-1-
معزوفةُ النهوندِ قد أرسلتِ لي
أرسلتِ سهماً طائِشاً
أرسلتِ قِدِّيساً
بنهرِ الغانجِ كان قدِ اغتسل
سَلِسَ المقادِ ظننتُه
حتى أخذتُ لِجَامَه
جَمَحَ الحِصان
فَحسبتُ أني مُخطِئٌ
أُسلوبُه مُتفرِّدٌ
أرسلتِه سيَّالَ كَهرَبَةٍ
فما أن رُحتُ أركبُهُ
و علوتُ صهوتَه
فارتدَّ شيطاناً مريداً جامحاً
و أطاحني
فتكسّرَتْ أضلاعُ صدرِي
و تبدَّلَتْ منها المواقِعُ
و استويتِ على الثَّرى
مُتحطِّمَ الأضلاعِ
بل و محطَّمَ القلبِ الحَنون
حتى تَكسّرتِ الأصابع
و تهشّمتْ مني العظام
كجُثةٍ في الأرضِ ملقاةٍ
لكنّ فيها كالبقيّةِ من أمل
و لجانبي يطَأُ الصّعيدَ بمركلٍ
و كأنّهُ الفولاذُ
يحفر من صلابتِه الثرى
و كأنّهُ قد ظنني ميتاً
إذ اْلقاني
فحدّثَ نفسَه
إحفِر له قبراً
و إلا جاءَ من يُحيِيهِ
لكن ....
فحاوَرَ نفسَه
إذهب إلى الشّبيحِ بادِر
قل له :
قد حاوَلَ المُحتالُ سلبَ ضَفائِري
و السرجَ بالأصدافِ
بل و ادّعِ أنْ قَدْ سَرَق
عشرينَ مثقالاً و أُوقيةً ذهب
و انجُ بنَفسِك
قل له أنْ قَدْ وهبتُكَ
ما استباحَ من الذهب
و انجُ بنفسِك
لا تُخاطِر
لا تُبادِر للعَطَب
***
و أنا على الحالِ الذي أسلفتُ
أشهَقُ شهقةً
تدوي بأصقاعِ الدُّنا
بل و تصعَدُ شَهقتي
في القُبةِ الزرقاء
حتى لَتبلغَ حاجتي ربَ الورى
لم أستطِع لِيدِي حِراكاً أو شفاهي
حتى بدا لي واقفاً
أنفاسُهُ نايٌ حزين
ففرِحتُ أنْ قَد رَقّ لي
و طرِبتُ أنْ قَدْ راقَ لي
و رضِيتُ أنْ قَد طاعَ لي
و نسيتُ ما قَد حَلّ بي
فنسيتُ أوجاعي
أرهفتُ أسماعي
حركتُ أضلاعي
و فيها الرّوحُ دبّتْ من جديد
يا قلبَها : أرَقَقتَ لي
يا قلبَها هل رُقتَ لي
يا قلبَها أرأفتَ بي
يا قلبَها أحزِنتَ لي
لا لا فلا تحزَن فإني
كُلّي جسمي حتى روحي في فداك
فاستضحكَ الفرسُ الأصيل
واستهزَأ الفرسُ الأصيل
و تهكّمَ الفرسُ الأصيل
ناديتُ أي ربِّ كفاني
أرسِل أي إِلهي عِزرئيل
قد خلتُه سلسَ المقاد
لكنّني رجلٌ هبيل
لكنّني رجلٌ هبيل
***
-2-
فاستدمَعَتْ عيناي
تحتَ سنابِكِ الخيلِ الأَصيل
و استروَحَتْ نفسي
و لم أسطِعْ لأَرنو في عيون ٍ
قد بدا لي في مُحيّا صاحبي
أن يستهينَ بقِتلَتي
بالشّكلِ ذا
بل قد تهيّأ مبتتي
و تلذذا
فأنا لجنبِ المجرمِ السّفاحِ لكن
قد أُمرت بأن أُقرّ و أَعترِف
و قد نُهِيتُ عنِ التّصدِّي
أو أُهاجِمَ
أو أُخاصِمَ
من غريمي أنتصِف
فقعدتُ أطرَبُ كالثّكالى
حينَ تُطرِبُها الفجيعةُ
بالبكاءِ على اليتامى
و أخافُ كلّ الخوفِ
أستحيي محاورةَ القَدَر
أو أن أُراجِعَ ذي الجلالِ
بما قضى و بما قَدَر
فأنا الذي استقصدتُ شَمّ الوردِ
و الأزرارُ تُغرِي
فانقتَلتُ بشَوكِهِ
و أنا الذي اعتدتُ الضّلالةَ
والغوايةَ والهوى
و أنا الذي أنفقتُ عُمري
بين نهدٍ قائمٍ
و تبِعتُ نهداً هائماً لما هوى
و أنا الذي ضيّعتُ عمري تائهاً
بين الأسرّةِ والشّفاه
***
-3-
و أنا الذي شهِدَتْ بقاعُ الأرضِ أني
قد أقمتُ بها سفاراتِ النساء
حتى ابتنيتُ بكلِّ
ريعٍ آيةً
في كلِّ عاصمةٍ سفارة
و لقد أُسيِّرُ كُلّ قافلةٍ
و لا أنوي العبادةَ
لا و لا حتى التجارة
أهوى النساء
أشقى لأجلِ الثّدي
أو حتى لبيتٍ فيه صلصةُ من نساء
تتغلغلُ الأشعارُ ضمنَ حشاشتي
لا أدري لم!!
و بهنّ تُشفى كُلُ أمراضي
و حتّى الجُرحُ
لِمْ؟؟
لا أدري لِمْ
***
حتى لقد شَيّدتُ في
شتى العواصِمِ
تِمثالاً لنَهدٍ لم يُجاوِز
عَقدَه الثاني
نهدٌ من العاجِ اليماني
زخرفتُه بحُليّ كِسرى
و التاجِ لل و سِوارِه
أنّقتُه بالماسْ
و جلبتُ خُدّاماً
لسِدانةِ النّهدِ العريق
و له له حُرّاسُ
فأُقبِّلُ التِّمثالَ
أُعانِقُ التِّمثال
أطوفُ بالتِّمثَال
قبلَ أو بعدَ الزِّيارة
شيّدتُ في كُلِّ العواصم
***
و أنا الذي عُرفتُ في التّاريخِ أني
كعبةُ النسوان
و أنا الذي
قالتْ رجالاتُ الدياناتِ القديمةِ
أني معبدُ النسوان
و أنا الذي صَنّفتُ جغرافيا النِّساء
حتى لكادَ يمُرُ في ذكريَ
التوراةُ و الإنجيلُ
و التلمودُ لكن
ما قرأتُ بأنني
سأُداسُ تحتَ سنابِكِ الخيلِ الأصيل
في كل تلك و كل ذلك
كُلُ فلسفةِ الأوائلِ والأواخرِ
في كلِّ ما ألّفتُ
في كلِّ ما صنّفت
عشرونَ عاماً قد قضيتُ
بخبرةِ النسوان
عشرونَ عاماً قد قضيتُ
على الأسرةِ و النُّهود
بين أثداءِ النساء
عشرونَ عاماً ليتها
كانت كثلجٍ أسودٍ
في الصيفِ يهطُلُ
أو بصَقيعِ الشّتاء
***
مع تحيات: الموقع الرّسمي للأستاذ ابن نزار الدمشقي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق