذا الفيلقَ المِطواعَ
أم جيشَ القُبَل ؟!
أم كلَّ أنثى راحتِ الأشباحَ تبكي
ثمَّ تشكو من مُحيَّايَ البطَلْ
__________ 
أفتذكُرينْ
أفتذكُرينْ
لمَّا التقينا صُدفةً بعد العِشاءْ
أقبلتُ نحوَكِ مُرهفاً
وأميسُ كالغُصنِ الرَّطيبْ
أمسكتُ أصبُعكِ الرَّقيقْ
ولمستُ وجنَتَكِ النَّديَّة
وفضضتُ تلكَ العُلبةَ البيضاء
وصببتُها في كأسِنا
كي نشربَ الكاسا سويَّا
وفُجاءةً
ووراءَ تلكَ الأكمةِ الفِضِّيَّةِ المُتلوِّنة
قد أقبلَ الجيشُ الغريقْ
يجثو على أفواهِ أكمامِ الزَّهَرْ
ويُعيدُ للأغصانِ تلك جهنَّماً
و:"ليعبُدوا من يعبدونْ
نحنُ الألى
نحنُ البشرْ
نحنُ الذينَ أو اللواتي
بل ونحنُ العلمُ و المجدُ العتيقْ"
وهناكَ خلفَ الأكمةِ الفضِّيةِ المُتلوِّنة
أرخيتِ شالاً من شريطِ سياجِنا
ولففتِه
وربطتِني بالشَّالِ ذاكْ
فحميتِني
ألهمتِني
وأذقتِني
من شهدِ فاكِ مع السَّحَرْ
حتى تبيَّنَ من هُناكَ الخيطُ الاَْبيضُ مع أخيه
فدفعتِني
وشفَعتِ قُبلةَ خدِّكِ المُحمَرِّ مع ذاك الشَّقيقْ
فرأيتِني
وأنا أقبِّلُ بعدكِ الأغصانَ
خلف التَّلة الفضِّية المُتلوِّنة
و الجيشُ ثَم مُراقِباً يحلو لهُ كأسُ النَّبيذْ
كأسُ النَّبيذِ مع الحبوبِ أو الحشيشْ
فمُراقباً
ومعاقِباً أهلَ المدائنِ بالصَّواريخِ اللئامْ
ومُنقِّباً عن كنزِ بلدتِنا العظيمْ
__________

 وهناك أجثو مُراقباً
ومعاقباً
ذيَّاكُمُ الشَّالَ الثَّمينْ
وهناك قلتِ
واستبانَ الخيطُ الابيضُ مع أخيه
:فاكفُفْ
وأبعِدْ
واستقِم مثلي
و قل:
"إني نويتُ الصَّومَ عن هذا الرَّحيقْ"
ولففتِ رأسكِ بالحجابِ تعفُّفاً
لمَّا ادَّكرتِ طرائفاً من كلّ أحوالِ الرِّفاقْ
واحمرَّتِ الوجناتُ,ذلك...
كل ذاك وراءَ تلك الأكمةِ الفضِّيةِ المُتلوِّنة
فنهضتِ طاويةً و قدْ
أمسكتِ سبُّحةً وقدْ
هيفاءُ نورُكِ قدْ وقدْ
منهُ الحجابُ لقدْ فقدْ
كُشِفَ الحِجابُ عن الجبينْ
وذهبتِ نحو السَّاقيةْ
تتوضَّئينْ
تتلمَّظينْ
تتمضمضينْ
وظننتِ إن تتمضمضي
أن شهدَ ثغري قد يحُولْ
فضحكتُ حتى بلَّ دمعي لِحيتي
فهرعتِ نحوي تُزمجِرينْ
وترشرِشينْ
وجهي بماءِ السَّاقية
وعجبتُ أن كيفَ استقامَ الفهمُ عندكِ
و استوى
في مثلِ هذي الأحجيةْ
حاولتُ أن أقنِعكِ أنِّي ما فهمتُ و ما فهمتْ
لكن خيالَك كان أبعدَ من زُقاقِ الجابية
وأقولْ
ماذا أقولْ!!
لمَّا بلغتُ بأحرُفي
مُتحدِّثاً عن حجمِ ذيِّاكِ الخيال
أأقولُ أنّي ما مللتُ بكل هاتيكِ السِّنينَ مسافراً
مُتحدِّياً
أستجمعُ الذَّهبَ الذي
يتقلَّدُ العُنُقَ الجميلْ
إن بانَ خيطٌ لِمْ أراكِ تحرِمين ؟!
قد ضعتُ لمَّا أن بلغتُ حدودَ ذياكِ الخيالْ
أفتقنعينْ ؟
إلاكِ أنت
يا ربة الوجه الحزين
هيَّا
قومي انهضي
إياكِ أن تتعثَّري
إياكِ أن تتباطئي
قنّاصُهم يحذو المناكبَ و الرُّؤسْ
يصطادُ في وقتِ السَّحَرْ
بل يحصُدُ اليومَ البَشَرْ
وتقلَّعي
هيا انهضي
صيَّادُهُمْ
يصطادُ في الماءِ العَكِرْ
  __________

