سيرةُ الحبِّ بصُحبةِ أمِّ كلثوم

0


هــاكِ المـــــدامــَــةَ هـــاكِ الكأسَ و الــــوَتَرا
أهريقي تلك و كُفِّي .. و اسمــعي الخــَـــــبَرَا 

أهــــــــريقِي تـلك فـلا تـــبـقِ لــــهــــــــا أثراً
فـــــالشِّعرُ يُـمــزَجُ فـــيــه السِّــحــرُ إن قُـــدِرا

شــيـخُ القـصيـدِ و قد لــُـفــّـَـتْ عمامـــتــــُـه 
يــــــتـلو القـصــيدَ كما يــــــــتـــلو الألى سُـوَرَا

شيـخُ القـصــيـــدِ و مــا أحـلى قصائــــــــدَه
يجـــــــلو الـبــيـانَ كــــما شمــسُ الأصـيـلِ تُرى

فـــــــلـــــتسمعي ســــيرةَ الحُبِّ الـتي بـــــــرقتْ
نجــــــــمُ الســــماءِ لـهـــــا تستبطِئُ الــــــقَدَرَا

لاقيتــُهُ يومـاً كالـــــــــــــبـدرِ مـــؤتـَــلـِــقـَــاً
و الـنــــّـاسُ من حــــــولي أهلُ الهوى زُمـَرَا

غنَّى الرَّبيعُ و قلـــبي و الجـــــــــــوى و كــــــذا
راحـتْ شـِفــــاهِي بِلــثمِ الإِسمِ إذ ســـُـــطـِرَا

لما رنا و غــــدا كـــــــالنَّسرِ مـــــُـــــزدَهِــيـاً
فــــ القلبُ يعشقُ... مــن لا يعشـــقُ الـقـَـمَرا ؟!

عيني له هَمَسـَتْ ... كـــــالكـهــربــــا هـَتَفـَـتْ
كالبرقِ بــــــل قرَأتْ في عــــيــنــِـــــهِ ... وقَرا

: حيرتَ قلبي ... و شـــوقي كـــالجــحــيمِ لظى
إنسانــُـــكـم بســمــائي بـــــالـــنــُــجومِ زرى

فـ الحبُ كلُه سـهـــمٌ مـــــن كــِــنـَـانتــِــــــكـُم
بِهـَــواكَ يسري دمي و الغــــــــــــيرَ أنـتَ أرى

***

هاكِ المـــــدامـــةَ هــاكِ الكأسَ و الــــــــوترا
إنِّي ثمـــــــــــــلــتُ ... و خمـرُ الحـبِّ فيّ سرى

إنِّي ثمــــــــــلـــــتُ ... و أنتَ الحُبّ أســـكـَــرَني
بــل أنت عُمري ... و شـيـــــخُ الشّعرِ و الشُعرا

عودتَ عيني على رؤيـــــــاك ... مــِــــــــــــروَدَهـَــــا
أمسيتَ بـــــل نـوراً لــهـــا بــلِ الـــــبـَـــــصَرَا

و إذ أكذِّبُ نفسي في مـَـــودّتــِـــــــــــــــــــــــــــكُم
نفسي تـُـكـذِّبـُـني ... صـِـــدقٌ بـــــِــــكُم حُصــِرَا

هــــــيهــــــاتَ ... إنِّي نسيتُ النّومَ أرَّقــــــــني
و الحُلمُ لاحَ لـــنــــا ... في أرضِنــا نَهـــَــــــــرَا

***

هاكِ المـدامــــةَ هـاكِ الكأسَ و الــــــــــــوترا
فــــالخمــرُ في شِعــرِهِ إن شِعـْــرُهُ سُطـــِـــــرَا

قـالــت بــنـو عـُـذرة لـِـعــــــــــــاشِقٍ مـنهـــا
: لو اخــتـلـيتَ بِهـا أفــتــقــطُـف الثــَّـمرا ؟!

فــقـــــال تـالله في الســـِّــــــــــــرِّ و الجهرِ
نكــن كــــما تهــوى أخلاقــُــنــا ... كــُــــــبرا

فمـا أخــالـُــهـــُــمُ إلاَّ كـــــَــــــما نهـــوى
و أنــتَ مــن أهوى قلـبي... و مـن دَحـــَـــرا

فــإن أصــلِّ أقـــل إيـــَّــــاكَـ نـــــاسـِــيــــةً
أخافُ مـن شـــــــِـــركٍ أكـــــرِّر السُّــــــــوَرا

و إن أصـم فما في الجـوعِ مــــــــا يُضــــــني
و إنَّ بي شـوقــــاً... فــــــلـــتـــفــهــمِ الخبرا

عجـــبي لـــزُهــدِكُمُ في نســـــــــوةٍ عشـــِــقتْ
أنـــــفــاسـَـكم فـَغـَـدَت من وجدِها صـــُــــوَرَا

و في تـَعــقـّــُــبِهَا يسري تنـــــفـّســـــُـــــــهـا
يــؤذي تــغــيــّـبُها صـَـدراً قـــــدِ اســــــــتـَعَرا

