بداية القصَّة

0


في البدءِ 
قلتِ أنا الحبيبة
أنا السميرةُ
و المثيرة
و الصديقةُ
 و الصدوقة
و العشيقةُ 
و الربيبة
بنت الشآمِ 
عمارتي
تبدو لحيِّكِمُ قريبة
أتراكَ ترضاني
و ترضى أن أكون ؟
* * * 
سأكونُ كالتلميذِ 
طفلاً هادئاً لا يعبثن
و تكونُ أنتَ مُعلمي
أنت المُربي و الحنون
فلقد قضيتُ العمرَ
قبل لِقاكَ حتى
جزتُ منتصفَ الزَّمن
وبقيتُ أنظرُ
يُمنةً أو يُسرةً
في مسلكي
لا أرعوي
لا أهتدي
لا أستكِن
و أتيتَ أنتَ بغايةٍ
و أتيتَ أنتَ بشمعةٍ
و أتيت أنتَ بآيةٍ
تضيئُ ليلاتي الحزينة
و أتيت أنتَ مُفاخراً
ما هِبتَني امرأةً رزينة
فأتيتني
و نقضتَ ما سَتَرَ الزمن
و كَشَفتَني
و فسرتَ ما كتَمَ اللسان
فأتيتني
لا أدري كيف أتيتني
فأتيتني
كالطودِ لستَ لتنحني
فأتيتني
فرأيتُ فيكَ محبتي
فرأيتُ فيكَ صبابتي
فرأيتُ فيكَ مودتي
و كُهولتي
و طُفولتي ...
أتراكَ ترضاني
 و ترضى أن نكون ؟
* * *
أتراكَ ترضى
في قصورِكَ
أن أكونَ الجارية ؟
أتراكَ ترضى
في فِنائكَ
أن أكونَ السَّارية  ؟
لا ... لن أكونَ كمن تراها
في فراشِكَ عارية
لا لن أكونَ صغيرةً
لا لن أكونَ كبيرةً
ستكونُ ربَّاً سيِّداً
وأكونُ عندكَ جارية
أتراكَ ترضى سيِّدي بمحبتي ؟
أتراكَ تحكمُ سيدي لقضيَّتي ؟
أتراكَ تصفحُ سيدي عن صفحتي ؟
أتراكَ تقرأُ آيتي ؟
أتراكَ تمسحُ عبرتي ؟
أتراكَ ترضاني
و ترضى أن نكون ؟
* * *
ها قد أتيتِ و ما دعوتُكِ
جئتِ من وسطِ المدينة
ها قد أتيتِ و خلتُ أن
تكوني في طرفِ المدينة
ها قد أتيتِ ...
و ليت شِعري
قبلُ من رَكِبَ السفينة ..
فكم و كم من نِسوةٍ
أو غانياتٍ
راقصاتٍ
في المدينة !
فكم و كم في مخدعي
في مرتعي
في مربعي
تأتي الدَّعيَّةُ و التقيةُ
و المثيرةُ و النقيَّةُ
و الشريفةُ و العفيفةُ
و المُريبةُ و الرزينة
و كم و كم في كل ليلٍ
سرَّّّّّّّّّني نهدُ اللعينة !
جاءت إليْ ..
لمَّا رأتني
ذادتِ  الولدَ الملوَّعَ بالثَّدي
ذادته ترجو قبلةً
أو ضمةً كي تهتدي
ذادته يبكي
ثم ضمَّتني إليها
: أتراكَ ترضى أن أبيتَ
و أغتدي ؟
أتراكَ ترضاني
و ترضى في فراشِكَ مرقدي ؟
* * *
ها قد أتتْ ..
ما رُمتُها
لستُ الملوَّعَ بالنِّسا
ها قد أتتْ من نفسِها
ها قد أتتْ و بكأسِها
خمرٌ عتيقٌ أُسِّسا
ها قد أتتْ وبنحرِها
عِقدٌ تراثيٌّ كسا
ها قد أتتْ كخليلةٍ
كعشيقةٍ
مسكينةٍ ... لا مومسا
* * *
و لقد رفضتكِ أن تكوني
في قصوري جارية
بل ما دعوتُكِ كي تبيتي
في خدوري عارية
* * *
و لقد قبلتُ ... قبلتهنْ
قبلتهنَّ
يجُلنَ في حقلي
فراشاتٍ كدينارِ الذَّهب
و يُقِمنَ حفلاتٍ على صدري
من غير عيدٍ  أو سبب
و تُصَبُّ كاساتٌ بحِجري
للثُّمالةِ و النَّصَب
و لقد قبِلتُ قبِلتهنْ
قبِلتهنَّ
كمعطفٍ عند الشِّتا
* * *
و لقد رفضتُكِ أن تكوني
في قصوري جارية
بل ما دعوتكِ كي تبيتي
في خُدورِي عارية
* * *
يا حبّذا  يا حبّذا
كم قلتُ : تأتيني امرأة !
كم قلتُ تأتيني رُفيدةُ
أو هُويدةُ
أو بُثينةُ
أو زُبيدةُ  
حبذا
لو أنها تأتي
فتملكَ عرشَها
ذاكَ المعفَّرَ بالزَّمن
ذاكَ الذي
تجدُ السنينَ كمِخملٍ
غطى حريره
بل كفن
ذاك الذي تجدُ النسا
من حولِ أركانٍ له
يسألنَ : كم بلغَ الثمن ؟
: أفإن أكونُ أميرةَ النسوان
أو عرشَ الجمال ؟
أم أن تكونَ
سليلةَ السلطانِ
أصحابِ السيادةِ
و القيادةِ
و الريادةِ
 و الجلال ؟
من يا ترى يحظى
 بهذا العرشِ
إن دَفَعَ الثمن ؟
من يا تُرى يحظى
 بربِّ الشِّعر
في هذا الزمن ؟
* * *
و لقد رفضتكِ أن تكوني
في قصوري جارية
و لقد أردتُكِ أن تكوني
عرشَ قلبي عالية
* * *
أسفٌ أسف
أسفٌ عليكِ خليلتي
لو أنكِ تدرينَ
 كم بلغَ الثمن
أسفٌ عليكِ عشيقتي
لو أنَكِ تدرينَ
من يودُي الثمن
* * *
في البدءِ قلتِ أنا الحبيبة
أنا السميرةُ
 و الأميرةُ
 و الربيبة
بنت الشآم ..
عمارتي تبدو لحيِّكم قريبة
* * *
أسفٌ أسف
ثمن زهيدٌ باخِسٌ
ما شئتِ أن تُودِي الثمن
عَقدٌ فريدٌ جاهزٌ
عِقدٌ ثمينٌ باهظٌ
عهدٌ أكيدٌ ..
 خِلتُها
تأتيكِ من وسَطِ المدينة
يا ليتَ شِعري
 في الضّحى
تأتي رُفيدةُ
أو هويدةُ
أو زبيدةُ
حبَّذا


***

مع تحيات:
الموقع الرّسمي للأستاذ ابن نزار الدمشقي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظه © ابن نزار الدمشقي

تصميم الورشه