أوصلتُكِ الدَّارَ العراقيَّ الذي
بعد الحديقة الثانية
قبَّلتُ ظِلَّكِ
ظلَّ شعرِكِ
طيبَكِ الغالي الثَّمينْ
ونشقتُهُ حتَّى ترسَّخَ في الضُّلوعْ
وذهبتُ نحو الغُرفةِ الظَّلماءِ
في قصري المُخيفْ
أشعلتُ شمعتَها التي كانتْ
قُبيل القرنِ الاخضرِ
في مساحيقِ النساء
قبَّلتُها
قبلتُ شمعتَك التي أهديتِني
فرأيتُ طيبَكِ قد تضوَّعَ في الشُّموعْ
أغلقتُ كل نوافذي
تلكَ المُطلَّةِ نحو حيِّكُمُ الجديدْ
شاهدتُ تلك المئذنة
لَمَعَتْ بعيني فكرةُ الشِّعرِ الجديدْ
أقبلتُ نحو دفاتِري ومشاعِري
و فتحتُ أدراجي القديمةَ
تلك كانتْ مثل تابوتٍ سميكْ
أخرَجْتُ أكفاني
وكلَّ حنوطِكِ الغالي النَّفيسْ
أمسكتُ غليوني العتيقْ
وملأتُهُ
من تبغِ حشاشٍ صفيقْ
أشعلتُهُ
فتطاوَلَتْ نيرانُهُ في
جوِّ أجواءِ الشّهيقْ
فتقَهقَرَتْ مني العزيمةُ ثانية
ولقد ظننتُ بأنَّني
لا ألقَ ثمَّةَ ثانية
وتقَهْقَرتْ
أدراجُ تلك الذاكرةْ
للأعيُنِ الزَّيتيَّةِ اللمَّاعةِ
الكانتْ ببغدادَ ارتوتْ
من ماءِ ذيَّاكِ النَّخيلْ
فتضمَّخَتْ
وتلطَّختْ
وتقلَّبَتْ برِمالِ بصرتِها البخيلْ
فتطاوَلَتْ
حتى استوتْ وكمثلِ حيِّكمُ النَّبيلْ
وعلى يمينِ السَّاقيةْ
وأتيتِها والرَّقبةُ الجرداءُ تبرُقُ في الضُّحى
أخشى عليكِ من العيونِ
من النسائمِ في السحر
فأنا أخاف
فتحجَّبي
وتجلببي
وتخمَّري
ولتمسحي كل المساحيقِ التي
من شأنِها تُبعدني عنكِ
ها إنني في البابِ إني
فافتحي أي يا صغيرةُ
واجلبي لي ذلك الكرسي
تعالَي هاهنا
هاتِ الجهازَ فإنني
أخشى عليكِ من الأشعَّةِ و الخطَرْ
بل إنني أخشى عليكِ من النسائمِ في السَّحَرْ
هيَّا اقربي
بردانةٌ أنت ؟!
فمما
لِمْ أراكِ ترجُفينْ
هيا
تعالي
لا تخافي
هل نسيتِ ما وراءَ تلك الأكمةِ الفضِّية المتلوِّنة
ونسيت ساقيةَ الرَّحيقِ مع العسلْ
ونسيت غصنَ الزيزفونْ
ونسيت ثوباً قد تمزَّق وانزوى
عن ذلك الكتِفِ الرَّهيبْ
فشعرتُ ليلتها بأنِّي قد سكرتُ فما أفيقْ
ولمستُه بأناملي
وبأعيني
ولثمتُه
فنسيتِ كلَّ الجيشَ خلفَ الأكمةِ الفضِّية المتلوِّنة
لمَّا أسرَّ ضميرُكِ في مسمعي
:"هيَّا نعُدُّ النجمَ
هذي واحِدةْ.."
والنَّجمُ كلُّ النَّجمِ يركبُ في مُحيطِ قلادةٍ
هي في مسارِ تلعثُمي
فإذاً فديتُكِ أفتِني
كيف السَّبيلُ إلى تمامِ قصيدتي ؟