عجـبي لـزُهــدِكُمُ ... و أنـتمُ قـــُـــــــــــــلــتُم
:"إنَّ الجمــالَ لكم عـبـدٌ " و قـــــد خـــُـــبِرَا

***

هـاكِ المــــــدامـــةَ هـاكِ الـــكأسَ و الــــوترا
أهـريـقِ تـلــكَ ... فـــــلا تــــُـبـــــقِ لـهـا أثرا

يا قلبي آهٍ  ... فمــــا ردّ الجـــــــــــوابَ و مــا
في عـــــيـنــــهِ إلاَّ حـــــــاءً و بــــــــاءَ أرى

فـــــإن هجرتـكـ هجـــــري ليس يـنــــــــــفــعنُي
وإن وصلتـُــكـ من يُعيدُ ما  كُســِــــــــــــــــرا؟!

قـالـوا الهوى غلاّب ... قــــلـت بـــل قــــــدري
و مـن فديــتــُــكمُ قـد يغـلــبُ الـــــــقـــــدَرَا؟!

***

نـــاجــــيـتـُه لـيـلاً و الحـُـــــــزنُ في صــــــوتي
أبديــهِ من حـــــُــــــبّي عـــــــــــلّ الوِدادَ أرى

يا من هــويـــــــــــتُ و لم أدرِ الـهــــــوى إلاَّ
في يـومِ لــــُـــقيـــانـا ... قُم أخــــــــبِرِالبشرا

أخــــــــــــبرهُمُ أنـّا في الحـُـبِّ ســــــــاداتٌ ...
و الشِّعر أربابٌ نـــقـــــضـــي بمــــــــــــا قُـدِرا

و افضـــــــــحْ مــُؤامرةً في الحـُبِّ قــَـــدّرهـــا
و حـــاكــهـــا بـظـلامِ اللــــيـــلِ مـــــن مَـكرَا

ليستْ محـــــبـّــتُهُم مــن حُـبـِّـــنـا شــــيــئـــاً
ذاك الســِّـــفـاحُ ... و لكن زيـّفـوا الصـّــُـــــورَا

تـعــــالَ أخــبِرهُم أنّ الســـــــَّـــــلامــــــةَ في
حُـبِّ الــــعـفافِ تــــعـالَوا فاقـتــــفــوا الأثرا

و بـــــيـِّنَنْ لـــهُـمُ في الشِّعـــــــرِ في خُـــبـــثٍ
كـــــــادوا لــقافـيــــــــةِ الأبـــيـاتِ فـــانتشرا

و خــلّطـوا أزجـَوا في الشـِّعرِ مـــــركَبَهـُـــــــم
و بـدّدوا قــالـوا : "الــــتــجـــديدَ نحن نـــرى"

فأدخــلــوا فُحشاً في الـــــــــــقـــولِ ثم بـَـــذَا
ءَةً بـــألــفـــاظٍ ... فــأوهمـــــــــــوا البَشَــرا

أخــــــــبرهُمُ حِبي و هُمُ بــــغـفلــــــــــتِـهِـمْ
أوقـــــــِـــــظـهـُــمُ حِـبِّي و الــنومُ قـد غَمَـرا

أخــــــــبرهُمُ أني مـِــنْ بــــــــعدِكـــُــم أرضٌ
مَحـَـلـَـتْ فما أبـْـقـَــتْ غـُـصـُــنـَاً و لا شَجَـرا

***

هاكِ المـدامَــةَ هـــــــــاكِ الـكأسَ و الـــــوترا
و لــتسمعي قصــَّـــتي مـع سيــــــِّــــدِ الشُّعرا

فات المعاد خلــــيـــــلي هـــل تُراكـَ غـــــــــداً
تـُبـدي الـوِدادَ لـنـا في الصـّـُـبـحِ إن سـَفـَـرا ؟!

ســـهــــــّـدتــــَــني ... أغداً ألقاكـ يا قمــري ؟!
ســـهــــــَّـدتــــــني أغـــداً ألقي بسـُــهدي ورا؟

فـالذَكرياتُ كشــــــوكٍ في الـــــــورود ... فـــــإن
تــــُــدمِ الـورودُ فـَـقـَدْ رُمـــــتُ الشَّذى العطِـرا

و غـاب عـــنِّي الامل ... بعـــدَ الغـــيـــابِ كـما
تأتــيـــــكـَ قــافـــيــتي فــــــلا تجـِـــــــدْ أثرا

أنا بانتظارِك لا تــــُـــــزجَى مَطـــيـــِّــــــــتـُنـا
و لا تنـخّ ... فسُبــــــــحَانَ الذي قــَــهــَـــــرَا

هاكِ المــدامـــــــةَ و استجدِيـــهِ قـافــــيــــــةً
كالصــّبـــحِ في سَــفَـــرٍ كالــلـــــــــيـثِ إن زَأَرَا

فات المعاد ... و راحـــَــتْ الابتسامــــــةُ ... لــو
يـغــني الــبُـكا لجــرى دمعي لــــــكـُم لســــرى

