سجنت السجن

0

قاضيتِني بقضيةِ القلمِ الفقيد!!
و أنا مُكبّلُ بالمقامعِ و الزّرَد
و السَّلاسِلِ و الحديد
و أنا بقعرِ السّجنِ
خلفَ قضباني استويت
وأرشفُ من ظلامِ السجن
و الغلُّ في عنقي
و أرسُِفُ بالقيود 
و يدي قيحٌ صديد
***
قاضيتني
زنزانتي تعوي كذِئبٍ أخرسٍ
و سوادُها ينبيني قال
لستَ مسجوناً وحَسْبْ
أنت مدفونٌ فقطْ
قاضيتِني
و أنا الملاكُ
و أردتِ لي ذوقَ الهلاك!!
فأنا أطيرُ على سحابٍ في الأُفُق
و رفعتِ دعوى باليراعِ و بالورَق!!
فأنا أطيرُ على سحابٍ في الأُفُق
فأنا أنا شيخٌ و لكن
لا أشيبُ مع الزمن
قد شابَ قلبي
قد بلغتُ الألف إلا بضعةً
فأنا أنا شيخٌ و لكن
قد يشيخُ بي الزمن
***
أنا لو علمتِ خارجَ السجنِ العتيد
أنا لو عرفتِ
لقد سجنتُ السِّجنَ
مع أدواتِه
وجنودِه حُرّاسه
سجنتُه في مكتبي
في أسفلِ الدُّرجِ الصّغير
***
لا تجزعي
أو تهرُبي
في بعضِ أحياني
و لما كُنتُ طِفلاً كُنتُ ألعبُ بالورَق
بل كُنتُ ألعبُ بالكُرة
قد كُنتُ ألعبُ بالكُرة
هل تذكُرينَ مقاعدَ الدرسِ التي
منها ادَّعيتِ أن سرقتُ المِسطرة؟
هل تذكُرين
هل تذكُرين
رسمَ الخرائطِ بالشرائطِ و الطُرُق
هل تذكرين
كلَّ الخرائطِ لهي أصغرُ من محيطِ الدائرة
للدائرة شكلٌ مغايُرُ للكرة
قد كنتُ بل لا زلتُ
ألعبُ كل صُبحٍ بالكرة
أرأيتِ أشكالَ السُّحُب
أرأيتِ كيف
أعلمتِ كيفَ يُشكِّلُ البحرُ السُحُب
أعلمتِ كيف
***


أكره أشكال النجارين


قد كنتُ بصِغَرِي نجَّاراً
أسرُقُ من جيبِ الفنَّانين
أصنعُ ساعاتٍ خشبيّة
أصنعُ أسلاكاً عصبيّة
أصنعُ بِلّوراً شفّافاً
من خشبِ الصّندلِ و الزّيتون
أبكي فأذُرُّ الدَّمع خشب
و نجَرتُ قميصاً من خشبٍ
أُلبِسُه التنينَ الأحمر
أكَلَ التنينُ الأحمرُ ذا
كلّ الألعابِ الخشبيّة
كلّ الأدواتِ الطِبِّيَّة
***
قد كُنتُ بِصِغَرِي نجّاراً
لم أُتقِنْ تلكَ الصّنعةَ قَط
صنّعتُ دُيُوكاً من خَشَبٍ
سَمَكاً و دَجَاجَ و وزَّ و بط
و ذهبتُ إلى الغابةِ يوماً
فوجدتُ الشَجَرَ و فيهِ حياة
و هناكَ ليوثٌ في الغابة
و هناكَ نُسورٌ في الغابة
و هناكَ ذئابٌ و أفاعي
تضربُ في نايٍ و ربابة
في الغابةِ خشبٌ فيه حياة
***
قد كنتُ بِصِغَرِي نجّاراً
أكرهُ أشكالَ النجّارين
أكرهُ أعمالَ النجّارين
أكرهُ صنعَتَهُم و كأني
ما كنتُ بصِغرِي نجاراً
***


مع تحيات:
الموقع الرّسمي للأستاذ ابن نزار الدمشقي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظه © ابن نزار الدمشقي

تصميم الورشه