مع تحيات: الموقع الرّسمي للأستاذ ابن نزار الدمشقي

لأنّكِ أنت

3






لماذا أعودُ فأسألُ عنكِ!!
لماذا لماذا !!
وأبحثُ في الصُّبحِ عنِّي وعنكِ
لماذا لماذا !!
لماذا وأنتِ كأنَّكِ تُرْبُ
وأنَّ الصُّدودَ و أنَّ التشفِّي
وأنَّ الدَّلالَ و أنَّ التجافي
نباتٌ مُضِرٌّ وشوكٌ وعُشبُ
فكلُّه ينبُتُ منكِ وعنكِ
وأرجِعُ في الصُّبحِ أسألُ عنكِ
لماذا لماذا !!
***
لماذا تعودُ إليَّ السُّطورْ
وأحرَمُ حتَّى قُشورَ القُشورْ
إلى حيِّكِ العالي تأوي النُّسورْ
فمن ذا يُعانِقُ لحنَ القَمَرْ
لماذا خيوطُ الصَّباحِ تنوحُ
ونجمةُ سعدي تلوحُ تلوحُ
ولكنَّ شمسَكِ تأتي سِراعاً
فتُشرِقُ تحتَ خيوطِ القمرْ
***
لماذا أحارِبُ فيكِ الطُّقوسا
وآتي ابتساماً , فألقى عُبُوسا
وأنفِقُ كلَّ مساءٍ كؤوسا
لألقاكِ ثمَّ ... فما من صدى
أساهِرُ فيكِ أزيزَ الرَِّصاصِ
وصوتَ المدافِعِ لحنَ القِصاصِ
ولاتَ وليس بحينِ مناصِ
لأذكرَ ريماً بعزفِ الرَّدى
***
لماذا تطايرَ صوتُ حنيني
إلى قاسيونَ إلى النَّيربينِ
إلى الغوطتينِ ليُنبي قريني
عنِ المُعصراتِ بغيثٍ جرى
لماذا تعايطَ حبلُ فؤادي
فرُحتُ عليكِ اُطيلُ سُهادي
وجاء البشيرُ بصوتِ المُنادي
أناخَ المطايا ليَسألَ عنكِ
وتبحثُ فيروزُ في الصُّبحِ عنكِ
لماذا لماذا ؟!
...
لماذا أحاطُ بتلك الـ (لماذا) !!
وأهرقُ كأسي لهذي وهذا
فأنهلُ من كلِّ بحرٍ رذاذا
وما من مجيبٍ على الأسئلة
***
لماذا أُحاطُ بتلكَ القُبَلْ
ويُخمدُ عندي لهيبُ الشُّعَلْ
كأنِّي مناةٌ أوَ انِّي هُبَلْ
أُحيَّا وموتي هو المُشكِلة 



