رئيس أكاديمية العطارين

0


قد كنتُ بصغري عطاراً
أسترَقُ السّمعَ بكلِّ صباحٍ
خلف الشُّبَّاكِ المكسورِ الأبيض
فأرى العُصفورَ على غصنٍ
يشربُ فنجانَ القهوةِ مع أزرارِ الورد
و قد جُُمِعَ العصفورُ مع السِّنَّور
و فَراشُ يرفُّ بغير هُدى
و على الأزرارِ الحُمرِ ندى 
والأرضُ تقولُ أنا لكُمُ 
سجادٌ عجميٌّ أخضر
فيقولُ العصفورُ تجلّتْ
في السقفِ خيوطٌ لماعة
من ذهبٍ تغزل
 و سنونو لا يهدأ
و يمدُّ القطُ لساناً
يلعقُ وبراً كالمسبل
و يقومُ الهرُّ فيتمطّى
يدخلُ في العُشبِ فيتغطّى
و يموءُ يموءُ
و لستُ أجِدْ أرمي للقطِّ سوى ليرة
يشري أقراصاً من جبنة
فتصابُ القطّةُ بالغيرة
أرمي للقطِّ أقولُ إذاً
اِكتملَ الرسمُ على اللوحة
فسأُغلِقُ الآنَ الصّفحة
***
أسترقُ السمعَ بكلِّ صباح
و يقومُ الديكُ بكلِّ صياح
حتى أتقنتُ الصَنعة
و أروحُ المتجرَ لأُلاقي
العطارَ يُنظِّر في المتجر
فيُجالِسُ كلَّ العطِّارين
يجتمعُ بمكتبِهِ أبداً
أشياخُ شيوخُ العطّارين
فَيُدَرِّسُهُم
و يُعلِّمُهُم
و يُلقِّنُ حكمتَه زعماً
ليُفَهِّمَ فنَّ العطارين
فأراهُ جهولاً أحمقَ لا
يدري
لا يفقهُ أبداً سرّ الصَّنعة
و أراهُ بليداً
لا يُرهِفُ سمعاً للحُسنِ أو الشّجرة
ذوقاً للغُصنِ أو الثّمرة
لا يرسُم جدولَ ماءٍ في ثوبِ السّكين
لا يعرفُ كيفَ يطيرُ السمكُ
على جوٍّ من خشبٍ أو بِلّور
لا يعرفُ كيفَ يطيرُ الأرنبُ
في دُكّانِ البقّالين
فأراهُ جهولاً مستاءً
يعبِسُ بوجوهِ العَطّارين
يعبَثُ بعقولِ العَطّارين
أفتتحُ القاموسَ لأنظُرْ
ألفاظَ الشّيخِ
فأقلب صفحاتِ القاموس
فأراهُ يُحرِّفُ كلماتِ الإنجيلِ
إنجيلِ العِطر
و خَلَّطَهُ صُحُفَ التوراة
و أرى ببيانِ الشيخِ لغة
لا تُشبِهُ لُغتي في القاموس
فأرى ربطةَ عنقِ الشيخِ
كحبلٍ في رأسِ الجاموس
لا يفهمُ أبداً
لا يفهم

***




مع تحيات: الموقع الرّسمي للأستاذ ابن نزار الدمشقي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظه © ابن نزار الدمشقي

تصميم الورشه