و الهجرُ طال و قـــــلـــبي مـــُــــــــدْنِفٌ و دَمِي
يَـغْلِي ... و في عَينِي حــَـــبــِـــيْــبـُـهَـا وَقـَــرَا

أقـولُ آَهَاتٍ فـَـيَصـْـــطـــَــــــــــــلِي أَبـَـــــدَاً
منْ حَـرِّهَا عُمُرِي... خِلِّي : فَطـــِـبْ عُمــُـرَا

و نَمْ و قــــَر عـيــنـــاً ... فـــــــقـد نسيتُ النّومَ
عـِشْ كما تهـوى إنْ في الــهــــَـــــوى ضَجَرَا

ها قـــد ظَلَمْنا الحب ظلــماً ... فــأظـلـــمــــتِ
الشــمـس الـَّتي طُمِسَت... فأخـفت الــــعِــبرا

و أقبل الليل في وسْطِ النّهـــــارِ ... فـــَـــــــــلِمْ
أرنـــــــــو فــــــلا ألـقى نجماً و لا قــَــــمَرَا؟!

فــــلِمْ تُرى ينسى ؟! فـهـــل يَرى بـــــأسـا؟!
إن جـاءني بِمَســـَــا أو جاءَني سَحــَــــــــرَا؟!

أم أنـّهـــَـــــا دارَتِ الأيّامُ تـعـــــــــكسُ مـــــا
رُمْنـَــا ؟! أيـا قــــلبي : فـــــــــــاستَنثِرِ الشّـَـرَرا

و يا فؤادي فـــــــلا تــــــــــُـبقِ على طــَــــرَبٍ
و يــا دَمِي فـَـاجْرِ كالدَّمــْـعِ حــــَـــيــْــثُ جَرَى

و ذا رِثَـائي عـــــــلى الأيــــّــَامِ أنــــــــــدُبُهـَا
و ذا بـُـكائِي عـــــــــلى الأطْلالِ مـــُــــــــدَّكــَـرَا

قالوا الهَوى غلَاَّبُ ... قــُـــلــتُ بـــل قـــَــدَرِي
و من فـَدَيـتـُـكمُ قد يَغْلـِـــــــــبُ الـــــقـَـــدَرا؟!

***

أنا بانتِظِارِكـَ لـــيْـسَتْ أنـَّتِـي شـــــــَـــــــــــدْواً
فـإن تــَــــرُقْ لـكُمُ فــَـقـَـــــدْ تجــِـــــــــدْ أثَرَا

إنْ كـَـانَ يَمـنـعُكمْ عــنـّا الـعَــفـَـــافُ... و ربّي
للنّســـــــيمُ يــــــــــدي تخشى إذا خـَــــــــطَرَا

و إنْ لأســْتـَــحـيِي و أنـتَ عـــــالِمـُــنــَـــا
في الــــدّارِ مِنْ هـِــــــرٍّ أو طــَــــــــائرٍ أنُ اْرى

أو كانَ يــُقــصِيـكُم مـِنـّـا الـكـَــفـَـافُ ... فـهـل
في مـُـلـــــكـِـــكـُم أَغـْــنَى و أنـْــــــــتُمُ الأُمَرَا!!

***

فَالخـَـــوْفُ قَطـــّـَـــعَ أحشَائي و لسْتُ أجِــدْ
في الصّـُـحْفِ و الـرَّائي خـَـبَراً عـــنِ الشّـُعـَرا

أهـــــــوى شَجَاعـَــــتـَهُ أخشى شـــَــــهـَادَتَه
فـــــــــــالحَربُ طَاحـــِـنـةً و الــبـَأسُ مُستَعِرَا

و الــــــنـّـَــــــاسُ لاهـِيـةٌ عــنِ الشـّـهَـادَةِ في
حــُـــــبِّ الـــــــفَــــنـَـا إلاّ ساداتـُـنـَــا الأُمــَرَا

فـَــــالخـَوفُ إن غَـلــــــّــــــتْ حـِـبّي مـنـيـّتـُهُ
أبـــقـى مُلـوَّعــَـةً أستبطئُ الـــــــــــــــــقـَـدَرَا

و إن بعيدً عنكـَ جـــــــــــــــاءني مـــــــــــوتي
فـعساكَ أن تشفـع في الخلُـــــد ِلـلـــــشّـعــَـرَا

عســـاكَ أن تشــــفـَـعْ يـا صـاحـِـــــبِي لهُــمُ
و فــِــــيْــــهِمُ أُنــْـــثَى مـِـــنـْــهـُـمْ مِنَ الكـُبَرَا

فــــنــــلـتقـي فـِــيـْـهَــا ... فَــتَـشْرَئِبْ تِيـْـهـَــا
تذوقُ مــــــــنْ فـيـهــا مـا لمْ تـذُقْ ... ثَمـَــــرَا

و إن يـــــــــــــــدُمْ أبداً هذا الــــفـِراقُ لــنــا
فمـــــــن فديـــتــُـكمُ قـــــد يـغلبُ الــــقَدَرَا؟!


***









مع تحيات الموقع الرّسمي للأستاذ ابن نزار الدمشقي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظه © ابن نزار الدمشقي

تصميم الورشه