 مع تحيات: الموقع الرّسمي للأستاذ ابن نزار الدمشقي

أنتِ والمِرآة

0


ها أنتِ في المرآةِ وحدَكِ فاسهري
فتأنَّقي وتغندري وتعطَّري

وتأمّلي المرآة وحدكِ فافرحي
بجمالِ وجهٍ مُستبِدٍّ ظافِرِ

وأنا أجادِلُ دفتري المحمومَ في
غسقِ الدُّجى...ما نفعُ كلِّ دفاتِري

ما نفعُ هاتيكِ التَّوائمِ صُغتُها
بدموعِ قلبي أو دموعِ محاجِري

ما نفعُ أقلامٍ هناكَ زرعتُها
فتطاولتْ أشجارُها وضفائري

يا طولَ ما  كابدتُ فكراً ثاقِباً 
إذ كانَ يهتِفُ بالأنامِلِ حاذِري

يا طولَ ما داريتُ قلبي , و الهوى
يحتالُ في قلبي لسكبِ محابري

ها أنتِ في المرآةِ وحدكِ فاسألي
مِرآةَ وجهِكِ عن هواكِ الغادِرِ

واستنفِري لُغةَ العيونِ و إن تكن
لغةُ العيونِ تحرَّقت كسجائري

بل سائلي اللبلابَ في روضيكِ فيـ
ـمَ تهافتَتْ أوراقُهُ وتحاوري

ها أنتِ والمِرآةُ فيكِ تهشَمتْ
وتقطَّعتْ  واحُزني كلُّ أواصِري

وأنا أُفلسِفُ قِصَّةً متلوَّةً
بفمِ الزَّمانِ إلى الصَّباحِ الباكِرِ

وتأمَّلي المِرآةَ إذ تتأمَّلي
عَودي... فلستُ بعاتِبٍ أو عاذِرِ

ما عُدْتُ ذيَّاكِ الطَّريدَ  و لم أعدْ
ذاكَ المُطاردَ في الطَّريقِ العاثِرِ

لا تُقسِمي : "إن عُدتَ كنتَ كمِروَدي
أو كنتَ رَمشي , أو تصيرُ محاجِريي"

