قنبلةٌ من العطر المركب

0

قد كنتُ بصِغري عطاراً
ما كنتُ ككلِّ العطَّارين
أصنعُ من قلمي بخّوراً
أحفُرُ في كُتبي كالخندق
أو منجَمَ ماس
أستخرِجُ بترولاً أبيض
فأصوغُ عطوراً
أو أُخرِجُ مِسكاً من أجنحةِ النسرِ
و من أسواقِ الوراقين
***
قد كنتُ بصِغرِي عطاراً
لا أُشبِهُ كلَّ العطّارين
حتى أتقنتُ الفنَّ
و لي سبعٌ أو تسعٌ
ما جاوزتُ أنا الخمسين
أتقنتُ المصلحةَ الأولى
جربتُ التجربةَ الأولى
و وضعتُ زجاجَ العِطرِ على
ورقِ المرآةِ الأخضر في
خمس أو سبع أو تسعين
جمّعتُ عطورَ الدّنيا على
مرأىً من بصري
أشعلتُ القِنديلَ الأخضر
و جلبتُ العودَ
عزفتُ اللحنَ على وتري
فشممتُ اللحنَ له شدوٌ
فسكرتُ
و لم أعرِف أبداً
من قبلُ صنوفَ الخمر
و لم أقربْ غليونَ الحشاشين
فرأيتُ بأنّ أريجَ اللحنِ
له لونٌ كالشمسِ غريب
و سكرتُ
 ولكن لم أعلم
للعطرِ فحيح
للعطرِ عواء
للعطر نباحٌ
أو ثمة للعطرِ هديل
أو ثمة للعطرِ صفيرٌ أو تزمير
لم أعرفْ أن العطرَ له
كلماتٌ لم تُسمَعْ أبداً
أخبارٌ ما ذِيعَتْ أبداً
ألحانٌ ما عُزِفَتْ أبداً
لم أعرِفْ أن شُيوخَ العِطرِ
غَدَو في المتجرِ طُرشاناً
و أصمّوا القلبَ عن المبخَر
ما حاولَ أبداً عطّارٌُ
أن يصنعَ عطراً كالخنجر
ما هاجمَ أبداً أو فجّر
بزُجاجةِ عِطرٍ دبابة
أو هجمَ الشيخُ مع التلميذِ
بنفحةِ عطرٍ شامية
فاستولى الشيخُ على المخفر
***



مع تحيات:
الموقع الرّسمي للأستاذ ابن نزار الدمشقي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظه © ابن نزار الدمشقي

تصميم الورشه