الفصل الثاني

0




ذنبي...
هو جل ما يعيق مسيرتي الكفاحية الطويلة الشاقة  في هذا الزمن الأخير أو المتأخر في هذه الفوضى العارمة
و بعد حيرة طويلة و ضياع مزعج مستمر  و شتات و قلق  ووسط اضطراب الفتن  و تقلقل البلاد و غليانها و إقدامها على أتون حرب مدمرة ساحقة صاعقة تأتي في كل يوم على ما يعترض دربها من شجر و حجر و بشر
بل حتى الأسماك الصغير ة الضعيفة  و القطط الجميلة الأليفة  و الطيور المغردة البريئة  لم تنقذها مسالمتها و لم تشفع لها الفتها و وداعتها
فحرت و اضطربت كما حار الشعب و اضطرب و لبثت مليا أطالع صفحات السماء أقرا رسالة خطتها يده على حاشيتها  اردد الطرف في أنحاء السماء  و في أرجاء الطباق  لا يعود طرفي إلا بالملالة و الحسرة و الانكسار الشديد و أعاود المحاولة ثالثة و رابعة و خامسة كي تبوء كلها بفشل ذريع و أمل صريع
ففي أحوال كتي أرده على قراطيس الامواه الجارية أو الراكدة و في  زوايا المكان و أنحاء الزمان و على صفحات الأوجه المستعارة أو الحقيقة
حتى يصل بي الأمر إلى مستنقع جميل أخاذ أو بركة منخفضة الجدار في دار عربية قديمة
اهرب منها كلها حتى اجعلها تطاردني بعيدا في حقول الذرة الصفراء و البيضاء و بين سنابل القمح اليابسة و في الأغصان الشوكية ضمن البساتين اليانعة لهذا الحبيب المحتل الغاصب فتارة اركض طفلا خائفا مرتعد الفرائص احمرت أحداقه و خلع قلبه و أيقن بالهلاك
وطورا كغلام شقي  يعبث في حقل جيرانه ويسلو بمطاردة ناطور مسكين متخفيا مرة وراء شجيرة ورد اصفر أو ارجواني  و مرة خلف جدار قصير يحاول التمطي مترفعا عنه حتى يلمح صلعة ذلك العجوز أو عصاه مهرولا صوبه
حتى يعييه فيعود لاستجداء مطارد من كرم آخر
و هكذا دواليك حتى تراوده نشوة الشعور بالنصر لترحم أولئك الضعفاء
 أما في بعض أوقات السرور أجده حال سمكة صغيرة في حوض اسماك الزينة يتلاعب بأسماك الحوض بأسرها بين مطارد و مطارد فيختبئ تحت الرمال تارة و أخرى و راء  الصخرات الصغيرة حتى ليخيل إليها أنها في بحر هدأت أمواجه و شعت أنواره و صفت ماؤه و شفت جدرانه  حتى ليرى المخلوقات على جوانب ذلك المحيط
كيما تسعدها في لعبتها تلك
وحدتي و غربتي و عزلتي و انفرادي كل  ذلك و أنا ضمن خليط فظيع من العناصر الاجتماعية تجعلني في إحدى حالتين يذيبني حتى أتلاشى من هذا الجو أو تجمدني تجمد مشاعري و أحاسيسي و كل قواي حتى لتفصل الروح عن الجسد
و بكلا الحالتين  لا أرى المؤدى إلا التلاشي  و الانفصال والانحلال
فارتب مفردات قواميسي من جديد  و أحيك مؤامرتي على ذاتي  و اقلب الخطط و المخططات رأسا على عقب  أذوب و أعود أطير و ارجع لأسافر  و أعود أتلاشى و أعود أتخبط انزوي أعربد أتمرد اضمحل  حتى أمارس كل فعل أثبتته العربية أو غيرها من اللغات و أعود
هنا أجدني ابذر بذاري في صحراء الجليد لتنبت النخل الباسقات و الكرم اللذيذ و التين و الزيتون و في غضون أيام
قد يكون ذلك عن الفلاسفة و علماء النفس إحدى علامات الغباء وعند الحكماء احد مؤشرات الجهل
إلا انه عندي من علامات النبوغ و العبقرية و دلائل ----------- و --------
فأمل لا يعرف الملل و تفاؤل لا يدرك معنى الخيبة او الإحباط و الهزيمة
حماقات البشر و ترهاتهم و بلاهة المنطق وبلادته و محبطات الأرضيين و خلودهم إلى الأرض
و ارتقاء السمائيين  و تعصبهم للسماء يشدني أولئك و يرفعني هؤلاء حتى أكاد أتمزق بين الأرض و السماء
سفري نحو الوراء و طموحي لاختصار الدهر كله بأعوام قليلة مقارنة مع طوله
و شد أهل الوراء و دفع أهل الأمام
يزعجني و يربكني و يقلقني حقا
فكيف لا أقع بحيرة كتلك و أنا في حال كهذه لا تسعد و لا ترضي
حقا كيف لي ان اجمع بين الأشتات  و أؤلف بين المتناقضات و ما انا اله و لا حتى نصف اله و لست بنبي مرسل و لا ولي ذي كرامة جليه او حجة واضحة مبينة
كيف كيف !!!
الجنة التي في عقلي مذ ولدت و الجحيم الذي أحياه مذ بلغت
النعيم الذي اطمع بلوغه  و العذاب الذي يحيطني من كل مكان
الحياة الحية و الموت المر
 التراث الأصيل و المدنية اللعينة
الدين القويم و الأخلاق النبيلة  و المحافظة
و التفلت و الإباحية و الاتباع الأعمى للغرب!!!!
كيف قل لي كيف!!!!!







مع تحيات: الموقع الرّسمي للأستاذ ابن نزار الدمشقي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظه © ابن نزار الدمشقي

تصميم الورشه