عُشِّقتُ عينيكِ اللتينِ تأرجَحَتْ
في هُدبِها قِصَصُ الفؤادِ الثائرِ

وترينَها في هذهِ المرآةِ ...كد
تُ "فديتُها" إذ كانَ لحظُكِ آسِري

فاليومَ لستُ أخالُها إلاَّ على
نورِ الشُّموع بحُرقةٍ للزَّائرِ

أتقصَّفَ الرَّمشُ النَّؤومُ فأجمعَتْ
إلاَّ لتسقيَه بماءِ محاجرِ

ها أنتِ في المِرآةِ وحدكِ فاكتُبي
إن شئتِ عن ذاكَ الخِصامِ السَّافِرِ

وتزيَّني بالنَّجمِ قِرطاً إن هوى
ما ضلَّ صاحِبُكِ الطَّريقَ فثابِري

وتعهّدي الكحلَ القديمَ فإنَّه
لن يُحي من أمسى طريحَ مقابِرِ

فلقدْ غدا للشَّامِ حُبِّي و الهوى
وقصائدي و محابري و دفاتِري

وظفِرتُ بابنتِها وفزتُ بحبِّها
فتماسكي  عندَ اللقاءِ وغادري


مع تحيات: الموقع الرّسمي للأستاذ ابن نزار الدمشقي

قطة أموية

0



أنا من شتاءِ الليلِ أهرُبُ 
من رحيقِ الفلِّ والنَّارنجِ 
من وجعِ الحروفِ 
من لغةِ السَّراب
من شكلِ العيونِ بمُعجمي 
كيما أسافِرُ في الضَّبابْ 
كيما أسافِرُ في الشِّتا لحديقتي 
وحديقتي فوق السَّحابْ 
انا من صفيرِ البُلبُلِ الصَّدَّاحِ أهربُ 
ذلك المسجونِ في قفصِ الغُرابْ 
وكما علمتِ 
قد يكونُ ولا يكونْ 
هربُ الوحيدِ شجاعةً 
ولقد أرى بزُقاقِنا اللبلابُ يقفِزُ خِلسةً 
نحوَ الزُّقاقِ المُدَّعي 
لحنَ الطَّهارةِ و الشَّجاعةِ 
يدَّعي 
أنَّ السَّماءَ تمدُّه  بملائكِ النَّصرِ المُحتَّمِ 
نحوَ أبراجِ  السَّماءْ 
________________
لا تحزني 
فأنا الوحيدُ بمِحنتي 
أرجو النجاة
ولقد أراها مِنحةً 
مُتفائلاً 
وكذا الحياة 
 فأرى هُنالِكَ قِطَّةً أمويَّةً 
مرسومةً 
موسومةً 
تتوسَّدُ الخشبَ الموسَّدَ والطَّريَّ 
أوالمُزخرفَ من حوافِ البيلسانِ
وتحتَها
ترنو الغصونَ تدغدِغُ 
النَّجماتِ و القمرَ البهي
________________
من ذلك الكابوسِ أهربُ نحوها:
هي جدَّةُ البُلدانِ 
أهربُ نحوها 
نحو تاريخِ الحضارةِ في دمشق
وإذا بتلكَ القطَّةِ اهتزَّت تُحرِّكُ ذيلَها
تمطَّتْ 
ثمَّ راحت تمشي مع أخواتِها 
وتلفَّتَتْ 
جاءتْ لِنحوي وارتَمَتْ 
 قرَّتْ تُحرِّكُ ذيلَها 
ودَنَتْ تموء
تموءُ عِندَ  وِسادتي 
وتقولُ هذي القطَّةُ السَّمراءُ يا 
وجهَ التَّشابُهِ 
بينَ راحَ وبينَ جاءْ 
قالتْ بلهجةِ شاعِرٍ 
مُتثاقِلٍ وقْعَ الحُروفْ
من ههنا مرَّ الأتابِكُ والتَّتار 
وإلى هُنا عادو ومرّوا وارتمَوا 
عندَ أسوارِ المدينةِ 
يومَ كانت في زُهاء الأربَعينْ 
وإلى هُنا 
جاء ابنُ أيُّوبٍ 
تعلَّمَ ههنا 
صلاحُ الدِّينِ ربِّي ههنا 
 وإلى هنا وإلى هنا 
رجعَ المُظفَّرُ و الشَّهيدْ
من ههنا مرَّ الوليدْ
وابنُ الوليدْ
 بل ههنا سُحِق التتارُ معَ اليهودِ مع الصَّليب 
وكلُّهم دُفِنوا هنا
 ________________
وتموءُ تلكَ القطَّةُ الأمويَّةُ
السَّمراءُ عند وسادتي 
وتقولُ في شعرٍ رطيبْ 
ماذاق هذا النَّاسُ كلُّهمُ 
ماءً كماءِ الشَّامِ في 
فجرِ الحضارةِ 
أو تعلَّل كُلُّهم 
بنسائمِ الفِردوسِ إلاَّ في الشآمْ 
فسألتُها :
أمويُّةٌ يا قِطُّ أم زنكيَّةٌ 
أنتِ ؟!!
فشِعرُكِ كلُّه قرشيُّ 
أمَّا شَعرُكِ البنيُّ هذا 
فهو تُركيٌّ قديم
وتموءُ تلك القطَّةُ الحسناءُ 
عندَ وسادتي 
 ________________
من شمسِ الظهيرةِ في الليالي المُظلِمة 
من  غناءِ الغادة المُتأذِّية 
من بلسمِ الموتِ البطيء 
من وحدتي 
زنزانةِ العلجِ الدَّنيء 
من أعرجٍ رضعَ البلاهةَ و الخنوعْ 
من شنطةِ السَّمِجِ  المُقارِعِ في ينابيعِ الدُّموعْ 
من أنَّةِ اللبلابِ أهربُ داجياً 
وإلى زُقاقِ الياسمينْ 
أتسوَّرُ الآهاتِ و العَبَرَاتْ و الزَّفَراتِ 
أُلقيها 
فلا ألقى هُنالك من  يُسامِرُني 
 ويُسفِرُ ضاحكاً مما صنعتْ 
________________
أنا من شتاءِ الليلِ أهربُ 
من عجاجِ السَّيلِ أهربُ 
نحونا 
نحو التياعك بالحياةِ 
على الدُّروبِ الفانية 
وأعالجُ النَّجَماتِ في سفري الطَّويلِ
فتهرُبُ النجماتُ مني وتملُّ من حزني الشّريد
فلا أرى 
إلآ ظِلالي تحتَ أنَّاتِ الرَّصيف...




