حوار نهدين

0



يُضنيني زرقاءُ العُيونِ حديثُها
ساتانُ نهديها يشِفُّ لِحَالي

فتجودُ بالإِعراضِ عنّي كلّما
غَنّيتُ في إمتاعِهَا مَوّالي

شقراءُ تشفيني و تكويني كما
يُكوى الجريحُ و ما تُجيبُ سُؤالي

شقراءُ كُوِّرَ نهدُها و كأنّه
عاجٌ جلتهُ آلةُ الصّقّالِ

أو أنّهُ في جاهليةِ قومِها
صنمُ الغِوى في فِتنةٍ و دلالِ

أم أنّهُ رمزُ السّعادةِ و الهَنا
أم مرتعُ الآسادِ و الأشبالِ

أم أنّهُ أم أنّهُ أم أنّهُ
فنسيتُها و غرِقتُ في تسآلي

فعجِبتُ من فُستانِها و حَرارتي
و برودِ فلسفتي عجِبتُ لِحالي

فالشّعرُ و التّضرامُ قِدراً هادراً
فغدوتُ بالإحساسِ كالتِّمثالِ

فتركتُني لبُرودَتي و تأمُّلي
و تركتُها للنَّارِ و الآمالِ

متفكراً في سِرِّ نهديها و هل
إدماني يُشفى دونما استقلالِ!!

و تَحاورَ النهدانُ في سِرِّ الفتى:
قد كان طماعاً بخيطِ وصالِ

فالأيسرُ المُحتالُ قال لعلَّهُ
أفنى قِواهُ لكثرةِ التَّجوالِ

فأجابَ صاحبُهُ "لعلَّ" تضرُّني
و تُشَكِّكُ الإنسانَ في أحوالي

بل إنَّه لو كانَ تعبانَ استوى
فمُداعِباً... أو قُبلةَ استقبالِ

بل إنَّه كالسّبعِ متّحدُ القِوى
مستوفزاً... لكن لغيرِ نِزالِ

بل كان قبلَ دقيقةٍ مُتهالِكاً
في الجذبِ و التَّبجيلِ و الإجلالِ

هل كان طولَ الدّهرِ إلا شَهوةً
يتهالكُ الإنسانُ في إجلالي!!

فأجابَ صاحبُهُ لعلّكَ مُخطِئاً
ووهمتَ ظُلماً فهمَهُ لجَمَالي

و أسأتَ ظَنَّاً في منافِذِ فَنِّهِ
و لذاكَ يا نهدُ اتّركتَ سِجالي

آليتَ إلاّ أن تكونَ مُضلَّلاً
و مجاهِداً يا نهدُ في إضلالي

فتجاهلَ النّهدُ الأريبُ حديثَهُ
فتنهّدتْ من نهدِها المُحتالِ

و كأنّ وَشْوَشَةَ النُّهودِ بِسَمعِها
قد أسْعَفَتْ تَضْرامَهَا لِنِزَالي

و كأنَّ وَهْمَ الجِنسِ لاحَ لِفَهمِها
فاستغرقتْ في الفِكرِ باستِرسالِ

ورأيتُها بعدَ اْستطَارَتْ شهوةً
خَلَعَتْ عِذَارَ الدِّينِ و الإمهالِ

و لقد تخلّتْ عن جميعِ لِبَاسِهَا
من غيرِ تقصيرٍ و لا إهمالِ

فرأيتُها بشُرودِها وبُرودِها
تستبدِلُ الفُستانَ بالأسْمَالِ

وتُحَاولُ الشّقراءُ كَبْحَ نُهودِها
نَسِيَتْ مَفَاتِنَ جِسمِها و جمالي


***



مع تحيات: الموقع الرّسمي للأستاذ ابن نزار الدمشقي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظه © ابن نزار الدمشقي

تصميم الورشه