مع تحيات: الموقع الرّسمي للأستاذ ابن نزار الدمشقي

مغالطات

2





ما كنتُ أحسَبُ أنَّ العُمرَ يقلبُ في قلبي مُعــــــادلَةً فُــهِّـمتُ فحواها
فالوردُ أصدقُ أن تحكي به لغةٌ فــالـتُّـــرب مُنبتُها والمــــاءُ أحياها
والقلبُ منقطِعُ الأنفاسِ مـــن ظـــمإٍ ما عاش في غدِهِ إلآَّ ليــلقاهـــا
فالطَّيفُ في هــَلَــــعٍ قــد ساقهُ ولّعٌ في جوفِ ليلتِها تُصليه تقواهـــا
فأتيتُ من بردى في الليلِ يكلؤني نارنجُ حارتِنا والليلُ أخفاهــــــــا
ووجدتُني طرِباً في الليلِ لا أدري من سُكرِ جفوتِها أو سُكرِ مرآها
والوجــــــهُ من حزنٍ قد حاقه بؤسٌ ألله يحجُبُها إلاَّ لـيَـرعـاهـــا ؟!


 مع تحيات: الموقع الرّسمي للأستاذ ابن نزار الدمشقي

كبرت

0



كبِرتِ كبُرتِ وكنتُ أظنُّكِ لا تكبَرينْ
كبُرتِ كبِرتِ فليتَ الشَّبابَ يدومُ طويلاً
و ليتَ الشّآمَ تعودُ تعودُ
كما كنتُ أذكرُ أو تذكرينْ
كبِرتِ كبِرتِ كبُرتِ عليَّ
وفقهُ وضوئي 

لقد صارَ عُذراً كضوءِ الحنينْ
أبِنتَ الشّآمِ فماذا عراكِ
فماذا دهاكِ
أرحتِ هناكَ و أنتِ القدَرْ
و أنتِ الأرومةُ للمنتظرْ
وأنت و أنتِ فمن كنتِ أنتِ
ومن كنتُ حين رماني القدرْ !
كبِرتِ وكنتِ تظنِّينَ يوماً ...
كبِرتِ و كنتِ تُديمينَ لوماً
تُحبِّينَ لوكَ اللغاتِ كبانٍ
وكنتُ هنالكَ أتلو السُّورْ
_____________________
هناكَ عزيزتي حيثُ الرِّجالُ
تقبِّلُ ظلَّكِ دونَ انسجامْ
هناكَ عزيزتي إذ كنتُ أغلي
(موديلُ) حذائكِ
لونُ طلائكِ
شكلُ حِجابِكِ
كم كنتُ أغلي أغارُ أغارْ
أهيمُ أهيمْ
فيغلي دماغي كأنَّه قِدرْ
وأبحثُ غيرَ الودادِ وغير
الهيامِ و غيرَ
التياعي بحبِّكِ تحتَ الرَّصاص
فأبحثُ كيف المروءةُ تسمحُ
أسألُ كيف الشَّهامةُ تُشرحُ
أجمعُ أحسِبُ أضربُ أطرحُ 

يا للأسف!!
وكنتُ هنالكَ أحسِبُ أنَّكِ لا تكبَرينْ
ولكنْ كبِرتِ
فأين الشَّبابْ
وأينَ الفتوَّةُ وسطَ الصِّحابْ
وقهوةُ صحبِكِ وسطَ النَّديْ
وحفلةُ ميلادِكِ المُستطيرْ
ويومَ رأيتُكِ ...
لا ما رأيتُكْ
أشيطانةٌ تلكَ في ذا الحِجابْ !!
فيا للأسفْ !!
________________
عزائيْ بأني أراكِ كبِرتِ
وأنَّكِ بعدَ الشَّبابِ عقلتِ
وكنتُ أظنُّكِ لا تكبَرينْ
________________
 




مع تحيات: الموقع الرّسمي للأستاذ ابن نزار الدمشقي

فهرس رسائل في الحب

0

الرسالة الأولى
الرسالة الثانية
الرسالة الثالثة
الرسالة الرابعة
الرسالة الخامسة
الرسالة السادسة
الرسالة السابعة
الرسالة الثامنة
الرسالة التاسعة
الرسالة العاشرة
الرسالة الحادية عشرة
الرسالة الثانية عشرة
الرسالة الثالثة عشرة
الرسالة الرابعة عشرة
الرسالة الخامسة عشرة
الرسالةالسادسة عشرة
الرسالة السابعة عشرة
الرسالة الثامنة عشرة
الرسالة التاسعة عشرة
الرسالة العشرون
الرسالة الحادية والعشرون
الرسالةالثانية و العشرون
الرسالة الثالثة والعشرون
الرسالة الرابعة و العشرون
الرسالة الخامسة و العشرون
الرسالة السادسة و العشرون
الرسالة السابعة و العشرون
الرسالة الثامنة والعشرون
الرسالة التاسعة و العشرون
الرسالة الثلاثون
الرسالة الحادية والثلاثون
الرسالة الثانية والثلاثون
الرسالة الثالثة و الثلاثون
الرسالة الرابعة و الثلاثون


مع تحيات: الموقع الرّسمي للأستاذ ابن نزار الدمشقي

الرسالة الرابعة و الثلاثون

0



أثناء عودتي, وبعد تجوالي في الحيِّ الزّاهرِ المُجاورِ لحيِّكِ ذيّاكِ القديمْ
عرّجتُ في طريقي على زُقاقٍ كان فيما مضى يملؤه أريجُ الياسمين
كنتُ أمشي الليلةَ حبيبتي بصُحبةِ قلمي,وطيفِكِـ ,وحبّي العقيمْ
فوَشوشتْ بلاطاتُ الزُّقاقِ مسامعَ قلبي بذكريات
و رشرشتْ نفحاتُه وجهي المُعفّرَ بآهات
فانتفض قلبي جريحاً ذبيحاً يرتشِفُ الأسى رشْفاً فليس يستقيم

أنسيتِ يومَ قسا عليَّ قلبُكِـ في الضُّحى!
و أزاح عني كلَّ سَعدٍ فامّحى!
أنسيتِ أم تُرى تجّاهلين!!
أم تذكرين!

أم تذكرينَ يومَ كنّا لا همٌّ على قلبِنا و لا آهاتٌ تغزوه
يومَ كُنّا , لم يكُن حبيبتي ثمّةَ أصواتُ مدافعَ ولا بواريد
إلاَّ بواريدُ الأطفالِ و مدافعُ العيد

يومَ كنّا , لم يكن حبيبتي همٌّ ولا ألمٌ سوى همومِ الحُبِّ وآلامُه
يومَ كنّا حبيبتي قضيبَي بانٍ في حديقةٍ دمشقيَّةٍ غنّاء

أوّاهُ يا غاليتي و ألفُ ألفِ آهٍ
حيث لم يكن يومَها قتلٌ و تهجيرٌ و تعذيبٌ و تشريد
سقى الله أيّامنا تلكـ الأول

ماتتِ اليومَ مشاعرُنا أم تراها تماوتت
فما للألمِ يعتصِرُ قلبي فبشطرَه!
و ما للحزنِ يكتسِح فؤادي فيُسكِرَه!

أدرِكي حبيبَكِـ المُضنى قبل والله لا تُدرِكيه
فلم يبقَ ههنا سوى بقايا من تراثٍ أو هباءٍ لجسدٍ نحيلٍ سقيم.


مع تحيات: الموقع الرّسمي للأستاذ ابن نزار الدمشقي

جميع الحقوق محفوظه © ابن نزار الدمشقي

تصميم الورشه